يرافق النّور الظّلال ، وتقترن المعاني بالكلمات ، و تسكن الأرواح الأجساد ، وتخترق العقول الصّور والأفكار، فلكلّ ذات ظاهر وباطن ، هما ما برز منها ، وما خفي .
أما الرّوائح ، فهي تبيان لطبيعة الأجساد : العميق ، السطحيّ ، الصلب ، المائيّ ، الأرضيّ ، الفضائيّ ، يفوح منها جوهر ماهيتها : البحريّ ، الهوائيّ، النباتيّ ،الصخريّ ، البركانيّ . كذلك علّمتني الكتابة أنّ أدرك العالم ، فعلمت أنّ الباب أبواب : باب البيت ، باب الرّزق ، باب السّماء ، باب النّفس ، باب العلم ، باب الأمل . كلّما فتحت بابا، تلته أبواب أخرى ، تخفي وراءها عوالم عجيبة وغريبة ،لاعلم لنا بأسرارها وخفاياها ، وأدركت أنّ القلم هو القادر على فتحها واكتشافها ، كلّما انغمس مفتاحه لفتحها ، وأنّ القول حمّال للمغزى ، وأن معرفته هي معرفة النّفس ، وأن معرفة النّفس متّصلة وغير منفصلة عن معرفة العالم ، وأنّ الحلم ليس تمثيلا لنزوة عابرة بل استشراف للغد القريب أو البعيد ، وأن الخيال هو الممكن الذي لم يكتب له أن يوجد بعد.
كبرت إذا ،مسكونة بهوس الكتابة ، إلى أن شفيت منه ذات يوم دون علمي بالسرّ ، فاستيقظت على رؤية عالم جديد ، غير الذي اعتدته منذ صغري، منسجما ،صامتا ، متحفّظا ، أعمى ، لا سرّ ولا ظّل ، ولا روح ولا معنى تكتنفه ، إذ غابت عنّي مقاصده وإشاراته ، بعد أن كانت سهاما تصيب قلب الأشياء ، فتعيد صياغة مسميّاتها بذاتها ،من ذاتها .
في ذلك الزّمن المقيت ، زمن قصوري، لم أشعر بالألم ، بعد أن جفّ نبع الصّور والأحاسيس عن الفيضان ، دون أن يترك زواله في نفسي أثرا، ماعدا مطابقة المسميّات لأسمائها ، تحوّلت الجدران جدرانا، والسّماء سماء ، والمطر مطرا ، والبحر بحرا ، والزّهر زهرا ، الحجر حجرا ، والرّيح ريحا ، الشّجر شجرا ، والقلق قلقا ، والانتظار انتظارا ،فاختفت عنّي جميع الأسرار، حتّى كادت آثارها أن تنمحي ، كنت أردّد على الأصدقاء والأقارب ، تارة "لن تعود إلي الكتابة" وطورا "لن أعود إليّ الكتابة" ، بعضهم كان ينظر إليّ مستغربا متسائلا ، لا يفهم حيرتي وبعضهم الآخر لم يصدّقني، فكان جوابه : "إنّها سحابة عابرة ".لن تعود إليّ الكتابة ، بعد أن شفيت تماما من هوسي وحيرتي وبحثي ، أخيرا شفيت من شغفي ومن التيه والبحث والحيرة والتّأمل والشّرود والغياب والغربة ، من كلّ ما كان يشغلني ، يؤرّقني ، يرهقني ، من ذلك الدّاء دون معرفة سرّ الشّفاء .
فأمسيت لا أفقه فواصل الأصوات و لا لغاتها و لا مقاصدها ، ولم يعد عقلي منشغلا بالأسئلة اللامتناهية ، التّي لاجواب عنها ، ولا قلبي مسكونا بخفايا المحبّة .
ترى ، لم نروي القصص الحزينة كلّ يوم علنا أو سرّا ؟ ولم نسهب في ذكر الظّلم ، وأغلب من يعمّر الأرض هم من الفقراء ؟ ولم نصف الآلام والمآسي ، أ لنتخلّص منها ، ونحن مدركون أنّها ستصيبنا ، إن عاجلا أو آجلا ؟ ولم نسرد قصص الحبّ وهي زائلة ،لا محالة ؟ ولم نعيد سرد تراجيديا الموت والرّحيل الأخير، ونحن بطبيعتنا زائلون ؟
لم نهيم بالخيال ؟ وهو منسحب مثل السّراب ، كلّما لاحقناه ؟ ولم خلقنا لعالمنا كلّ هذه اللّغات ، هذه العلوم وهذه الأساطير ؟ لم هذا الكمّ الهائل لقصص تنشر يوميّا ، يؤلّفها كتاب يعدّون بالآلاف بل بالملايين ؟ يروي كل منهم حكايته ،كأنّها محور العالم وسبب مأساته ؟ ما جدوى كلّ هذه التخمة من المعلومات ؟ تخمة الصّور والأفلام و الأحلام والأوهام ؟ ألإدماجها في أسواق التّجارة، فتصبح قابلة للبيع وللشّراء للمساومة للمنافسة للاستهلاك ثمّ للاضمحلال ؟
لقد بترت أصابعي، فلم أقدر على مراوغة اللّغة ولا على الخوض في إمكانياتها ، بترت أصابعي ، فانقطع عنّي ذلك الحسّ الخفيّ ، ذلك الخيط النّحيل الرّفيع الذّي يعيد سرد ، ما كان من الزّمان والمكان ، ذلك الخيط الجامع بين السّماء ومساحة الورقة ، و بين تتالي اللّيل والنّهار، وانتظاراتنا وآهاتنا .
كنت أنظر إلى بياض الورق وإلى قلمي ، وأنا أهمس متى يحطّ على هذه القمّة عصفور؟ متى تتحوّل الكلمات إلى تماثيل صامتة تتحدّث عنها أشكالها ؟ متى تفوح رائحة الغابات البعيدة ؟ ومتى يموج البحر حتّى يدرك كلّ شيء ، فيغطّي هذا الورق ؟ متى ترتسم للعالم صورة أخرى ،غير تلك التّي نلمحها ؟ متى يتغيّر كلّ شيء بفعل سحر الكلمة ، فيصبح المستحيل ممكنا ؟ متى يتحوّل الشعر إلى حقيقة نكتشفها فجأة داخلنا، متى يكون ذلك ؟ متى متى ؟
متى تنتابني الدّهشة من جديد، عند رؤية شروق الشّمس وغروبها ؟ متى يعود إليّ الاستغراب؟ متى تسقط الكلمات المعتادة مثل الزّجاج، فتتهشّم وينفخ خيالي في شذاياها ثم يرممّها ويعيد تشكيلها، فإذا بها قصائد وأشعار وحكايات تروى؟ متى تعود إليّ ومواسم الكتابة وسنوات الكتابة وهموم الكتابة وجنون الكتابة وحبّ الكتابة ولذّة الكتابة وسحرها وعذاباتها وسهدها ، متى ؟
متى أقصّ على نفسي ما كان منها وما عانته، فأسمعها وتسمعني ، ويدرك حديثنا السرّي أولئك الغرباء المهاجرون إلى عالم الورق المكتوب ، يقرؤون قصصه فيذيعون أسراره و ينشرونها ، فتغيّر رواياتهم صور الحدائق والحقول كما عهدناها في كتب الشّعراء والأدباء الأولين؟ متى ؟
متى تعود لأصابعي ألحان الأبجديات ، فتستعيد قدرتها على العزف ؟ متى تسترّد سلطتها وخفّة روحها ، فتتنفّس وترقص وترسم وتبكي وتحزن . كيف تملّكني سحر الكتابة ، ثم تبخّر فجأة ؟
مازلت أتذكّر مدخل روضة الاطفال وبابها ذا القضبان الحديديّة المدهونة باللّون الأزرق الفاتح ، كان هناك ممشى عريض ، انتصبت عند منتهاه نخلة شامخة ،عند حدودها شيّدت أقسام التلاميذ وعلى مقربة منها ، كانت تقع حديقة كبيرة ،مليئة بالرّمال ، حيث كنّا نزهو ونمرح .
كان الحال صيفا ، حين اجتمعت بنا المروّضة بالحديقة ، وكانت تتصفّح قسمات وجوهنا الواحد تلو الأخر قبل أن توزّع علينا أدوار مسرحيّة مقتبسة من القصّة الشهيرة " الأميرة النائمة "حتىّ تعرض للاحتفال عند انتهاء السّنة الدراسيّة ، أشارت إليّ وهي تقول :" ستقومين بدور الراوية ، لتقديم الحكاية." ثم استمرّت في توزيع الأدوارعلى بقيّة الاطفال ، لم أسرّ بذلك الدّور، كنت أودّ القيام بأحد الأدوارالبطوليّة إما دور الملكة أو دور الأميرة ، ثمّ بثّت المسرحية في حصّة تلفزيّة ، وكانت أوّل الجمل الّتي نطقتها : "كان يا ما كان في قديم الزّمان ....ونجحت في أداء دور الراوية" .
اليوم وقد مرّت على تلك الذكرى خمس والأربعون سنة ، مازلت أتساءل :"أكان إسنادي ذلك الدّور في سنّ مبكرة من باب الصدف ، أم هو إشارة من إشارات القدر، بأنّي سأولع بفنّ الحكي طوال العمر، وأنّه مكتوب على جبيني كما يقال ؟ أم أنّ فصاحة لساني، هي التي جعلت المروّضة تمنحني ذلك الدّور ؟ لاأدري....
فقد تعدّدت أدواري في ما بعد : دور البنت ودور التّلميذة و دور الأخت ، ودور الأمّ ، دور المسؤولة ، وهي تجمعني بمن قابلت ،ومن أحببت، ومن عرفت.
أمّا الكتابة ، فلم تكن دورا أتقمّصه، لانفصال الورقة البيضاء عن العالم الخارجيّ وخلوّها من كلّ شخصيّة أو ركح أو أضواء، ،وأنا أطوّعها إلى خطوط قلمي، المنحدرة، المتصاعدة ، المتلوية ، المتباعدة ، المتقاربة ، الصّامتة المتحدّثة .
كـأنّ الكتابة جناحا طير يحلّقان في الأفق البعيد ، يفتحان آفاقا لاتحدّ، تتقفّى القراءة أثرهما ، دون أن تدركهما ، كلّما اقتربت منهما غابا عنها ، كأنّهما السرّاب المهاجر أبدا .
أنا لا أملك ذاكرة الحروب ولا الهزائم ولا الملاحم ولا الغزّو، ولا الفتح ولا العلم ولا التّرحال، ولا بطولات الأساطير، فلم يحفظ التّاريخ للنّساء صوتا ولاعملا إلاّ ما قلّ وما ندر، أوما كان عرضيّا لا أصل له ولا دوام، فلم يصل إلينا من سيرتهنّ سوى بعض الحلقات المتقطّعة ، الفاقدة لملامحهنّ ومعاناتهنّ .
نعم، أنا أجهل نشوة الانتصار والتّنافس والقتال ، وأجهل أيضا نخوة القيادة والرّيادة والسّلطة والتجبّر، بل وحتى شيم التّواضع، لأنّي وليدة الصّمت المخيّم منذ قرون ، أنا سليلة ما غبر وكتم وغيّب و حجب.
أقتبس من اللّغة ومن التّاريخ ، ما يشبهني ،ما يؤسّس لذاتي كيانا ، وأبحث في أصل الكلمات ، عمّا أمكن لذاكرتي أن تحفظ .
أرفض هذا الغضب المتصاعد لنساء يصفن ما لاقينه من قهر وحيف طيلة قرون، ما انفّك يجابه تارة بالصّمت وطورا بالاعتراف تكفيرا عما ارتكب في حقهنّ من مظالم ، فمأساتي تتجاوزه . إنّها مأساة الانسان ، فمن قال أنّ الكلام أبلغ من الصّمت ، ومن قال أنّ الوجود أقوى من العدم ، وأنّ الحضور أكثر تغلغلا من الغياب ، من قال أنّ العالم كما نتصوّره خلق من أجلنا ليعكس صورتنا ، ومن قال أنّ ما رواه التاّريخ هو الحقيقة ، من قال ؟ من قال أنّ القويّ مكتمل ، مكتف بذاته ، مقتدر، وأنّ الضّعيف هوالعاجز،من قال ؟ مازلت أبحث عن الوجه الآخر للملاحم والهزائم والحروب كما وصلت إلينا ، أبحث عن آمال قادتها وأحلامهم الضّائعة ،عمّا نتغنّى به دون أن نطاله ، عن نبع الوجدان والرّحمة ، عن مصدر إلهام كلّ لحن ،عمّا يجمعنا ، عمّا يبكينا ، ويفرحنا عن الجناح الثّاني المنكسر أبدا ، والذّي من دونه ، لا تحليق لنا في فضاء الوجود ولا في عوالم الغيب ، ولا في أيّ مكان أو زمان ، مازلت أبحث عن سرّ الحياة ومصدرها .
حروفي صدى للصّمت ، صدى للنّسيان ، صدى لكلّ ما هو بعيد قريب ، لكلّ ما فات فإذا به يعود في صورة أخرى ، صدى يخترق الحركة والضجّة ، صدى يتجاوز الكلام والمعنى ، صدى يكشف أصل الرّيح ، وطبقات الفضاء وتركيبة الأصوات المختلفة ، وما تبعثه من رسائل ، نتلقّاها ، نؤّولها ، ونتبنّاها تملكا وطغيانا ، فنسوغها لغة وكلاما .
قد يكون سبب هوسي بالكتابة ، داء الماليخوليا أو مرض الحزن ، ذلك الّذي تتغلّب فيه المرّة السوداء على بقيّة أخلاط الجسم وهي البلغم والصّفراء والدّم ، فتحدث اختلالا يصيب كلا من الجسم والعقل ، و يجعل النّفس مارقة عن سنّة التحوّل و الفناء ، مستغرقة في أوهامها ومخاوفها ، كما وصفها حكماء اليونان القدامى.
الماليخوليا تلك ، الّتي تحوّل الجزء أصلا ، فتزيد من إدراك النّفس لكلّ صوت وكلّ حركة ، لكلّ صغيرة وكبيرة ، لكلّ ما نسي وترك: حديقة مهجورة ، أو خزانة قديمة ، أو قصيدة تتغنّى بالاطلال ، وهي تنبئني أن لا شتاء يشبه شتاء ، ولا ربيع يشبه ربيعا ، ولا شمس تشبه شمسا ، ولا نجم يشبه نجما ، ولا لحظة شبيهة بلحظة ، ولا ألم يشبه ألما ، ولا قول لقول ، ولا ماض لحاضر ، فكيف لايصيبني هذا الدّاء مثلما أصاب بعض الكتّاب والأدباء. ذالك الدّاء ، الذي عماده الفقدان و الحنين إلى كلّ ما ولّى وفات : طفولة مضت ،وشباب انقضى ، وحبّ زال قبل أن يولد، .الماليخوليا ، مرض الوجود ، الّذي بلي به بعض الفلاسفة والفنّانين و الرّومانسيين التائهين ، في هذا العالم المجنون ، الذي لا يعترف بلوعة الحنين ، ولا بضرورة الرّحمة والرأفة ولا بتألّق الجمال الزائل ولا بدقّة تفاصيله.
ففي عالم الماليخوليا ، كأنّي بالصّوت يصبح ألف صوت ، وبالحركة تتجزّأ إلى مراحل متعدّدة ، وباليوم إلى ألف لمحة ولحظة ، وبالشّمس خيوطا لامتناهية من الاشعة ، وبالنّجوم إلى ألف نجمة ونجمة وبالمدن أحياء وبيوتا ودروبا وأزّقة ، وبالمطر يرتسم قطرة قطرة ، وبالبحار وهي تلتقي بألف بحر وبحر ،فإذا بالعالم يسترجع ذاتيته فجأة ويتنكّر لنرجسيتنا ، كي يصبح غارقا في جمال فان ، متجدّد بين اللحظة والاخرى .
كهذا يصبح الورق ملجأ وملاذا لصور العالم المتغيّرة ، آذانا مصغية لحركة الكون، ومرآة تعكس الخيوط الّتي تجمعنا ،هكذا نؤلّف تواترالفصول كلاما وقصائد وقصصا وأخبارا، هكذا نرسم وننحت ونشيّد ونروي ونؤرّخ.
هكذا ينبعث من الأفق القاتم للماليخوليا ، شعاع نور باهر، تغنّيه المواويل الحزينة واللّوحات العظيمة والروايات الخالدة وهي تبعث الحياة في قلب الضّباب واليأس ، هكذا ينبثق الابداع والخلق من الحزن، وهويحتضن الجمال ، كمن احتضن بين كفيّه عصفورا منكسرالجناح ، مجروحا فيأويه ويحميه وهويرتجف من قسوة الشّتاء وشدّة البرد.
هكذا تصبح الحوّاس مرهفة ، فإذا بالنّفس نافذة ساحرة مخمورة متكبّرة رافضة ، لحقيقة الموت وسنّة التحوّل ، من شدّة ما عانته من فقد ونقصان .
هكذا يصبح التغنّي ، بما فات وولّى أجمل وأبهى مما هو موجود ، لأنّه مستحيل المنال ، هكذا تملّكني الحنين إلى ما كان ولن يعود أبدا ، هكذا أصبحت الكلمة هي الملاذ الوحيد للإيحاء والتذكار، أداة للنحت والحكي والمخيال ، تكتب تاريخ مسيرتنا اليائسة بحبر النّور المتسرّب بين شقوق نوافذنا المغلقة عسى أن تمنح لحياتنا معنى .
هكذا يتكبّر الألم ويتجبّر متشبّها بالحاكم الظالم الغاشم ، الّذي لا يرحم ،حتّى إذا ما استعادته الكتابة فقد سلطانه ، ليتحوّل إلى شبح يستقطبه النّور المتسرّب .
وقد تولد الكتابة أيضا ، من رحم السّعادة وفي لحظات الفرح والبهجة و من الشّوق في أشدّه ومن السّهد إذا ما استبدّ ، في لحظات قصوى ، تتفتّح فيها النّفس على جميع طاقاتها وقدراتها ،فتلهم وتستلهم فاتحة بابها على الأرض والسّماء مندمجة في الكلّ ومع الكلّ وقد تجلّت لوجدانها أسرارالوجود ،فإذا بها تتجاوز حدود شاعريتها و حزنها وسقمها و شفائها وزوال نشوتها وفرحها ، لتّتصل بنبض لا يوصف ولا يكتب ولا يقال ................النّفس الخاضعة لوعيها ، لذلك الوعاء المجسّم داخلها ، يملؤه الفراغ والخواء ، مازال ينسج خيوطا رقيقة لغبار حقيقة لا تدرك بالوصف ولا بالكلام...................أو أليس أصل كلمة الانسان النّسيان ؟ فكيف تخيّلت يوما أن ملكة الكتابة ، الّتي تسكنني دائمة ،لاتزول ؟
مقتطف من المجموعة القصصية بعنوان كش مات الصادرة عن دار نيرفانا للنشر 2015
أما الرّوائح ، فهي تبيان لطبيعة الأجساد : العميق ، السطحيّ ، الصلب ، المائيّ ، الأرضيّ ، الفضائيّ ، يفوح منها جوهر ماهيتها : البحريّ ، الهوائيّ، النباتيّ ،الصخريّ ، البركانيّ . كذلك علّمتني الكتابة أنّ أدرك العالم ، فعلمت أنّ الباب أبواب : باب البيت ، باب الرّزق ، باب السّماء ، باب النّفس ، باب العلم ، باب الأمل . كلّما فتحت بابا، تلته أبواب أخرى ، تخفي وراءها عوالم عجيبة وغريبة ،لاعلم لنا بأسرارها وخفاياها ، وأدركت أنّ القلم هو القادر على فتحها واكتشافها ، كلّما انغمس مفتاحه لفتحها ، وأنّ القول حمّال للمغزى ، وأن معرفته هي معرفة النّفس ، وأن معرفة النّفس متّصلة وغير منفصلة عن معرفة العالم ، وأنّ الحلم ليس تمثيلا لنزوة عابرة بل استشراف للغد القريب أو البعيد ، وأن الخيال هو الممكن الذي لم يكتب له أن يوجد بعد.
كبرت إذا ،مسكونة بهوس الكتابة ، إلى أن شفيت منه ذات يوم دون علمي بالسرّ ، فاستيقظت على رؤية عالم جديد ، غير الذي اعتدته منذ صغري، منسجما ،صامتا ، متحفّظا ، أعمى ، لا سرّ ولا ظّل ، ولا روح ولا معنى تكتنفه ، إذ غابت عنّي مقاصده وإشاراته ، بعد أن كانت سهاما تصيب قلب الأشياء ، فتعيد صياغة مسميّاتها بذاتها ،من ذاتها .
في ذلك الزّمن المقيت ، زمن قصوري، لم أشعر بالألم ، بعد أن جفّ نبع الصّور والأحاسيس عن الفيضان ، دون أن يترك زواله في نفسي أثرا، ماعدا مطابقة المسميّات لأسمائها ، تحوّلت الجدران جدرانا، والسّماء سماء ، والمطر مطرا ، والبحر بحرا ، والزّهر زهرا ، الحجر حجرا ، والرّيح ريحا ، الشّجر شجرا ، والقلق قلقا ، والانتظار انتظارا ،فاختفت عنّي جميع الأسرار، حتّى كادت آثارها أن تنمحي ، كنت أردّد على الأصدقاء والأقارب ، تارة "لن تعود إلي الكتابة" وطورا "لن أعود إليّ الكتابة" ، بعضهم كان ينظر إليّ مستغربا متسائلا ، لا يفهم حيرتي وبعضهم الآخر لم يصدّقني، فكان جوابه : "إنّها سحابة عابرة ".لن تعود إليّ الكتابة ، بعد أن شفيت تماما من هوسي وحيرتي وبحثي ، أخيرا شفيت من شغفي ومن التيه والبحث والحيرة والتّأمل والشّرود والغياب والغربة ، من كلّ ما كان يشغلني ، يؤرّقني ، يرهقني ، من ذلك الدّاء دون معرفة سرّ الشّفاء .
فأمسيت لا أفقه فواصل الأصوات و لا لغاتها و لا مقاصدها ، ولم يعد عقلي منشغلا بالأسئلة اللامتناهية ، التّي لاجواب عنها ، ولا قلبي مسكونا بخفايا المحبّة .
ترى ، لم نروي القصص الحزينة كلّ يوم علنا أو سرّا ؟ ولم نسهب في ذكر الظّلم ، وأغلب من يعمّر الأرض هم من الفقراء ؟ ولم نصف الآلام والمآسي ، أ لنتخلّص منها ، ونحن مدركون أنّها ستصيبنا ، إن عاجلا أو آجلا ؟ ولم نسرد قصص الحبّ وهي زائلة ،لا محالة ؟ ولم نعيد سرد تراجيديا الموت والرّحيل الأخير، ونحن بطبيعتنا زائلون ؟
لم نهيم بالخيال ؟ وهو منسحب مثل السّراب ، كلّما لاحقناه ؟ ولم خلقنا لعالمنا كلّ هذه اللّغات ، هذه العلوم وهذه الأساطير ؟ لم هذا الكمّ الهائل لقصص تنشر يوميّا ، يؤلّفها كتاب يعدّون بالآلاف بل بالملايين ؟ يروي كل منهم حكايته ،كأنّها محور العالم وسبب مأساته ؟ ما جدوى كلّ هذه التخمة من المعلومات ؟ تخمة الصّور والأفلام و الأحلام والأوهام ؟ ألإدماجها في أسواق التّجارة، فتصبح قابلة للبيع وللشّراء للمساومة للمنافسة للاستهلاك ثمّ للاضمحلال ؟
لقد بترت أصابعي، فلم أقدر على مراوغة اللّغة ولا على الخوض في إمكانياتها ، بترت أصابعي ، فانقطع عنّي ذلك الحسّ الخفيّ ، ذلك الخيط النّحيل الرّفيع الذّي يعيد سرد ، ما كان من الزّمان والمكان ، ذلك الخيط الجامع بين السّماء ومساحة الورقة ، و بين تتالي اللّيل والنّهار، وانتظاراتنا وآهاتنا .
كنت أنظر إلى بياض الورق وإلى قلمي ، وأنا أهمس متى يحطّ على هذه القمّة عصفور؟ متى تتحوّل الكلمات إلى تماثيل صامتة تتحدّث عنها أشكالها ؟ متى تفوح رائحة الغابات البعيدة ؟ ومتى يموج البحر حتّى يدرك كلّ شيء ، فيغطّي هذا الورق ؟ متى ترتسم للعالم صورة أخرى ،غير تلك التّي نلمحها ؟ متى يتغيّر كلّ شيء بفعل سحر الكلمة ، فيصبح المستحيل ممكنا ؟ متى يتحوّل الشعر إلى حقيقة نكتشفها فجأة داخلنا، متى يكون ذلك ؟ متى متى ؟
متى تنتابني الدّهشة من جديد، عند رؤية شروق الشّمس وغروبها ؟ متى يعود إليّ الاستغراب؟ متى تسقط الكلمات المعتادة مثل الزّجاج، فتتهشّم وينفخ خيالي في شذاياها ثم يرممّها ويعيد تشكيلها، فإذا بها قصائد وأشعار وحكايات تروى؟ متى تعود إليّ ومواسم الكتابة وسنوات الكتابة وهموم الكتابة وجنون الكتابة وحبّ الكتابة ولذّة الكتابة وسحرها وعذاباتها وسهدها ، متى ؟
متى أقصّ على نفسي ما كان منها وما عانته، فأسمعها وتسمعني ، ويدرك حديثنا السرّي أولئك الغرباء المهاجرون إلى عالم الورق المكتوب ، يقرؤون قصصه فيذيعون أسراره و ينشرونها ، فتغيّر رواياتهم صور الحدائق والحقول كما عهدناها في كتب الشّعراء والأدباء الأولين؟ متى ؟
متى تعود لأصابعي ألحان الأبجديات ، فتستعيد قدرتها على العزف ؟ متى تسترّد سلطتها وخفّة روحها ، فتتنفّس وترقص وترسم وتبكي وتحزن . كيف تملّكني سحر الكتابة ، ثم تبخّر فجأة ؟
مازلت أتذكّر مدخل روضة الاطفال وبابها ذا القضبان الحديديّة المدهونة باللّون الأزرق الفاتح ، كان هناك ممشى عريض ، انتصبت عند منتهاه نخلة شامخة ،عند حدودها شيّدت أقسام التلاميذ وعلى مقربة منها ، كانت تقع حديقة كبيرة ،مليئة بالرّمال ، حيث كنّا نزهو ونمرح .
كان الحال صيفا ، حين اجتمعت بنا المروّضة بالحديقة ، وكانت تتصفّح قسمات وجوهنا الواحد تلو الأخر قبل أن توزّع علينا أدوار مسرحيّة مقتبسة من القصّة الشهيرة " الأميرة النائمة "حتىّ تعرض للاحتفال عند انتهاء السّنة الدراسيّة ، أشارت إليّ وهي تقول :" ستقومين بدور الراوية ، لتقديم الحكاية." ثم استمرّت في توزيع الأدوارعلى بقيّة الاطفال ، لم أسرّ بذلك الدّور، كنت أودّ القيام بأحد الأدوارالبطوليّة إما دور الملكة أو دور الأميرة ، ثمّ بثّت المسرحية في حصّة تلفزيّة ، وكانت أوّل الجمل الّتي نطقتها : "كان يا ما كان في قديم الزّمان ....ونجحت في أداء دور الراوية" .
اليوم وقد مرّت على تلك الذكرى خمس والأربعون سنة ، مازلت أتساءل :"أكان إسنادي ذلك الدّور في سنّ مبكرة من باب الصدف ، أم هو إشارة من إشارات القدر، بأنّي سأولع بفنّ الحكي طوال العمر، وأنّه مكتوب على جبيني كما يقال ؟ أم أنّ فصاحة لساني، هي التي جعلت المروّضة تمنحني ذلك الدّور ؟ لاأدري....
فقد تعدّدت أدواري في ما بعد : دور البنت ودور التّلميذة و دور الأخت ، ودور الأمّ ، دور المسؤولة ، وهي تجمعني بمن قابلت ،ومن أحببت، ومن عرفت.
أمّا الكتابة ، فلم تكن دورا أتقمّصه، لانفصال الورقة البيضاء عن العالم الخارجيّ وخلوّها من كلّ شخصيّة أو ركح أو أضواء، ،وأنا أطوّعها إلى خطوط قلمي، المنحدرة، المتصاعدة ، المتلوية ، المتباعدة ، المتقاربة ، الصّامتة المتحدّثة .
كـأنّ الكتابة جناحا طير يحلّقان في الأفق البعيد ، يفتحان آفاقا لاتحدّ، تتقفّى القراءة أثرهما ، دون أن تدركهما ، كلّما اقتربت منهما غابا عنها ، كأنّهما السرّاب المهاجر أبدا .
أنا لا أملك ذاكرة الحروب ولا الهزائم ولا الملاحم ولا الغزّو، ولا الفتح ولا العلم ولا التّرحال، ولا بطولات الأساطير، فلم يحفظ التّاريخ للنّساء صوتا ولاعملا إلاّ ما قلّ وما ندر، أوما كان عرضيّا لا أصل له ولا دوام، فلم يصل إلينا من سيرتهنّ سوى بعض الحلقات المتقطّعة ، الفاقدة لملامحهنّ ومعاناتهنّ .
نعم، أنا أجهل نشوة الانتصار والتّنافس والقتال ، وأجهل أيضا نخوة القيادة والرّيادة والسّلطة والتجبّر، بل وحتى شيم التّواضع، لأنّي وليدة الصّمت المخيّم منذ قرون ، أنا سليلة ما غبر وكتم وغيّب و حجب.
أقتبس من اللّغة ومن التّاريخ ، ما يشبهني ،ما يؤسّس لذاتي كيانا ، وأبحث في أصل الكلمات ، عمّا أمكن لذاكرتي أن تحفظ .
أرفض هذا الغضب المتصاعد لنساء يصفن ما لاقينه من قهر وحيف طيلة قرون، ما انفّك يجابه تارة بالصّمت وطورا بالاعتراف تكفيرا عما ارتكب في حقهنّ من مظالم ، فمأساتي تتجاوزه . إنّها مأساة الانسان ، فمن قال أنّ الكلام أبلغ من الصّمت ، ومن قال أنّ الوجود أقوى من العدم ، وأنّ الحضور أكثر تغلغلا من الغياب ، من قال أنّ العالم كما نتصوّره خلق من أجلنا ليعكس صورتنا ، ومن قال أنّ ما رواه التاّريخ هو الحقيقة ، من قال ؟ من قال أنّ القويّ مكتمل ، مكتف بذاته ، مقتدر، وأنّ الضّعيف هوالعاجز،من قال ؟ مازلت أبحث عن الوجه الآخر للملاحم والهزائم والحروب كما وصلت إلينا ، أبحث عن آمال قادتها وأحلامهم الضّائعة ،عمّا نتغنّى به دون أن نطاله ، عن نبع الوجدان والرّحمة ، عن مصدر إلهام كلّ لحن ،عمّا يجمعنا ، عمّا يبكينا ، ويفرحنا عن الجناح الثّاني المنكسر أبدا ، والذّي من دونه ، لا تحليق لنا في فضاء الوجود ولا في عوالم الغيب ، ولا في أيّ مكان أو زمان ، مازلت أبحث عن سرّ الحياة ومصدرها .
حروفي صدى للصّمت ، صدى للنّسيان ، صدى لكلّ ما هو بعيد قريب ، لكلّ ما فات فإذا به يعود في صورة أخرى ، صدى يخترق الحركة والضجّة ، صدى يتجاوز الكلام والمعنى ، صدى يكشف أصل الرّيح ، وطبقات الفضاء وتركيبة الأصوات المختلفة ، وما تبعثه من رسائل ، نتلقّاها ، نؤّولها ، ونتبنّاها تملكا وطغيانا ، فنسوغها لغة وكلاما .
قد يكون سبب هوسي بالكتابة ، داء الماليخوليا أو مرض الحزن ، ذلك الّذي تتغلّب فيه المرّة السوداء على بقيّة أخلاط الجسم وهي البلغم والصّفراء والدّم ، فتحدث اختلالا يصيب كلا من الجسم والعقل ، و يجعل النّفس مارقة عن سنّة التحوّل و الفناء ، مستغرقة في أوهامها ومخاوفها ، كما وصفها حكماء اليونان القدامى.
الماليخوليا تلك ، الّتي تحوّل الجزء أصلا ، فتزيد من إدراك النّفس لكلّ صوت وكلّ حركة ، لكلّ صغيرة وكبيرة ، لكلّ ما نسي وترك: حديقة مهجورة ، أو خزانة قديمة ، أو قصيدة تتغنّى بالاطلال ، وهي تنبئني أن لا شتاء يشبه شتاء ، ولا ربيع يشبه ربيعا ، ولا شمس تشبه شمسا ، ولا نجم يشبه نجما ، ولا لحظة شبيهة بلحظة ، ولا ألم يشبه ألما ، ولا قول لقول ، ولا ماض لحاضر ، فكيف لايصيبني هذا الدّاء مثلما أصاب بعض الكتّاب والأدباء. ذالك الدّاء ، الذي عماده الفقدان و الحنين إلى كلّ ما ولّى وفات : طفولة مضت ،وشباب انقضى ، وحبّ زال قبل أن يولد، .الماليخوليا ، مرض الوجود ، الّذي بلي به بعض الفلاسفة والفنّانين و الرّومانسيين التائهين ، في هذا العالم المجنون ، الذي لا يعترف بلوعة الحنين ، ولا بضرورة الرّحمة والرأفة ولا بتألّق الجمال الزائل ولا بدقّة تفاصيله.
ففي عالم الماليخوليا ، كأنّي بالصّوت يصبح ألف صوت ، وبالحركة تتجزّأ إلى مراحل متعدّدة ، وباليوم إلى ألف لمحة ولحظة ، وبالشّمس خيوطا لامتناهية من الاشعة ، وبالنّجوم إلى ألف نجمة ونجمة وبالمدن أحياء وبيوتا ودروبا وأزّقة ، وبالمطر يرتسم قطرة قطرة ، وبالبحار وهي تلتقي بألف بحر وبحر ،فإذا بالعالم يسترجع ذاتيته فجأة ويتنكّر لنرجسيتنا ، كي يصبح غارقا في جمال فان ، متجدّد بين اللحظة والاخرى .
كهذا يصبح الورق ملجأ وملاذا لصور العالم المتغيّرة ، آذانا مصغية لحركة الكون، ومرآة تعكس الخيوط الّتي تجمعنا ،هكذا نؤلّف تواترالفصول كلاما وقصائد وقصصا وأخبارا، هكذا نرسم وننحت ونشيّد ونروي ونؤرّخ.
هكذا ينبعث من الأفق القاتم للماليخوليا ، شعاع نور باهر، تغنّيه المواويل الحزينة واللّوحات العظيمة والروايات الخالدة وهي تبعث الحياة في قلب الضّباب واليأس ، هكذا ينبثق الابداع والخلق من الحزن، وهويحتضن الجمال ، كمن احتضن بين كفيّه عصفورا منكسرالجناح ، مجروحا فيأويه ويحميه وهويرتجف من قسوة الشّتاء وشدّة البرد.
هكذا تصبح الحوّاس مرهفة ، فإذا بالنّفس نافذة ساحرة مخمورة متكبّرة رافضة ، لحقيقة الموت وسنّة التحوّل ، من شدّة ما عانته من فقد ونقصان .
هكذا يصبح التغنّي ، بما فات وولّى أجمل وأبهى مما هو موجود ، لأنّه مستحيل المنال ، هكذا تملّكني الحنين إلى ما كان ولن يعود أبدا ، هكذا أصبحت الكلمة هي الملاذ الوحيد للإيحاء والتذكار، أداة للنحت والحكي والمخيال ، تكتب تاريخ مسيرتنا اليائسة بحبر النّور المتسرّب بين شقوق نوافذنا المغلقة عسى أن تمنح لحياتنا معنى .
هكذا يتكبّر الألم ويتجبّر متشبّها بالحاكم الظالم الغاشم ، الّذي لا يرحم ،حتّى إذا ما استعادته الكتابة فقد سلطانه ، ليتحوّل إلى شبح يستقطبه النّور المتسرّب .
وقد تولد الكتابة أيضا ، من رحم السّعادة وفي لحظات الفرح والبهجة و من الشّوق في أشدّه ومن السّهد إذا ما استبدّ ، في لحظات قصوى ، تتفتّح فيها النّفس على جميع طاقاتها وقدراتها ،فتلهم وتستلهم فاتحة بابها على الأرض والسّماء مندمجة في الكلّ ومع الكلّ وقد تجلّت لوجدانها أسرارالوجود ،فإذا بها تتجاوز حدود شاعريتها و حزنها وسقمها و شفائها وزوال نشوتها وفرحها ، لتّتصل بنبض لا يوصف ولا يكتب ولا يقال ................النّفس الخاضعة لوعيها ، لذلك الوعاء المجسّم داخلها ، يملؤه الفراغ والخواء ، مازال ينسج خيوطا رقيقة لغبار حقيقة لا تدرك بالوصف ولا بالكلام...................أو أليس أصل كلمة الانسان النّسيان ؟ فكيف تخيّلت يوما أن ملكة الكتابة ، الّتي تسكنني دائمة ،لاتزول ؟
مقتطف من المجموعة القصصية بعنوان كش مات الصادرة عن دار نيرفانا للنشر 2015