علي محمد تيراب (علي المجينين) - قيامة كاملة لجسد واحد

أنا الذي اخترت السّفر
في لحظة كانت الطّرق تشحذ أظافرها
لتأكل الأقدام الرّطبة؛
اخترت السّفر؛ لكي انجو من دهشة الموت
كيف ابتلعني الضّيق
اجلس في غرفة رطبة
غرفة تشبه القبر
غرقة قد تتسع_لكي ارقص كزوربا
أو حتى أن اتدحرج كسامسا_
ولكني،
لا ارقص
اجلس فقط،
كما يجلس أيّ قط تعب من الرّكض بلا طائل
اجلس واشير إلى ظلي،
وانتظر طريقتة المُضحكة في الهرب والاختباء
في الغرفة
قليل من الضّوء يقامر لينال من العتمة
يصطدم بجدار رطب
يصطدم برجل متجمد وحزين
أنا الذي اخترت السّفر
لكي انجو من قبر ينتظرني
قبر يملأ وقت فراغه
بالانتظار الصّامت، كعادة القبور القديمة
اتخيل مارمارا:
وهي تصعد إلى اعلى السّطح
بخطى متعبة
لا لتلقي قصيدة
لو غنت مارمارا في تلك اللّحظة
لن يخرج من صوتها إلا آهة واحدة
اتخيل مارمارا:
تفرد شعرها
دون ان تنظر في هذه المرة إلى المرآة
تنظر إلى الأعلى، تضحك، ضحكة متعبة
لا تنظر إلى الساعة، فالوقت ضبابيا جدا
حين يتعلق الامر بمرارة الحزن
تخلع نعليها ببطء
في مشهد اسطوري
تحلق قليلا مع طائر نورس
ثم تقفز نحو القيامة بجسدها الهزيل
وانا اجلس في هذه الغرفة الرّطبة
احنّ إلى وجه أمّي الهادئ
ووجه أبي الباهت
والميادين الفسيحة في العيد
والصّبية المراهقون
وهم يختلسون الغمزات من بين الأعناق
في صفوف الخبز ..
أنا اجلس هنا
لم يأتي هدهد برسالة
الهدهد لا يحب العتمة
يهرب ظلي ويتركني للضّجر
اتخيل "هيوستن" على المسرح تغني
ابكي بعينين بائستين
انظر إلى الظلام؛ ولا ارى إلا الظلام
انظر إلى جسدي؛ ولا ارى إلى جسد هيولاني
يتراءى لي ..
فان جوخ، ومارمارا، وسليفيا..
كيف يحتمل جسدا واحدا، قيامة كاملة!
اسمع حفيفا على الباب
أنا الذي لا انتظر
احد!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى