البشير عبيد - الجدار القديم

شتاء القرى ثلوج و صقيع
و البلاد التي هاجرها الفتيان
صار بامكانها الان نشر الغسيل
قبل مغيب المرحلة
هنا الصبايا الحالمات بيوم جديد
لا ياس فيه و لا خذلان
الحرس القديم يدق نواقيس الخطر
و الأقاليم البعيدة تباغتها العربات
بلا مياه أو موسبقى

شتاء المدن اضواء و ضجيج
و انفتاح المرء على مرايا
الروح
ليس ما تقوله الأمهات صبيحة الاحد
هو المنتهى و المرتجى
بل هو التجلي و البناء
ايتها الأمكنة القصية..كيف لي ان انام
وحيداً قرب الجدار القديم
بلا زهر أو لوز أو افق بعيد
كيف لي ان أغادر القرى مثخنا
بالسؤال اليتيم:
من اين لكم هذا؟
من أي مكان من اقاليم الأرض
باغتتنا تفاصيل الحكاية
و لم تنس الصبايا العاشقات
الينابيع و التلال
ايتها الروح أنا لا أخاف من الإنكسار
و لا أنحني للعاصفة
سريعا تاخذني خطاي إلى المدى
و لا ترتبك الأنامل حين تلمسها
المقصلة
كم من العمر مضى و البلاد المتاخمة للهذيان
ليس لها من سبيل سوى الرحيل
إلى دهشة الرؤيا...
و إرتماء الجسد العليل في النفق
الطويل
حالما بالزهرة المشاكسة للسيف
يمر امام القصور و ما انتجته السنوات
العجاف
الأصابع لا ترتبك
الأجساد المنهكة
لا تنام على ارصفة القرى قبل المغيب
الحكايا و الزوايا و إنفلات الصوت
من غموض الملحمة
ليس في المكان القصي تلال
و لا عشاق قدامى
بل ورقات مكتوبة بدم الأجداد
و الحنين بوصلة الهاربين من الأسوار

شتاء القرى ثلوج و صقيع
و إنفتاح المرء على مرايا
العناق الأخير
للجسد الباحث عن لحظات التجلي
مباهج و سفر إلى الأعالي
للروح الآتية من بعيد
ضفاف و احلام
للجدار القديم عشاق قدامى
و إنفتاح المرء على الينابيع
و إخضرار الكلمة المشتهاة
أيتها الروح لا تخافي من دهشة الرؤيا
ففي القرى أولاد و موسيقى
و إنبهار الفتية بالصراخ الأنيق......

البشير عبيد
شاعر و كاتب تونسي
05 فيفري/فبراير 2022

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى