حسين الرشيدي - أخوة في السهو

هناك ذرائع كثيرة للأخوة، أو على الأقل من باب التودد أنا وأنت من عنفوان الطفولة تحت سقف واحد، بيني وبينك مخادنة التسامر، أو صراحةً لئلا تتحامل الأيام خمسة أعوام وقارة وبحر مأهول قديمًا بالخردة والجثث، لاتخف حتى هذا البحر تغير الآن : إنه صاخب وشاهدته يحتضر عندما تعفّر امرأة جسدها به، إذًا سقف واحد وأنا أشاهدك لا تستطيع أن تغمد قوامك ؟ ليس القوام هو آخر الأشياء التي تتفوق علي بها، ثم أنا يا أخي عندما أتكلم عنك استأذن الكلمة ، أكرّسها عنوةً، أُعد ما استطعت للذكرى من مجهود، ولكنني أعرف أنه كلام مؤجل أو مُكره في طي الضرورات ، كلام سريعًا ما يأخذه يمّ الأوراق، إذًا كل شيء ابتدأ تحت سقف واحد ؟ هكذا هو الإنسان لا ينفض ملامح الطفولة عنه، يتأثر بها، مثلما يربكه تبني كف أمه للروائح، أرأيت؟ هي أشياء أقولها من باب فضّ زخم الماضي، سقف؟ أمهات؟ آباء تستأنس بهم العقد؟ أخوات يزاحمننا في السهو، جدات تمكن منهن الزهايمر ، بلاد آثرت الفاتحة على المهادنة ، صحارٍ ؟ خيول؟ أساطير، ثكنات، سقاية ، حطب، طوائف ،حجر رحى ، القرن السادس عشر، إنتهاء حقبة من القمصان، أرأيت؟ ذرائع كثيرة للنسيان، ولكنها ليست فراق بيني وبينك

تذكّري منزلنا الصغير الذي هدهد له الليل بالألفة، والطريق الذي اختلى بي، ووقت الضحى المهدر للعمل، أي الأعمال تلك التي لا تقرّبنا من الموت؟ ما هو النهار لولا ضراوة الأفئدة، وتنازع الحواس وانتصار التضاريس على التعود؟ تذكّر عندما تتطبع البشائر بوجه أختنا الكبيرة وتُمهل أصغرنا المزاح وقت مستقطع، كيف سأكون مجردًا دونكم؟ والكلام فيض والامتناع عنه وبلة، الوقت يعلم كم حاربت كي أكون بينكم، وعندما وصلت إلى الليل كنت مُكتسحًا من التلميحات وغرور النفس، قولي لأخيك أن يدق عنق السأم، لقد ترافعت عن أهوائي، الفجر يعلم أن أُمنا غلبته، وعندما تمكنت تنازلت عن تهليل المشهد، أما أنا شقيت أكثر مما تعلمت وأكثر مما يقصص علينا، هذه المرة لا أب لنا يتحامل عليه الأمس، ولا توارٍ يمرغ الأنانية، إنني نزيل حتى في مطرح منامي.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى