زمورة وشرنّخ رجلان من أغرب الرجال. أما زمورة فقد كان قصيرا كأيام الفرح وأما شرنّخ فكان طويلا كليل الفقراء. زمورة على ما به من قصر رجل جاد لا يكاد ينام يقضي كامل يومه في حقله النائي لا أدري ما يصنع فيه تحديدا. كان يقلب التراب برفش أو محراث طول أيام الخريف والشتاء فإذا جاء الربيع لم ير الناس في ذلك الحقل شيئا ذا بال. ومع ذلك يستمر زمورة في حقله. أما أخوه شرنّخ فكان نؤوما لا يكاد يفارق فراشه أبدا. ومن هذه العادة السيئة جاءه هذا الاسم الغريب. ظل زمورة يحفر الأرض بلا مقابل يأتيه لا منها ولا من السماء وظل شرنّخ يطيل نومه حتى رآه الناس يوما يحمل معولا وينهال على الأرض حفرا. كان يحفر على حافة الطريق ويخرج من باطن الأرض ألوانا من الأواني الخزفية. كيف اهتدى شرنّخ إلى هذا الكنز وهو لا يكاد يغادر فراشه. يقول الناس إن نومه الطويل جعله أقرب إلى السماء وأن طائفة من الجن أوحت له بما أوحت. لم يرق ذلك لزمورة فترك حقله ومضى ينافس شرنّخ في حفرياته حتى نشبت بينهما الحرب وبلغ الأمر السلط كلها. بعد عشر سنوات على تلك الحرب الزمورية الشرنوخية صار شرنّخ أمينا على المتاحف ولم يعثر لزمورة على أثر.