د. محمد الهادي الطاهري - تحولات عبد الله المجنون 4

كانت المحجوزات في مجملها أوراقا عدى جهاز كومبيوتر وهاتف محمول. أما الكومبيوتر فقد تولّى أحد رجال المباحث فكّ شفراته واطلع على جميع الملفات المخزّنة فيه فلم يعثر فيها على شيء ذا بال، إذ كانت ملفات كلها عبارة عن جداول إحصائيّة وكشوفات وبيانات عمّا كان عبد الله ينقله في شاحنته كل صباح. أرقام ورموز لم يفلح موظف المباحث في الكشف عمّا تشير إليه فاكتفى بأن لخصّ تقريره في فقرة قصيرة يقول فيها " الأرجح أنّ المتّهم كان يوزّع موادّا عالية الرواج بين الناس، قد تكون مواد غذائية وقد تكون سجائر مهرّبة وقد تكون مخدّرات". وأمّا الهاتف المحمول فقد تولّى أمره الملازم عمّار نفسه واستطاع بمساعدة أحد أعوانه الشبان أن يفك شفراته بسهولة، وتبيّن له من الهاتف أن لعبد الله رقما واحدا يتّصل به مرتين كلّ يوم، مرّة عند الساعة السابعة صباحا ومرة عند منتصف النهار. وبالتعاون مع مصالح الاتصالات تمّ التعرّف على صاحب الرقم المتصل واسمه عبد العزيز الشيحاوي، وكشفت الأبحاث بعد ليلتين أن عبد العزيز هذا قد عُثر عليه ميّتا في منزله قبل شهر، وأنّ سبب الوفاة وفقا لشهادة الطب الشرعي هو الاختناق بالغاز. وليس في الهاتف بعد الرقم سوى مجموعة صور لعبد الله وهو يركب الشاحنة أو وهو ينزل منها. وأمّا حزمة الأوراق فقد كانت ضخمة جدا. وهذا ما استدعى فريقا من رجال المباحث لقراءتها والاستفادة ممّا فيها لعلّ ذلك يساعد على جمع أكثر ما يمكن من معلومات حول شخصيّة عبد الله. وبعد شهرين من القراءة والتدقيق حرّر فريق المباحث تقريرا ملخّصه أن عبد الله شخصية في غاية الخطورة ولابدّ إذن من الاعتماد على ما جاء في أوراقه من بيانات كثيرة لحماية البلد من كلّ خطر داهم. وفي ما يلي عرض لهذه الأوراق كلّها وفق نظام الترتيب الذي اختاره عبد الله نفسه.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى