مقتطف كاظم حسن سعيد - الحريق (مقتطف من رواية حي سليطة)

ستجرى ويجرون …ربما بدات كلسعة افعى ,في ظهيرة تموز .الحى يجهز عليه جحيم الشمس والتعب ,الناس في ركود ابو بسام يعزل عروق السوس الفاسدة … ابو احمد يراقب العمال يعبئون الاكياس في المطحنة (يمسد كرشه بيمناه متاففا من شرار الجمر في الشحم المتراكم ….ابو صلاح يوزع اقداح الشاي في مقهاه بام البروم….جمانة تجردت وتكورت في سريرها… مويجات الجزر تسحب اخر فلولها فاضحة جحور الكائنات في الجرف ,وهي تسوط الاغصان والطافيات .
الاحياء المسمرة الساكنة تهتز من المفاجآت لانها نادرة ..الرتابة لغة الحياة ,,السلوك نسخة مكررة ,,خمدت الجمرات في التنانير.. ام نزار تتلوى مصهورة ….. ينفخ في بوق خفي معلنا قيام الكارثة ….
ربما تبدأ بعود ثقاب ,سهوا او عمدا , او نضجت عبر زحف ناري استغرق دقائق …. والتحم الجحيمان مصهور الشمس ونار القصب ,
الحبال الليفية تتخلى عن قوة عقدها … خصاص القصب تتباعد عن بعضها ….تلتحم جثث الصرائف في ملحمة الرماد , الجرذان والذئاب والقطط والكلاب تتمكن من الافلات ,النيران تعتقل الوثائق الثبوتية والصور الشمسية ,تتخلى الصفائح عن عناوينها والوانها ,الدخان في كل مكان ,,,السابقون يخبرون الراكضين , لا تحتاج النيران ان نشبت الى كثير من التساؤلات الا سؤالا واحدا يتم قذفه قذفا ويجيء الجواب على عجل : (بيت سليطة وجيرانها) .
بالسطول والقدور والعصي واخرون بالمجارف والمعاول ,,البعض هرعوا بالصفائح والزبلان …برهان يتسلق الجدران القصبية المرشحة للالتهام ويبدا بتخليص البواري المثبتة بالحبال , لا يخشى زمجرة النيران المتوثبة , يقفز الى بيت اخر مع اخرين ينقلون الاثاث الى مسافة امتار :(ينقذون ويسلب اخرون ) ..
هناك راى برهان في بيت تحاصره النيران..مراهقة مجنونة شعثاء ترتدي ثوبا احمر ,ربطوها على شباك خشبي تعترضه قضبان , تتسع حدقاتها وتصرخ في وجوههم رجال الاطفاء يتسلون بلعبة الدومينو او يشخرون في الكراسي ,,بعض الشقاة يراودون صبيا في مقبرة الانكليز …
لا تصمد بيوت القصب امام النار صيفا اكثر من نصف ساعة
عباءات يسوطها الفضول خارج الابواب ,, مراهقات يخترقن الجدران بحجة الحريق ..فرصة للاستعراض…
سلحفاة الاطفاء اخر من وصل ,,,مدوا خراطيم المياه على الجمر والرماد..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى