إيمان السيد - رسالةٌ بعينٍ واحدةٍ

عزيزي الله:
ع بالي أكتبلك شخبطة، بسألك فيها يا ترى كنت نايم، ولا بتشرب كهوة؟! لما كصفوا مدرستنا، وفجروا راس أمي، وطلَّعوا أمعاء أبويا من جوا بطنه، وكطَعوا ساكه اليمين لأخويا الزغير (مُعاذ) وبعد هاذا كله فكأوا عيني..

(تترك القلم لبضع ثوانٍ، تضعه فوق الورقة المهترئة، وتحتار أين تضع يمينها لتتلمَّس عينها المفقوءة، وهي تحرِّك اليُسرى المتَّسخة يمينًا تارةً، ويسارًا تارةً أخرى لتُريَها إلى الله بينما تبثُّه شكواها..)

مممم، يمكن اليسار يا ربنا!
موش عارفة الجهات كلها ظاعت مني، والدنيا سودا في عيني، تصدك؟
موش مهم ياربنا...

(تعود لتمسك قلمها الرصاص القصير بأصابعها الصغيرة، وتُكمل كتابة رسالتها...)

عزيزي الله:
شايف، شايف ياربنا، دمروا مدرستنا كولها كولها فوك روسنا، واستشهدت كووول صَحباتي تحت الردم..

(تجهش بالبكاء، فتغيمُ الكلمات عن عينها السليمة، تفركها بيدها اليسرى، ثم تمسح مخاطها بكم ثوبها الرَّث؛ فتتشابك على خدها الأيسر الممتلئ بالخدوش العميقة ذات الرؤوس السوداء خطوطٌ متعرجةٌ يختلط بها الغبار الأسود بالدم القانئ المتخثِّر، ثم تتابع الكتابة، وهي بين زفيرٍ وشهيقٍ متلاحِقَين رافعةً خصلةً من شعرها الأشعثَّ وقد نزلت فوق جبينها المُغبَر)

عارف يا ربنا؟!
أنا موش زعلانة منك والله، لأني عارفة إنك رحيم وكريم عشان هيك، أنا بدي منك شربة ميا، بديش خوبز والله بديش.... مع إني جِعانة بس متحملة الجوع آه والله زي ما بكولك، بدي منك بس شربة ميا؛ لأني عارفة إنك بتحبني ومتأكدة كمان، وكاعد هالسَّع تمد إيدك من فوووك -"رافعةً وجهها نحو السماء"- عشان تناولي كاسة مي.. صح؟ ..خليها كنينة... أمانة ياربنا كنينة زغيرة (بلاستيك) موش بلور، ها!
خوذ بالك أمانة! عشان لا يفجروها هاذولاك -اللي انتا تعرفهم أكيد- لما أمد إيدي وأخوذها من إيدك، كاعدة أموت من العطش، مشان الله يا ربنا، أمانة أمانة لا تردني خايبة ما ظل لي غيرك
يا الله....

التوقيع: حبيبتك مِسك

إيمان فجر السيد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى