قالت جدتي : الى متى سأظل أحكي لك قصة الجنيات الثلاث، وأنت في كل مرة تزداد أسئلتك وتتنوع ؟
– في كل مرة تروين قصة الجنيات الثلاث تنمو الأسئلة كما ينمو العشب الأخضر في ثنايا روحي وعقلي .
جدتي : كنتُ يا صغيرتي كما أنت الآن ، أنا واخوتي نلتف حول المدفأة الحطب ، ونبدأ بالتحديق في قطع الحطب وهي تشتعل لتعطي نورا وانارة، وما أن يتحول الحطب الى رماد ، تكون جدتي قد سردت علينا قصة الجنيات الثلاث لكي نشعر بالقناعة والرضى
– هذا هو سؤالي . القناعة والرضى فأنا دائمة الشوق لتلك الحكاية وأيضا الى لمعان عينيك يا جدتي , وأحاول احاول أن ارويها لصديقاتي في المدرسة , البعض يسمع والبعض الاخر يرى انها مملة , وهناك من يوافق على موقف الجنيات الثلاثة والبعض يشعر بالاسى .
جدتي : امي سمعت الحكاية من جدتها وأنا الان اعيدها عليك ولعلك يوما سوف ترويها لأولادك وبناتك أيضا .
– خفق قلبي خفق قلبي أتراني سوف اكبر سريعا وأدرس وأتزوج … ثم أسرد الحكايا لأولادي وأحفادي.
جدتي : أين أنت
– أنا معك يا جدتي
جدتي : كان يا مكان , ولعله كان في هذا الزمان أيضا هنالك جنيات ثلاث , الاولى اسمها ياسمينة والثانية ابتسامة والثالثة سعادة , كن يلعبن في الغابة لعبة “الغميضة” تلك اللعبة التي يحبها الاطفال في كل مكان وزمان , وضعت القماشة السوداء التي تحُجب الرؤيا على جبين ياسمينة واختبأت باقي الجنيات , وفي الاستدلال على المكان الذي تختبئ به باقي الجنيات ,ذاك يعتمد على البصيرة وعلى أي صوت أو حركة باستطاعتها الارشاد , بدأت اللعبة مع الضحكات الى أن سمعت الجنية ابتسامة صوتا خافتا مكبوتا , رفعت العصابة من على عينيها لترى زجاجة مدفونة في أسفل شجرة سرو كبيرة جدا و فنادت صديقاتها ابتسامة وسعادة لكي يتساعدن في ازاحة التراب .
شهقت الجنيات الثلاث , فتردد صوتهن في الغابة اتدرين ماذا وجدن؟
زجاجة خل صغيرة بداخلها زوجين امرأة ورجل يصدرون الآهات والبكاء والرجاء في ان يكون لهما نصيب من الحرية , وبيد واحدة فيها كل التأني والحذر كسرت الجنيات الثلاث زجاجة الخل , وابتدأ المشوار مع هذين الزوجين .
هذا كوخ صغير تحيط به الاشجار – البرتقال , الليمون , الكرز , المشمش – وهذا نبع ماء صاف بالقرب من الكوخ , حطب – موقد .
العصافير تغرد من على الاغصان … الخضراوات.
” حاولت ان امسك بصورة الكوخ فلقد كانت جدتي بارعة في اعطاء تفاصيل هذا الكوخ الجميل.
الى أن رجعت من عالم الخيال الجميل على صوت جدتي التي شعرت بانني قد سرحت بعيدا ” .
جدتي : أين انت؟
– أنا معك في داخل هذا الكوخ الجميل
جدتي : مر زمن لا نعرف له تحديدا , عادت الجنيات الثلاث لزيارة الكوخ في سبيل المزيد من الاطمئنان على الزوجين , وما أن اقتربن من حواف الكوخ حتى سمعن سيلا جارفا من الشكاوي والتذمر هذا نبع ماء بعيد / هذا برد قارس / وهذا وهذا / حاولت الجنيات اعطاء بعض التلميحات للزوجين , هذا حطب وهذا موقد في وسعهما اعطاء الدفء , هذا نبع ماء صاف , مياهه تسري في الروح قبل الجسد , وهذه البلابل التي تشدو هي أيضا رفقة ومحبة…
ولكن!
ولأن الرحمة كانت هي قاموس الجنيات الثلاث , كان القرار أن ينتقل الزوجان الى بيت أكبر بعيدا عن الغابة فيه كل ما يحتاجان اليه .
وكانت العودة لزيارة الزوجين , وتكررت حالات الشكوى والتذمر .
وكانت تلبية كل ما يطلبه الزوجان.
ولكن في اخر زيارة للجنيات الثلاث , وجدن الزوجين خارج المنزل والمنزل في حالة فوضى مريعة , يقفان على تلة عالية.
الزوج : انظري الى تلك المنازل البعيدة , أنا واثق أن سكانها ينعمون بالسعادة التي لم نحصل عليها
الزوجة : نعم نعم لقد زارتني بالأمس جارتنا وكانت ترتدي من الملابس والمجوهرات الشيء الكثير , انها سعيدة , سعيدة جدا
الزوج يشكو والزوجة تشكو … الزوج يشكو والزوجة تعيد … الزوجة تشكو والزوج يعيد
ما من شيء استطاعت الجنيات تحقيقه للزوجين أثمر في دواخلهما بأي مشاعر ايجابية فقررن أنه لا جدوى من هذا المشوار مع الزوجين , فالعلة تكمن في مكان اخر , ليس المكان هو السبب وكان القرار :
فليعد الزوجان الى زجاجة الخل.
– ولكن يا جدتي مهلا مهلا
جدتي : ما بك
– اريد أن اعرف عن حال الزوجين عندما عادوا الى زجاجة الخل , بماذا شعرا , بماذا تحدثا , على من تقع الملامة؟
جدتي : هذا سؤال ذو اجنحة ولعلنا سوف نحاول الاجابة عليه في الشتاء القادم.
* كاتبة من الأردن
* منقول عن موقع ثقافات
– في كل مرة تروين قصة الجنيات الثلاث تنمو الأسئلة كما ينمو العشب الأخضر في ثنايا روحي وعقلي .
جدتي : كنتُ يا صغيرتي كما أنت الآن ، أنا واخوتي نلتف حول المدفأة الحطب ، ونبدأ بالتحديق في قطع الحطب وهي تشتعل لتعطي نورا وانارة، وما أن يتحول الحطب الى رماد ، تكون جدتي قد سردت علينا قصة الجنيات الثلاث لكي نشعر بالقناعة والرضى
– هذا هو سؤالي . القناعة والرضى فأنا دائمة الشوق لتلك الحكاية وأيضا الى لمعان عينيك يا جدتي , وأحاول احاول أن ارويها لصديقاتي في المدرسة , البعض يسمع والبعض الاخر يرى انها مملة , وهناك من يوافق على موقف الجنيات الثلاثة والبعض يشعر بالاسى .
جدتي : امي سمعت الحكاية من جدتها وأنا الان اعيدها عليك ولعلك يوما سوف ترويها لأولادك وبناتك أيضا .
– خفق قلبي خفق قلبي أتراني سوف اكبر سريعا وأدرس وأتزوج … ثم أسرد الحكايا لأولادي وأحفادي.
جدتي : أين أنت
– أنا معك يا جدتي
جدتي : كان يا مكان , ولعله كان في هذا الزمان أيضا هنالك جنيات ثلاث , الاولى اسمها ياسمينة والثانية ابتسامة والثالثة سعادة , كن يلعبن في الغابة لعبة “الغميضة” تلك اللعبة التي يحبها الاطفال في كل مكان وزمان , وضعت القماشة السوداء التي تحُجب الرؤيا على جبين ياسمينة واختبأت باقي الجنيات , وفي الاستدلال على المكان الذي تختبئ به باقي الجنيات ,ذاك يعتمد على البصيرة وعلى أي صوت أو حركة باستطاعتها الارشاد , بدأت اللعبة مع الضحكات الى أن سمعت الجنية ابتسامة صوتا خافتا مكبوتا , رفعت العصابة من على عينيها لترى زجاجة مدفونة في أسفل شجرة سرو كبيرة جدا و فنادت صديقاتها ابتسامة وسعادة لكي يتساعدن في ازاحة التراب .
شهقت الجنيات الثلاث , فتردد صوتهن في الغابة اتدرين ماذا وجدن؟
زجاجة خل صغيرة بداخلها زوجين امرأة ورجل يصدرون الآهات والبكاء والرجاء في ان يكون لهما نصيب من الحرية , وبيد واحدة فيها كل التأني والحذر كسرت الجنيات الثلاث زجاجة الخل , وابتدأ المشوار مع هذين الزوجين .
هذا كوخ صغير تحيط به الاشجار – البرتقال , الليمون , الكرز , المشمش – وهذا نبع ماء صاف بالقرب من الكوخ , حطب – موقد .
العصافير تغرد من على الاغصان … الخضراوات.
” حاولت ان امسك بصورة الكوخ فلقد كانت جدتي بارعة في اعطاء تفاصيل هذا الكوخ الجميل.
الى أن رجعت من عالم الخيال الجميل على صوت جدتي التي شعرت بانني قد سرحت بعيدا ” .
جدتي : أين انت؟
– أنا معك في داخل هذا الكوخ الجميل
جدتي : مر زمن لا نعرف له تحديدا , عادت الجنيات الثلاث لزيارة الكوخ في سبيل المزيد من الاطمئنان على الزوجين , وما أن اقتربن من حواف الكوخ حتى سمعن سيلا جارفا من الشكاوي والتذمر هذا نبع ماء بعيد / هذا برد قارس / وهذا وهذا / حاولت الجنيات اعطاء بعض التلميحات للزوجين , هذا حطب وهذا موقد في وسعهما اعطاء الدفء , هذا نبع ماء صاف , مياهه تسري في الروح قبل الجسد , وهذه البلابل التي تشدو هي أيضا رفقة ومحبة…
ولكن!
ولأن الرحمة كانت هي قاموس الجنيات الثلاث , كان القرار أن ينتقل الزوجان الى بيت أكبر بعيدا عن الغابة فيه كل ما يحتاجان اليه .
وكانت العودة لزيارة الزوجين , وتكررت حالات الشكوى والتذمر .
وكانت تلبية كل ما يطلبه الزوجان.
ولكن في اخر زيارة للجنيات الثلاث , وجدن الزوجين خارج المنزل والمنزل في حالة فوضى مريعة , يقفان على تلة عالية.
الزوج : انظري الى تلك المنازل البعيدة , أنا واثق أن سكانها ينعمون بالسعادة التي لم نحصل عليها
الزوجة : نعم نعم لقد زارتني بالأمس جارتنا وكانت ترتدي من الملابس والمجوهرات الشيء الكثير , انها سعيدة , سعيدة جدا
الزوج يشكو والزوجة تشكو … الزوج يشكو والزوجة تعيد … الزوجة تشكو والزوج يعيد
ما من شيء استطاعت الجنيات تحقيقه للزوجين أثمر في دواخلهما بأي مشاعر ايجابية فقررن أنه لا جدوى من هذا المشوار مع الزوجين , فالعلة تكمن في مكان اخر , ليس المكان هو السبب وكان القرار :
فليعد الزوجان الى زجاجة الخل.
– ولكن يا جدتي مهلا مهلا
جدتي : ما بك
– اريد أن اعرف عن حال الزوجين عندما عادوا الى زجاجة الخل , بماذا شعرا , بماذا تحدثا , على من تقع الملامة؟
جدتي : هذا سؤال ذو اجنحة ولعلنا سوف نحاول الاجابة عليه في الشتاء القادم.
* كاتبة من الأردن
* منقول عن موقع ثقافات