محمد الأمين محفوظ. - رسالة مِن بني عَبس

... عنترة تحرّر من العبودية ، وهو في الوقت الحالي يعتلي صَهوة جَواده ، يلكزه بين الحين والآخر
يخوض فيافي... يصعد تلّا... يقطع واديا... يقع في وَهدة ثم يخرج منها.. يتحاشى الضواري ؛ في سبيل
عبلة...
وكم كان راغبا في أن يتمكن من « شيحة» ليؤدبه على ملاعيبه وقد ملأت كتابا...، إلا أنه
راغ منه... ونخشى أن يدبر له ملعوبا يُعيقه ويمنع وصوله...
.........
بلغنا خبر أن جَواده نفَق ؛ فكان السير طريقه ولا وصول إلا بجواده..
فكّر في الرجوع معتذرا...
.......
يجد نفسه دون أن يدري في تِيه لا يعرف فيه شرقَه من غربه ؛ فلزم مكانه شاردا في
بحر الرمال أمامه والقمر المنير أنيس انقطاعه...
.....
وإذا به يرى شخصا على حِصَان يتخبط... لم يتبين هويته وقد أذهله وجوده... اندفع نحوه بما فيه من مروءة
فربما يكون في حاجة إلى معونة...
كلما اقترب منه وقع في خاطره أنه هو..
لمّا أدركه ترَجّل عن حصانه فصارا وجها لوجه...
لم ينبس أحد منهما بكلمة لثوان... بادره عنترة قائلا : أخيرا... ها أنت ذا.. وها أنا ذا.. ولا زلتَ يا شيحة
تكيد لي بملاعيبك وتتعقب خطواتي!!!... انظر حواليك لتعلم أنه لا فرار لك إلا إلى بوار.؛ وقد عدمتَ كل حيلة
ومحتفظ أنا بحكمتي وشجاعتي ومعرفتي كيف أخرج من هذا التِيه...
قال شيحة مرتعدا : وما.. وما ذا أنت بي فاعل؟
قال : لا شيء ، فقط كن رديفي على حصانك أخرجك من هذا التيه... وارحل أنت وحدك إلى الديار بما لديك من ملاعيب...
واترك لي حصانك ؛ فعبلة مهرها هو الغالي.
**********

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى