إيمان فجر السيد - وكأنني الغريبة!

كان العالم، وكنتُ الأعمدة الأربعة التي يقف على أكتافها، كي لا يسقطَ، لكنَّه خذلَني، وسقطَ بكامل ضعفه، رغم كلِّ قوتي، وكأنَّه لم يعرفْني أبدًا، وكأنَّني الغريبة التي كان يخشاها؟! ربَّما لأنَّه كان لي ألفَ ذراعٍ، ألملم بها شهقاتِ سنابله قبل أنْ تشعلَه أنفاسي اللاهثة، وتعِدَهُ بالحصاد.

كان عالمًا كبيرًا، نعم طالما طقطقتُ عظام رأسي لينفتحَ ويحتويَه، ثم منتُحه جواز عبورٍ ليدخلَ جسدي، لكنَّ قلبه الصلب، كان أقسى من عظامه، ورغم ذلك كانت الساعات التي أقضيها معه مليئةً بالحب والحنان، فلطالما جلسنا صامتَين لساعاتٍ، متقابلَين كأمٍ وطفلها، أنا على حافة السرير الخشبيِّ، وهو في أرجوحته القماشيَّة التي ثبَّتَ لها وتدَيْن عميقَيْن في جدَارَيْ قلبي، كلما نظر إليَّ، امتلأ صدري... حتى يصيرَ الهواءُ بيننا حليبًا!

سأعيشُ في ذاكرة وجدانه أبدًا، كفلاحةٍ شاب شعر رأسها، كانت تركض كلَّ مساءٍ لدى عودة زوجها من الحقول؛ لتُنزِل عن كتفَيه المعاول والفؤوس، ونسيتْ ذات مرةٍ أن تهرولَ نحوَهُ، فتحطَّمَ قلبُهُ.

إيمان فجر السيد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى