شلال عنوز - حَيُّ ابنِ سَكران..

في مساءٍ

موغلٍ

بنَوباتِ

الحُزن

يَسْتَشيطُ أَلَماً

على حافة

المَأساة

مُسْتَفزّاً

يُقامرُ بهِ

جنون الريح

يتلوّى

على دَكّةِ

العذابات

يُناجي

وجيبَ خيباتِهِ

المُتلاحقة

ينتظرهُ

على أسرّةِ

الفَقْد

يَمْتَحنُ

لُهاثَ الطريق

يُسائل

طواحين الأرق

ما لهذهِ الدروبُ

باكية تُشير

إلى الهاوية

وشراهةُ اليَباس

تَذبح

رقص المواسم

**

ينتظرُ ...

ساعيَ البريد

رُبّما

يحملُ رسالةً

لكنّ الكُوّة

مُغلقة

والسُعاةُ

لم يأتوا بعد

الريح

منحوسة المرور

تقتلع فسائل

المُنى

كلّما أومأَ لها

بالتريّث

كي يراه

غَرّبَتْ سفنها

وغادرت موانيه

العطشى

مَن يُوقظ

غَفوة المَجاهيل؟

يكتب...

مرسال الوجع

ل (حيِّ ابنِ سكران )

آه يا(حيَّ )....

أيها المتأمّل

في قَعر

الوَحشة

المَنبوذ

في فنجان

الوحدة

المُثخن

بطعنات

الأقارب

الأباعد

المُمتحن

بجَوْرِ المأساة

تَحترقُ المَسافات

شَغَفاً

الدروب

أكلتنا خُطى

وأنتَ بعيد

تَتضوّر قهراً

في كبد

العاصفة

تُراقب هُزالَنا

رُقادَنا

احتدام

المصائب فينا

لم تَقتربْ

لأننا غارقون

في صيد مَلذّاتِنا

التي نفقت

في مَتاريس

اللَهو المُسرطن

وعَنترياتنا

الراقصة

في الفراغ

**

في عَراء الوقت

يتناسلون

مواكبَ تَمرُّ

وأنا جالسٌ

عند مُفترق الطرق

علّني أراكَ

ولَو في المَنام

كل الذين مرّوا

أَوْدَعتُهم

رسائلي إليكَ

مَرَّ الوقت

عَقيماً

وما زلتُ أنتظر

الوقت يَأكلُني

يأكل

عصافير الأمل

اتّسعَ الوقت

صار مدى

من ضَجيج

يَلتهمُ ذاكرتي

التي يَلْهو بها

النِسيان

سَجين أنا

في رئة

المنفى

أَعِدُّ مَطارق

الوجع

أَغوصُ

في بئر

صراخ النَدم

حاسراً أترقّب

والناس سُكارى

تلك العجوز

الشَعْثاء

تُشعلُ البخور

في جوف الصمت

تَندبُ

شَتات الحظوظ

الضائعة

في زَحمة التِيه

وتَلعنُ

مَوتَ ضمير

السُلالات

**

رأيت ذلك الكفيف

الذي يتوكأ

على القصيد

منهوكاً

أهذا بشار بن برد

إمام الشعراء

المُولّدين؟

أبومعاذ هذا

يُطاردُهُ

جَلّاد أرعن

بسوط التجهيل

كلما نَضجَ

الفكر

اتّهمناهُ

بالزَنْدَقَة

عازمون

على غَلقِ

نَوافذ الأمل

كي ينتحر

نديم الفرح

ويَتسمّم

نَسْغ البشارات

لا نُطيق العَيش

في الهواء

الطَلْق

نُقدّس

جُدران الخَرافة

نَدَّخر

مَتاريس التَلوّث

خوفاً من

هَمس البَياض

أَرأَيتُم...

كيف نَخشى

نَسائم البَياض؟

نَرقص

في مَتاهات

السَواد

ونُقاتل

بالتفاهات

كلّ جَديد

**

مَرَّ الوقت

يا (حيَّ ابنِ سكران)

مَرّت معهُ

قوافل المُعذبين

تَتْرى

رأيتُ ورأيت ورأيت....

رأيتُ (الحَلّاج) يُقادُ

إلى جُوع

مَقصلة

ليُقْطَعَ

رأس الحقيقة

ويُوارى

باب

لا يُراد له

أن يُفتح

مُدمنون

بغلق الأبواب

تَوّاقون

للرجوع

إلى الوراء

كلما أينع الثمر

طاف الديار

غبش الرحيل

لقد ملأنا

قلب (عليٍّ)

قَيْحاً

وقَطعنا

رأس الشمس

في كربلاء

أَرَأَيْتُم ....

كيف

نخون العهود

نقاتل

ضحكة الضوء

نتقن

صناعة

الشرِّ

ونقتل أنفسنا

لِئلّا

نَكون

**

العواصف

تَبتلع

ابتسامة الضُحى

تَسْتَبيح

إشراقة النهار

ليس هناك

سوى

نَعيق البوم

في أُفق

سُدُم البلادة

أَبحثُ عنهُ

في طرقات

الحَيرة

أُنادي...

لا شيء غير

مُكاء الصَدى

كُلَّما

أَمعنتُ النظر

في دروب

المساء

احترقتُ خائباً

مُفلسَ اليَقين

واه واه ...يا (حيَّ ابنِ سَكران )

التَوْق

يَحترق ظَمأ

وليس هنالك

مِن خبر

هأنذا

أُفَتِّش

في جيوب

الوقت

عن السِرِّ

المَفقود

والمشاوير

تُهرولُ

عَمياءَ

في بَلاهَة

الدُروب

تَصرخ مجنونة

في مَدائن الآه

كُلّما علّلتُ نفسي...

بخيرٍ آت

أرتدُّ وطَرفي

حَسير

ينفخُ

في قاحله

السَراب

**

في جُزر التِيه

تَستبدُّ بي

أنياب الوحدة

تَطحنُني

رَحى الوحشة

شراسة الزمن

الموبوء

تَجهز عليَّ ...

على ما تَبقّى

من حُلمي

المُستلب

أنام على

شَفرة الأنين

كلّ الذين يمرّون

يَرتدون

صَفيح الخُذلان

هم دُمى

مِن طَنين

يَعبَث بهِمْ...

زمن هارب

وَحدي

أَنتحب دَماً

والفراغ

يمسح دمعي

بمنديله الإسفلتي

**

في هذه الغابة

المُكتَظَّة

بالعويل

بالمقابر

المهدور

دم ساكنيها

المُسوّرة

بمشاجب الموت

الصراع على أشدّهُ

بين الذئاب والأفاعي

والعسلان

حين يَفتكُ

أحد المتصارعين

بغريمه

ويُسقطهُ أرضاً

يَتركهُ مطروحا

لا يُجهز عليه

لا رأفة به

سوى استمرار

لعبة الخوف

بذكاء

وحده ابن آوى

يراقب المشهد

ينتهز الفرصة

ليكون

هو السَيّد الحصري

**

حينما اكتملت

اللَوحة

خَيّم هنالك

السُكون

وغادر

قطار العمر

المَحطّات

نعم يا (ابنَ سَكران)

غادر القطار

المَحطات

كل الذين عرفتهم

رحلوا

ما زلت أنتظر

علّك تعود يوماً

راجعاً من سَفر

بعيد

حدّثنا....

هل رَأَيتهُ

في جُزر العَجائب؟

هناك في (الواق واق)

هل التَقَيْتَ (حَيَّ ابنِ يَقظان)

وأنتَ تركض

عارياً

بلا وطن؟

هل عَثرتَ عليه

يشرب حليب الأمان

مِن ثَدي الظَبية

المَفجوعة؟

هل رأيتَ (آسال)

يتعبّد هناك

في قلب جَزيرة المَنايا؟

هل رَأيتَهُما يُصارعان

قلق الاغتراب

كما حدّثنا عنهما

ابن طُفَيل؟

قُلْ ما عندَكَ يا (بنَ سَكران)

لقد فاقَت عَجائبُنا

غَرائبَ

كلّ الأزمنة

**

وعِندَ المَساء

رأيتُ

رفيقاً لي

في جَفن

المِحنة

قالَ لي

وهو يَحزم

حَقائبهُ

مُغادراً:

لاعودة لي

حتى يرحل

بائعو الوطن

هل تُرافقُني

في رِحلتي القَسريّة ؟

أجبتهُ

وأنا أجثو

مُقبّلاً ثَراه:

لا رحيل لي

أدمنتُ

صبر الانتظار

في تخوم

الهزائم

النكبات

وهذا المدى

المُخضّب

بِدَم الصباح

لابُدّ للعاشقين

أن ينتظروا

سَنا فَجر

إشراقة أمل

مَخاض وِلادة

وما زلتُ

أُصَلّي

عند مَسلّة

الوقت

علّ الغيث

يهطل

ويرحل

أرق الجَفاف


***

نص / شلال عنوز
النجف : 13حزيران-10/ تموز/ 2022

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى