محمد عبدالعزيز أحمد (محمد ود عزوز) - لقد كان حُزنا

لقد كان حُزن
ذاك الذي طفا في وجه الغريق
لم يجد في القاع منشفة جافة
ليمسح عن وجهه البلل
لقد كان حُزنا
ذاك الذي دفعنا لثقب القصب
لصُنع الناي
لقد مللنا تكرار كلمة أننا ننزف
أردنا للنزف أن يبوح بنفسه
لقد أصابتني بالغيرة ، لأن الجميع بطريقة ما لهم أحزانهم
ولأنني ولأكثر من حنين
ووسادة
وفخذ أفريقي طيب
كنتُ سعيداً بأنني الوحيد الموصّوم بالحزن
سلبوني فرادتي
حين بكوا جميعهم في المقهى القريب
حين وقع حادث
لا احد بكى الحادث ، وكاحل الفتاة
جميعهم بكوا لشيء اخر
وحدها الفتاة ، والكاحل المُصاب ، والسيارة الهلعة
شعروا بالدهشة
وبوطأة الفقد
بكى الشُرطي الجريمة الوحيدة التي لم يضبطها
فتاة خلعت شالها
ولم يكن يملك المواد اللازمة لإيقافها بتهمة تجاوز الثُقب المهمل في صدره
بكى شاب وطنا هزمه الجوع
حتى أن لائحة الطعام في أفخم مطاعمه
بها مساحة طبق فارغ
بكت فتاة ما فستانا
خلعته في غُرفة قديمة ، وحين أرادت ارتداءه انكمش حتى اصبح قبعة
وهكذا تركته هناك ،
بجانب جسدها الذي وضع الأيدي على العانة مُحركاً ذقن اللحظة
يرثي فكرة العناق
بكت مُسنةٌ
إبنها الذي يتسلل لها من الإبرة التي تخيط بها قميصه المدلل والوحيد
هي تدرك انه مات
هو لا يدرك
بكت الطاولة
اشتهاءها للإرتباك
بعد أن علبت المدينة الاجساد على الحب الموشوم بعلامة الجودة
بكى النادل
إختفاء الشبق
لا أحد قبل فتاته أمام مرأى المناشف والطاولات
لا احد
لقد جُن الجميع
او اصبحوا احزانا لزجة تلتصق بالمقاعد
بكى الجميع
الا أنا
جمعت الحلوق بخيط
لانكرهم الألم
اردت أن اجمع المدينة التي مشت على ظهري بقطارها ، والشاي الذي انسكب بغضب حين إكتشف نفاذ السُكر ، الوجوه التي سلفتني البكاء ومضت الى مكاتبها ، البنطال الذي مزقته الشهوات المختونة بايدي الحظ ، الجروح المبثوثة في نشرة الواحدة فقداً
اردت أن اجمع المناديل التي قاسمتني الوداع والسفر
والفكرة الأم
حول أنها لم تعد تحزن لأجلي
وأننا
انا / وهي اخيراً
اقتسمنا المنزل ، هي اخذت العتبة ، وانا نلت أمر الهدم
أردت أن أجمع كل تلك الاحزان المبعثرة في المناديل، والفها كسيجارة
اردت أن ألف أضخم سيجارة في الكون
ثم أشعلها
واضعها في فم الحظ التعيس
ربما تتحسن رئتاه

عزوز

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى