فاطمة مندي - القدر..

لم اشعر بنفسي إلا وأنا على فراش المستشفى، لم اشعر بساقي اليمنى، عندما بدأت فى الإفاقة من الغيبوبة رأيت فتاة رائعة الجمال أمامي، تمسك بوكيه ورد وتنظر إلي بأبتسامة رقيقة.
سألتها في نصف وعي: أين أنا؟ ومن أنتِ ؟
قالت: إهدأ سأخبرك بكل شيء فى حينه .
حاولت تحريك قدمي صرخت : رجلي تؤلمني .
دلف الطبيب مسرعاًً عندما وصله صوتي .
أعطاني مهدئ قائلاً : إهدأ لقد كادت الحادثة أن تقضي على حياتك، لولا عناية الله، فأختار قدمك فقط بدلاً من حياتك، حمد الله على سلامتك.
ربت على كتفي مهدئاً:
لقد أخذت الحادثة قدمك اليمنى .
سمعت حوار الطبيب في ذهول ورفض، وانهارت قوتي أمام الصدمة، وبكيت بكاء مرير.
تقدمت الفتاة عدة خطوات ووقفت بجوار فراشي، ثم جلست على مقعد بجانبي وعقبت بدموع متلاحقة: أنا أسفة منك، أنا سبب مصابك، ولكنك كنت تركض مسرعاً وأنت شبه غائب عن الوعي، وعن الدنيا، كنت شارداً ومشتتاً، فوجئت بك أمامي على الطريق .
وأستأذنت الزائرة والطبيب .
بادرت بالإتصال بحبيبتي على الهاتف، قصصت عليها ما ألم بي.
هرولت إلي، عندما رأتني فى هذا الوضع صدمتها المفاجاءة،
ألجمت فمها، وبعد برهة من الوقت، احست بالخجل؛
ثم عقبت : أسفة أتمنى لك الشفاء، ثم استدارت منصرفة .
بعد عدة أسابيع من زبارتها هاتفتني قائلة: أسفة، لا استطيع أن أكمل مشواري معك،
تقدم لي شخص، وجميع أهلي يرحبون به، ويفرضوه علي، غصب عني تركك، سأتزوجه متطرة ثم أغلقت الهاتف .
حاولت الأتصال بها مرات عديدة، ولكن دون جدوى.
بعد مرور عدة أيام عرفت أنها غيرت رقم هاتفها .
كنت أحب الاطفال، كنت أحلم بالزواج منها وأنجاب طفل العب معه.
أحببتها بل عشقتها لم اتخيل حياتي بدونها، كنت اعمل فى إحدى الشركات براتب ضئيل نوعا، قبل الحادث.
اخبرتني حبيبتي عن هذا الإعلان وظيفة فى إحدى الشركات براتب اكبر،
بهرها الراتب، افقدها اتزانها، وظلت تعدد لي مزايا الوظيفة الجديدة، استعملت معي كافة وسائل الضغط .
على مضد وافقت على تنفيذ رغبة حبيبتي.
قلت محاولاً إقناع عقلي بموقفها: لماذا لا أجرب لن اخسر؟!
قررت الذهاب لعمل المقابلة، أسرعت إلى الشركة يملؤني الأمل، وتلفني الفرحة بمزايا الوظيفة الجديدة، عالية الراتب والمميزات..
فزت بالوظيفة، عربدت الفرحة بداخلي.
أثناء سيري فى الطريق، كان فكري بعيداً عن واقعي، اسبح في دنيا المال.
ولم انتبه لمن حولي من فرط فرحتي بالوظيفه شردت،
صدمتني سيارة
الفتاة الجميلة التي تقف بجواري تساندني وتساعدني، تنظر إلي باكية، تؤنب نفسها طوال الوقت على ذنب فاجئها ولم تقترفه.
بعد مرور عدة اشهر سمح لي الطبيب بخروجي من المستشفى على كرسي متحرك، وكانت الفتاه الجميلة قد اشترته، لي كما دفعت مصاريف المستشفى الخاصة، ومصاريف قدم صناعي.
رافقتني قاسمتني معظم اوقاتي .
صرخت بصوت مرتفع عاتبت الظروف: لماذا ؟
لماذا تتركني حبيبتي؟ لماذا تضيع وظيفتي؟ ولماذا تجعلني عاجزاً باقي عمري؟!
وأنا مازلت فى بداية عمري؟ لماذا تبخر حلمي الذي كنت احارب للنيل منه؟ وعندما اوشكت على نيله يتبخر كخيط دخان ؟!
وبعد مرور عدة أشهر وجدت
نفسي أفكر في فتاة الحادث، اريدها بجواري دائماً؛ ولكن كنت أخشى أن ترفض، وأخسر أجمل ملاك.
حضرت كعادتها كل يوم، فاجئتني.
قالت لي علي استحياء: هل تقبل الزواج مني؟
فارتعد جسدي قائلاً: ماذا تقولين؟!
قالت : هل تقبل الزواج مني؟
قلت : أنا لا أقبل شفقة من أحد.
قالت: ليست شفقة ؛ لكني أحببتك حقاً، لمست فيك خصال نادرة ؛ لم تصادفني من قبل.
قلت: وساقي المبتورة ؟! .
قالت : أنت الأن تعمل في منصب مرموق، مدير في إحدى شركات والدي، وقد ربحت شركتنا كثيرا تحت رعايتك، وكل اسهمنا تضاعفت، نحن من يحتاجك.
هل تعلم لقد جاءك استدعاء من الجيش وأنت غائب عن الوعي، والمجموعة التي ذهبت نالت الشهادة في حادث أليم.
وخطيبتك السايقة طلقها زوجها لأنها لا تنجب.
والشركة التي كنت ذاهب إليها صفت اعمالها.
فاندهش ، ولم يقل غير كلمة واحدة والدموع تسترسل من حدقتاه : إنه القدر.

فاطمة مندي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى