علجية عيش - بين الحُبِّ و السياسة

كان يتواصل معها باسم مستعار، يحمل اسم شخصية مرموقة و يضع صورتها، رجل في كامل وقاره ، و لأنها رهيفة الإحساس ، تعلقت بتلك الصورة إلى حد الهيام و هي التي كانت تبحث عن قليل من الحب و الحنان، تأثرت بكلماته ، خيل إليها أنها تتواصل مع شاعر مرهف الحس مثلها ، استمر تواصلهما يتبادلان الرسائل عبر المسانجر، و النقاشات في مختلف المسائل و القضايا ، هو مثقف بدون منازع، و شاءت الأقدار ان يتلقيا في مناسبة ما، ذاك الرجل الذي كان يضع صورة شيخ كبير، فإذا به شابُ في غاية الجمال و الوقار، إنه السيّد فلان برتبته المهنية، كل شيئ تغيّر حتى نبضات قلبها، لم تعد كما كانت عليه في السابق، وهي التي كانت تتكيف مع واقعها ، تغيرت نظرتها إليه
يا الهي.. أهذا بشر أم ملاك؟
هل انا في الحلم أم في اليقظة؟
لقد وقعت في المطب، أخذت تحدث نفسها
- هل هو الحُبْ؟
- لا لا ... لا..
- لا.. بل هو الحُبْ
- و هل يكون الحب من أول نظرة؟
- قد يكون و قد لا يكون
التقيا على طاولة واحدة، تناولا الغذاء معًا، كانا صامتان كالصنم، كان يأكل منحنيا برأسه تجاه الصحن، أما هي كانت ترمقه بعينيها، فجأة هزّ رأسه ، أنت لا تأكلين؟ لست جائعة.. ردت عليه مبتسمة، و قالت: سعادتي بحضورك جعلني لا أشعر بالجوع، ظلت ترمقه و في أعماقها هزة عنيفة من شيئ لم تدرك حقيقته بعد، ربما وقعت في شباك الحُبُّ ، شباكه هو..
حاول كل منهما أن يعبر عن فرحته للأخر، لكن بحركات و صور مستعارة و كلمات أكثر نداوة..، نعم حين تبدأ في اكتشاف ذاتك الجديدة، تجد نفسك مجبرا على إبداع كلمات الحب الأصيلة و الصور الشعرية المبتكرة ( ورود بألوان مختلفة و غناء العصافير و كل شيئ يجعلك ترتعش له
طالما وقعت في المطب .. هي أسيرته إذن؟
الحقيقة لا أحد يدري من وقع أسيرٌ للآخر، هو أم هي..، المهم أن كل شيئ تغير فيها ...نظرتها، نبضات قلبها، حتى أسلوبها في التعبير و الكتابة تغير، لم تعد تكتب في السياسة إلا الشيئ القليل، بعيدا عن السياسة ، الحياة شكل آخر، تشبه الطيور و هم يحلقون بعيدا ، تسمع زقزقاتهم، أما لو ارتبطت السياسية بالحب فكل شيئ سيتهدم، و هاهو هادم اللذات قد حضر، دخل بينهما نقاش حول الشيخ فلان، حين تبدأ السياسة كل شيئ يتوقف، حتى نبضات القلب يصيبها الشلل، هو الموت البطيئ الذي يقتل فينا كل شيء نحبه و نريد التمسك به.
لست أدري .. من يقرأ هذه الكلمات ، بأيّ لغة سيقرأها؟ هناك كلمات لا تحتاج إلى شرح أو ترجمة، لكن قليل من يفهمها، مهما كان مستواه و مهما كانت درجة ثقافته، ومما كانت مشاعره ، فالرومانسية لا يمتلكها الجميع ، و هذا بحكم المهام التي يمارسونها و التي تجعلهم قساة مثل الحجر، بل أكثر قساوة، هناك من يحييك بالحب و هناك من يقتلك به، ففي الحب كل شيئ مشروع و في السياسة كل شي مباح، ويبقى لكل واحد عُملته، و شتان بين الإثنان، في كل الأحوال علينا أن نختار بين الحب و السياسة؟
علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى