مارا أحمد - مات كثيرا...

يا له من ألم، ويالها من خيبات... لم يتعلم من ميتاته السالفة... فيغير طريقه.. ويستبدل مركباته التي تقله الى الموت المتكرر...
مات كثيرا..

لفظت ذكراه الانفاس مع كل سفرة...
حين غادر اول مرة كان يرتدي ربطة العنق الزرقاء مع بدلته باللون الكحلي.. استدبر وجوهنا حتى لايرى دموعنا ولا يصدع رأسه عويلنا... ولا ننحت في عقله صورتنا البائسة دونه.....
راح إلى الغيب قليلا.. مات قليلا..
وعاد.... عاد محملا بالحياة وعلي جبهته خطوط البؤس وحول عنقه كوفية تخنقه، غروره أعماه انها تشنقه كما حبل عشماوي وكان هو عشماوي.. .. ليموت للمرة الثانية..
وهكذا.. يعود إلى الحياة ليأتنس بنفسه.. يدللها..... يتأبط إمرأة.. تتجدد بتجدد موته...
اذكر أخر موتة له، فقد حنجرته فلم يتمكن من ان يصف لنا آلام روحه وضميره.. كان يلوح. بيمناه ... يمسك بخناق الهواء.. ينحني كحرف الخاء الذي كم تمنى ان يلقي بالنقطة التي تجعله يركع امام العسس واللصوص... ليصير حاء تننبأ بالحب... غير ان محاولاته للعودة قد نفدت... وصار منزله القديم قبرا.... تفرقنا بين البيوت..
.
مات للمرة الأخيرة... ليموت طويلا.. بلا نائحة ولا دموع تلحق بتلابيبه ولا عزاء..كتبنا علي قبره في اللامكان
مات كثيرا من عاش لنفسه فقط...

مارا أحمد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى