كاظم حسن سعيد - حياتي مع هاتفي

اقاوم سحره فيصيبني بالادمان..هو مخلد الذكريات والمشاهد..اول شيء يذكرني به طلوع الصبح..حافظ وثائقي..يلاحقني بالطلبات المرسلة عائليا ..توترني فيه الصباحيات الفارغة فاعتصم بموهبة المسح..لكنه مآزر فعال..فقد منحني ميزة الدليت..فصار الغاء المزعجين وطمرهم للابد اسهل من شرب ماء..لم اعد احمل قربتي كسيبويه فاتوغل بالفيافي بحثا عن المفردات..انها ضغطة زر وارى كل اللهجات...اغلقت شاشتي الواسعة فكل الفضائيات طوع يدي..لم اعد استقل الباص لساعات لاوصل رسالتي..حسبي اقصد الواتساب ..لم اعد بحاجة لمنبه الوقت ولا طبول المسحرجي برمضان.. وحين فقدته يوما رمشت عليه فعاد لي..لكنه ذات يوم لم يعد فقد تمكن منه لص..وفقدت اجمل ذكرياتي واخطر اسراري..ورغم رمزه العصي فقد تتمكن من فك شفرته اصرار النساء وقوة غيرتهن..لهذا اسميت زميلتي جابي الكهرباء..
اوصاني مبتكره بان اقاوم ادمانه , رأيتها فكرة نابضة .. حاولت لكن سحره وحاجتي له اقوى مني ..فانا لي فضول معرفي اشبه بالهوس .. اتمكن ان اقرا الرويات منه وانا ممدود على فراشي ..وهو جاهز للاجابة عن أي سؤال .. فرق اسلامية , ثورات تاريخية منسية .. نباتات غامضة .. احداث كونية واضطرابات معاصرة .. معتمين لاجل النهب وسيهم في وجوههم .. فلسفة العلوم ..لم يعد يحزنني كتاب لا اتمكن من اقتائه فهنا مكتبة مجانية لا متناهية ..وقد ادهشني تطبيق التكتك الذي يقدم لي وجبات فاخرة حتى علمت بفكرة الذكاء الصناعي الذي يتسرب فيه ..
اول سؤال لضيوفك رمز الشبكة .. ثم ينغمرون فيه ..فلا تحتاج قصصا تقدمها لهم ولا خدمات .. حسبك فنجان او قدح شاي او عصير واتركهم بهواتفهم ... انظرهم يتهاوون في الشوارع لانهم سائرون واعينهم على الشاشات .. في مرة حاولت احدث حفيدي عن النبي سليمان وبعد جمل قال (اقطع .. اعرفها ) . < كيف ؟ > (الهاتف اخبرني عن النملة) ... فسكت .
حقا لقد غيرت حياتنا الهواتف .
كاظم
كاظم حسن سعيد
كاظم حسن سعيد \ العراق

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى