لطيف هلمت - من الشعر الكردي الحديث.. قصائد مختارة - ترجمة : بنيامين يوخنا دانيال

إشارات مضيئة
أضع بين يدي القارىء العزيز هذه الباقة من القصائد للشاعر الكردي (لطيف محمود محمد البرزنجي - لطيف هلمت) مساهمة متواضعة للتعريف بالأدب الكردي, وبالشعر الكردي على وجه الخصوص.
و لا أدعي بأن هذه القصائد هي خير ما كتبه هذا الشاعر, إذ أن اختياري لها كان مرتبطا بذوقي الخاص الذي كان له أكبر الأثر في دفعي إلى مواضع الاختيار. أما ترجمتي لهذا الشاعر فتعود إلى جملة أسباب, منها: إعجابي الشديد بشعره أولا, وكثرة قراءاتي له ثانيا, إضافة لى المكانة التي يحتلها الشاعر في الأوساط الأدبية الكردية..
وفي الختام آمل أن يكون لهذه الاضمامة الشعرية حظها الطيب لدى أهل الادب عامة, ولدى محبي الشعر ومتذوقيه على وجه الخصوص.. والله ولي التوفيق..
بنيامين يوخنا دانيال . 25 / 6 / 1983

( عن القصائد التي تشبه الريح )
* و الشعر يقدم لهلمت بديلا للحياة : لذا فهو لا يرى شيئا يطاول شعره أو يسمق
ليلامس عالمه .. حتى الفتاة التي تحبه لن تفهمه , و حتى الغيمة ستصبح عاجزة
جدباء إذا أمطرت قصائده شعرا .
* قصيدة هلمت تأخذك إلى أحضانها و لكن بقسوة .. فهو يعتمد مفاجأة قارئه و
استفزازه بمفردات منتقاة بدقة لها مدلولات العميقة وراء ظاهرها الرومانسي
البسيط.
* مفردات هلمت في أغلبها طبيعية ( نسبة إلى الطبيعة ) و من السهل أن تجد لها
معادلا , بالبلوط شجر الشمال المعروف هو رمز الانتماء إلى الوطن .. ؟ على

العراق العريق الضارب بجذوره في التاريخ .. و السحاب موجود أيضا , و الريح
و العواصف و الطيور . و لكن هناك الصخور و الجدب و الحالوب .. كل تلك
المفردات تغدو كائنات حية من طراز خاص .. إن لها أكثر من وظيفة : إنها لغة و
ديكور و طقس يهب عليك فيحتويك .
* بمقياس المعاصرة , فلهلمت خطى بعيدة عن تراث الشعر المتوارث باللغتين
العربية و الكردية , لكنه بأدواته البسيطة و صوره العفوية يركب عالما يذكرك بقول
( اليوت ) عن الشاعر الجيد : إنه ذلك الذي يعيد اليك أصوات سالفه .. و هذا ممكن
في حالة هلمت الذي يقول شعرا كالريح .. لا يصادق..
( حاتم الصكر – مجلة الطليعة الأدبية , العدد 1 و 2 – 1983)
( لطيف هلمت ) : شاعر و أديب كردي معروف غزير الإنتاج . يكتب بالكردية و
العربية . ولد في عام 1947 في قضاء كفري – العراق . له اسهامات في حقول
القصة القصيرة و الكتابة النقدية و الفلكلور و الترجمة الشعرية و ادب الأطفال . من
اعماله : شعر تلك الفتاة خيمة مشتاي و مصيفي , الله و مدينتنا الصغيرة , التأهب
لولادة جديدة , العاصفة البيضاء , الكلمات الحلوة ورد ورد , نشيد الفقراء , اجمل
قرية , تلك الرسائل التي لا تقرأها امي , فلسطين وطن غسان كنفاني , الرسالة التي
تنتهي و لا تنتهي , عش آخر , الطفل و المطر , الطفل و العصفور , قلوب من الزجاج
( بالعربية ) , المدن الحدية ( بالعربية ).
( الشاعر )
من يقول ليس للنهر هموم ؟
لو لم تكن له هموم ,
لما تأوه ..
من يقول انه ليس للنهر
عشيقة ؟
لو كان هذا صحيحا ,
فلمن يجلب كل هذه الورود ؟
من يقول بأن النهر
لا يعرف الغضب ؟
لو كان هذا صحيحا

لما حطم رأسه
على صخور ضفافه
من يقول بأن الشاعر
لا يصبح نهرا ؟
أوليس هو الذي يجمع قطرات نجيعه
في غمام الشعر
ليصيرها نهرا
عظيما ؟ !!
***
( الذرى )
هل للذرى أنوف
لتشم بها رائحة أوراد
الغمام ؟
هل للذرى أكف
لتلاعب ليلا الأشجار
الفضية اللون
بالكرات الثلجية البراقة ؟
هل للذرى أفئدة
لتشعر بطعم الشعر ؟
هل تشعر بالبرد ؟
هل تشعر بالقيظ ؟
هل تفلح في صنع الصرائف
من الأشجار النخرة
لتستظل بها ؟

أتساءل :
هل للذرى عيون
لتغدق بها على الفتيات
الحسان
بوافر نظراتها
و هن يقبلن كما النجمات
و يتعرين في الجداول
و الينابيع
عند سفح الجبل ؟
فتروح نهودهن في نقر المياه
الوادعة
كأنها سرب يمام !!
***
( الرحلة )
أركب أجنحة أحلامي
لتنأى بي إلى بلاد
قصية :
لا قانون فيها ..
لا حدود لها
لا الآم فيها ..
لا زنزانة من حديد
و بعد لحظة مكوث :
يلم بي السأم ,
فأعود أدراجي

إلى وطني الحلو ,
لأغرس قصائدي
في أرضه المحترقة
و لأذوب في حبه
ذوبانا ...
***
( الخيال )
شعرت أن في قلبي
آلاف الألوف
من المدن
و البحار
و الأنهار ..
آلاف الألوف من الاجمة
و الفراشات
و الاطيار ...
و فيما أنا أمد يدي اليها
لأمسك بها
تلاشت كل هذه الأشياء
و استحالت ضربا من الخيال !!
***
( قبل )
تغدو قبلاتي سحبا
فتتبع آثارك ,
متنقلة من سماء إلى سماء
و تحط على أسلاك

نافذة غرفتك
مثلما تفعل طيور السنونو ...
إنها تتبع خطاك
و تذهب إلى حيث تفوح رائحتك .
إن قبلاتي لهي شبيهة بي :
إنها دون أم ,
دون موطن
و ليس لها من يحزن عليها .
إنها بقع من سحب
لامتناهية الأطراف .
تحلق بها عاصفة الحب الغيناء
فتتبع خطاك ,
و تتبع خطاك ..
و أنت في ليلة من ليالي الشتاء
القارسة ,
لو سمعت حفيفا خلف بابك
فاعلمي انها سحب قبلاتي
تنقر بابك !!!
***
( إنتحاب )
صيرت القصيدة أجنحة
و حلقت بها
من سهل إلى سهل
و من سفح

إلى سفح
حملت الشجن معي
و رغام ألم
مدينتي كلها
و عندما نفد ترقبي
تساقطت أجنحتي
و ماتت
فبكتني نجمة .. !
***
( أقول )
أقول سأسرق نجمة
لكن أين أخفيها ؟
أقول سأسرق
الشمس
لكن أين أسترها ؟
أقول سأسرق
الأرض
لكن أين أضعها ؟ !
***
( الشاعر )
أصخت سمعي للامواه :
كانت ترمم
للضفاف
أصخت سمعي للأطيار
كانت تغرد

للسرح
أصخت سمعي للسرح
كانت تغني
للربيع
أصخت السمع للربيع
كان يشدو
للشاعر
و حين يممت وجهي
شطر الشاعر
الفيته يذوب
فطرة
تلو قطرة
و يصيرها نارا ... !
***
( تغدو الغمامة )
تغدو الغمامة
أغصان شجر
فتوكر فوقها العصافير
أو تغدو سهما فاتلا
لينفذ في قلب
أيل شارد
أو قبجة حرة ..
تستحيل الغمامة هودجا
فضي اللون
لنجمات ذوات شعر

أزرق
أو مهودا لأطفال رضع ودعاء
أو مضجعا لامرأة شقراء ..
تستحيل الغمامة مقعدا لصبية
غارقة في الغنج
و الدلال
أو ورقة
أو سكرا ..
تغدو ينبوع ماء
أو نهرا
و تغدو حالوبا
أو ثلجا
تندف به السماء ..
و قد تغدو آلاف الألوف من الأشياء
و لكن ليس لها أبدا
أن تغدو شعرا .. !!
***
( كلمة ضائعة )
ما أن أنتهي من كتابة
قصيدة جديدة
حتى تأتيني كل كلمات
الدنيا
و تنفجر في صارخة :
يا شاعر بلاد الجوز
و الثلوج

لم لا تصيرنا شعرا ؟
اليوم كتبت قصيدة
جديدة
تنقصها كلمة واحدة
غابت رغم كل محاولاتي
التي لم تجديني نفعا
في العثور عليها
الكلمة كانت ( أمي )
التي رحلت
و لم تعد أبدا
***
( حفنة ماء )
أخرجت من دجلة
حفنة ماء
فإذا بها تبكي
و تذرف الادمع
قطرة
قطرة
قالت :
ليتك تعرضني للشمس
لأستحيل سديما
و أرحل مع الذاريات
إلى حيث ذرى
كويستان الشم ..
***

( خبر قصير )
من يعرف مانسانا ؟
يقول يفتوشينكو الشاعر *
لقد استولى مانسانا
على إذاعة كوبا
و نطق بالحقيقة
في ثلاث دقائق ,
فأقام بذلك الدنيا
و أقعدها,
عندها أمطروه بوابل من نيرانهم
الاثيمة ..
و لكن مانسانا لن يموت ,
و لن يكف قلبه عن الخفقان ,
و لسوف يعود
ليستولي في كل يوم
على إذاعة ,
دون أن تجد
رصاصاتهم الاثيمة اليه
سبيلا ,
فيعاود العيش في غضب الفقراء
و الآمهم ..
إنه آت
ليخبرنا الحقيقة
من على المسارح

الكبرى ...
***
( جذور )
قالت السندينة للغمامة :
- أيتها الغمامة
ليتك تبللين ريقي
هلمي إلي
أيتها السنديانة
هلمي إلي
لأغدق عليك
من زخات مطري
الغزير
هلمي إلي ..
علام وجلك ؟
فما أنا بفأس
و لا مسحاة
- و لكن بمنأى عني
أيتها الغمامة
و لي جذوري
الضاربة في عمق
الأرض
لا .. سوف لن أبرح
مكاني هذا
و إن قضيت نحبي
من العطش

الممض .. !
***
( النجمة )
لقد آبت كل الانجم
المهاجرة
و حطت على زجاج
الشبابيك
و وكرت
باستثناء نجمتي ..
أين أبحث ؟
أية أحراش ؟
أية قرى ؟
أية روابي ؟
و أية أطرقة ؟
أخشى أن تضيع
كما ضاعت
أمي !!
***
( أنت )
أشعر أن في فلبي
قلبا
آخر
عاصفة كنت
أم ريحا
فإنك في قلبي

كليهما !!
***
( تشرد )
شريدان :
أنا
و الشعر ,
هو على السنة
الاحبة
و أنا في هذي الأرض
الكأباء .. !
***
( المنية )
كل الناس يموتون
بعضهم بالداء
و بعضهم الآخر من الوجل ,
بعضهم بحوادث
سير
و بعضهم الآخر من الفرح ,
بعضهم بالطوى
و بعضهم الآخر بفيضان ...
بعضهم بطلقة
نارية
و بعضهم الآخر
في السجن ,
بعضهم في الوغى

و بعضهم الآخر
بالسم الزعاف ,
أما أنا
فالذي يقتلني
هو هواك
أيها الوطن .. !
***
( إلى غسان كنفاني و الشعراء الذين أعرفهم و لا أعرفهم )
عندما أتانا المسيح
نكرناه ,
و على الصليب صلبناه ..
ثم أقمنا له تمثالا
في بيعة المدينة ,
و كتبنا على الاف الألوف
من الحيطان ,
و بالكلمات الكبيرة :
مات محب عظيم ...
مذ ذلك اليوم ,
و نحن نحيي ذكراه
في فاتحة كل سنة
جديدة ,
و نحكي للأطفال
ملحمته ...
و لكن ألف مسيح يصلب

كل يوم ,
فتغدق العطايا
على القتلة
أبطال هذا العصر
و قد غاصت مخالبهم
في الدماء .. !
***
( المزامير )
السرحات لا تبرح
أماكنها
و إن قطعت ,
إذ أنها سرعان ما تنمو
من جديد ,
أو سرعان ما تلفظ
أنفاسها ..
المحب قريب الشبه
بالسرحة ..
إنه قتيل هواه .
أنا الآخر
و إن لم أكن سرحة
لكنني آثرت الموت
في وطني
لأن كل ما انشده :
أن تكون للزهور البرية
و لأغاني مزامير

رعاة كويستان
رائحة صبابتي ..
***
( الجناح )
أقبلت عليهم قائلا :
الحياة بحر
يشاركني فيه الجميع
فقطعوا فمي
ألف مرة ..
و بعد حين
عاودت الكلام
فأشعلت سراج الكلمات الجديدة
في ذلك الليل
الاليل
في كل أركان الكون ..
في كل شوارع
الكون ..
و غنيت أغان جديدة
لمدينتي ..
للغيث ..
***
( نجمة )
كانت نجمة ما
تضحك عند ذروة جبل
فأقبل نحوها السديم

بلونه الضارب إلى السواد ,
و أحاط بها
آخذا بخناقها ..
عندها تململت النجمة
الوادعة
من شدة الألم
فقالت :
رفقا بي أيها السديم الأسود
علني أنير غرفة
صبية وحيدة
حطمت و أطفأت الريح العاتية
سراجها !!
***
( القوة )
كل الكلمات تحشدت
فغدت بذلك
أطول قصيدة
كل المصابيح تكاثفت
فأصبحت بذلك
الشمس الأشد سطوعا
كل المياه اتحدت
فصارت بذلك
أعظم فيضان
كل سرحات الغاب التأمت
و صارت سرحة واحدة

فحطمت بذلك
أمتن فأس .. !!
***
( المطر )
عندما وقعت في حبائل
حبك
أيتها الحبيبة
ما تغيرت دورة
الأرض
و لا موضع شروق
الشمس ..
القمر هو الآخر
لم يفقد لونه
و ما تغير لون المياه ..
و لكنها كانت المرة الأولى
التي شعرت بها
بأريج البهجة
و هو يبلل فؤادي
قطرة .. قطرة
كغيث كله عطر
و ماء ورد
و عبير ,
فكنت بذلك أول من يكتشف
لغة الحب
أنا نعم .. أنا

و سأظل عاشقا
ما امتدت حياتي
***
( آلاف الألوف من الأغاني )
تقطع الشجرة
فتصنع منها الأبواب
و الصرائف
و النوافذ و الأقلام
و مقاعد المقاهي
و الموائد و المغازل
و الامشاط
و ألف شيء ..
أما الشاعر
فعندما يهب روحه
فداء للوطن
فإنه يتحول إلى آلاف الألوف
من الأغاني
على شفاه
آلاف الألوف من الأطفال
بين رعشات آلاف الألوف
من المزامير
و في نوافذ آلاف الألوف
من الشرفات
و المنازل ..
***

( الأرض و الجذور )
بمستطاعي أن العق
زرقة السماء
نقطة تلو نقطة
لأكتب بلساني
أطول قصيدة
للوطن
***
بمستطاعي أن أسرق
أضواء كل الشموس
لأجعل منها أطول شعر
لحبيبتي
***
بمستطاعي أن أنهب كلمات
كل القواميس
لأخفيها في مهجتي
و هي تغلو
***
و لكنني لا أستطيع أن أجعل
من أية أرض أخرى
وطنا لي
غير هذه الأرض !!
***
( أسئلة )
1 – لولا حديثي عن مذاق جسدك

فمن كان يدري
ما طعم العسل ؟
إن لم أكلم كل هذه الرياح
عن ضفائر شعرك
فمن كان يدري
ما أنباء بيادر موسم
الصيف ؟
لولا عشقي لعينيك
فمن ذا الذي كان يعرف
ما اللون الأخضر ؟
لو لم أكتب
عن شحمة أنيك
لما تدلى منهما القرط
على هذا النحو
لو لم أزرع اسمك
في الأرض
لما أزهرت
إن لم يبكيك قلبي
فمن أين أنهار الأرض ؟
لولا وقوعي في حبائل
حبك
فمن ذا الذي كان يعرف
ما الحب ؟
لولا هيامي بك
لما عرف أي أحد

ما الفرق بين البعاد
و الالتقاء .
2 – أيهما أيسر
أبلوغ القمر
أم بلوغ قلب المرأة ؟
سائلوا أرمسترونغ
أم بلوغ قلب
المرأة ؟
سلوا أرمسترونغ
***
سائلوا أرمسترونغ
أيهما أدفأ
أضياء القمر
أم جسد المرأة ؟
سلوا أرمسترونغ
سلوا أرمسترونغ
أيهما كان السباق
في الهبوط على القمر
أهو ..
أم كلمتي ؟
سلوا أرمسترونغ .. !
***
( ممكن )
أن يقع ألف شاعر
في حبائل حب فتاة

فهذا شيء جائز
أن يفضي أحد الطرق
إلى ألف قرية
فهذا شيء ممكن .
أن يعري أحد الفؤوس
مائة غابة ,
و يجعلها كما المفازة
القفر
فهذا شيء جائز ...
أن تتحول كلمة واحدة فقط
إلى ألف أغنية
فهذا شيء ممكن
أن يحرق حلم انسان
لا حول له و لا قوة
عدة عوالم
و دنى
فهذا شيء جائز .. !
***
( القلب )
الذي يحمل بين جنبيه
قلب شاعر :
ما له في هذي الدنيا
من مكان ..
الذي يحمل بين جنبيه قلب شاعر :
سوف يشتعل

و ينطفىء
حتى تستحيل الشمس
جدول رماد ..
الذي يحمل بين جنبيه
قلب شاعر :
سوف يحوم
حول الشمس
حتى يذوب
كما الأرض .. !!
***
( الشمس )
آه .. أيتها الشمس
القصية
أنا الهائم بك حبا
و ما لي غير الشعر
لسوف أعلق أشعاري
على أغصان و أفرع
سنديانات كويستان
و شفاه أطفال
بلادي
و أيمم شطرك .. !
***
( ليتني )
ليتني كنت شجرة بلوط
في سفح ( هلكورد ) ليتني كنت ينبوع

ماء
في ربوع ( شارزور )
ليتني كنت غديرا
في ( كفري )
و لكنني شاعر
ليس إلا
و كل ما أنشده :
أن تحويني فتاة ما
في قلبها ..
* كويستان : المناطق الجبلية الباردة .
***
( تساؤلات )
من ذا الذي يعلم
ما الذي تفضي به النجمة
للينبوع
من المساء
و حتى الصباح ؟
من ذا الذي يدري
ما الذي ينبس به الطائر
لأغصان و أفرع شجر
الغاب
طيلة موسم الشتاء ؟
من ذا الذي يعلم :
كم يتجشم الشاعر
من العناء

للبحث عن الجداول
و الينابيع ؟
و كم مرة تفيض روحه
كي يشتعل طائر كلمة
من كلماته ؟
أنا الآخر
عندما الفظ أنفاسي :
كم جذوة ذهبية
ستظل في فلبي ؟
و كم عالم سيحل به الخراب
في رأسي ؟
***
( إلى شاعر فلسطيني )
إن هي إلا لحظات
و يأتونك كالذئاب ,
فيجعلون من غرفتك المتواضعة
الأركان
غابة شاسعة
لأوراد الدم ...
إنهم سيقدمون على صبغ
أحذيتهم
في أعماق جراحك ,
و لسوف يحرقون
لسانك

بسكين من نار ..
***
إنهم لك بالمرصاد
أشبه بالشبكات الجائعة
التي لا تغمض لها عين ,
فتجوب البحار
و تجوب البحار ,
بحثا عن السمك ...
***
أعلم إن أقدموا على قطع
يدك
لكفت يدك المقطوعة عن كتابة
الشعر ,
و إن اقتلعوا لسانك ,
لسوف لن تهطل الأغاني
من ثغرك ,
و سوف لن تحوم
من حوله
أطيار الكلمات ...
و أعلم أيضا
إنهم إن أقدموا
على جز رقبتك
سوف لن تثقل عناقيد
الحلم الخضراء

رأسك المقطوع ..
و لكن هيهات أن تموت
الشمس في عينيك ,
و إن زرعوا فيهما الظلام
و هيهات أن يمسك الوجل
بتلابيب قلبك ..
هيهات .. هيهات أن يستطيعوا
اجتثاث وطنك من قلبك ..
قلبك المفعم بالشعر !!
***
( إلى شاعر ما )
لا .. لم تكن للأرض حدود
لم تكن لها أسوار
أنت أيضا عندما بللت بنانك
في جدول
الشمس
ما كان على يديك
آثار الاغلال
و المسامير .. !
( حاشيتان )
1 – يبلل صوتك شعر
قصائدي
أشبه بشهر نيسان
إنه طائر سعد

يتوجني بتاج الشاعرية
الوردي
2 – أفم هذا
أم جذوة ؟
أشفه هذه
أم مدية ؟
3 – أكف هذه
أم نهر من الشهد ؟
أشعر هذا
أم نهر منقوس قزح ؟
***
( الاسم )
لست الشاعر
الذي يروم ترك بصمات
شفتيه
و بنانه
على شفاه
و حلمات نهود
كل الفتيات ..
كل ما أنشده :
أن يكون اسمي
على شفاه
جميع الأطفال ..
و أن تكون لجذور السنديان
رائحة

مهجتي .. !
***
( أغنية )
في أحد الاماسي
هوت نجمة ما
في أحد الأنهار
فصارت الف
نجمة
و طفقت ترقص طربا
و تستحم فيه
حتى الصباح ...
أغنية ما هوت
في فم إحدى المدن
و بعد دقيقة
غدت ألف أغنية
على شفاه الاطيار
و السابلة ...
***
( إلى أمي )
أمي العزيزة :
أحملك في قلبي
كخنجر عديم الغمد
و هل هناك شيء
أكثر حلاوة
من أن أكون

قتيل
حبك ؟ !!
***
( تساؤل )
من يشرب الاشجان
المهربة
مثلما يفعل الشاعر ؟
من يبيع الحبور
المهرب
مثلما يفعل
الشاعر .. ؟
***
( الينبوع )
هل للريح
جداول
و ينابيع ؟ ؟
ألا توجد أحراش
في قلب
الشاعر ؟؟
الشعر أحلى
أم السكر ؟؟
***
( لاوك الحرية )
اسالبوني
كل ما أملك

و لكن بالله عليكم
قبل أن تقدموا على قتلي .
انثروا في فؤادي
قبضة من ثرى
هذا الوطن ...
***
اسلبوني
كل ما أملك
و انزعوا عظامي
عن جسدي
بالكماشة
العظم تلو العظم
و لكن بالله عليكم
لا تقدموا على كسر غصن
من غصنة أجمة
هذا الوطن ..
***
اسلبوني
كل ما عندي
و انتزعوا شعرات
جسدي
واحدة تلو الأخرى
ثم اسجوا منها
حبلا
و اخنقوني به

و لكن
بالله عليكم
لا تقدموا على احراق
صخرة من صخور
هذا الوطن .. !
***
( دواء الضحك )
نحن في عصر
الغصة فيه
كالشهد
و البوضة ..
إنه عصر الفئران
و الجراد ..
عصر الكلوم ..
أما من صيدلية
يباع فيها
دواء الضحك
***
( الشاعر الشمس )
وطن ما صيروه
سجنا
و رمسوا فيه أحد
الشعراء
فصار الوطن
سماء

و صار الشاعر
شمسا .. !
***
( البحر )
سئلت :
عم تبحث ؟
قلت :
ابحث عن يم
ضل طريقه في فؤادي
- لا نفهمك
ما الذي تقوله ؟
+ ماذا
إني لم أقل شيئا بعد .
أقول :
إني أبكم
لو قدرت على الكلام
لصرخت بملء فمي :
هذه مدينة نائمة
هذه مدينة
ميتة .. !
***
( الانسان )
عندما يذوب الثلج :
يتحول إلى ماء ..
و عندما يذوب الانسان

يتحول إلى حذاء !!
***
( سكر )
لما غضب الله
على البحر
صيره ثلجا
قطرة تلو قطرة
و حين غضبت على قلبي
صيرته
شعرا
نقطة تلو نقطة
و عندما غضب الشعر
على الكلمات
صيرها سكرا
سكرة
تلو سكرو .. !
***
( الرأس )
هل فيكم من يبتاع
رأسي الشاعر ؟
هل فيكم من يستأجر
رأسي
لبضعة أيام
أو لبضعة أعوام
أو لبضعة

قرون ؟ !
***
( اللؤلؤة )
لؤلؤة ما انفرطت من تاج
أحد الملوك
فعانقت الأرض كطائر
جريح
و لما انحنى أحد العبيد
ليتقطها و ليعيدها
إلى محلها
في تاج الملك العظيم الشأن :
انفك عقال لسان
اللؤلؤة
البكماء
من شدة انفعالها
بعد أم أغمضت للعبد عينيها
فأرسلت صرخة :
لقد سامت هذا التاج
الذي طالما كبلني ..
أيها العبد التعس
لم لا تسرقني
لتصيرني قلادة
تحيط جيد
زوجتك ؟ !
***

( غمامة )
يدي : ريح
و هذي الدنيا : ورق مقوى
يدي : ريح
و هذي الدنيا : سديم و ثلج
هذي الدنيا : رمدداء ؟
و هذي الدنيا : سطام منجل
يدي : مسن !
***
( أغاني الحب )
من لا يعرف أغاني
الحب
ما ادراه ما الفرق
بين الشهد
و الدفلى ..
الذي لا يعرف أغاني
الحب
ما أدراه
ما الفرق بين الطلقة
و القبلة !!
***
( بدايتان )
1 – لأنني متيم بك
قالوا : إنه لشاعر مجنون .. !
2 – أيتها القصيدة

أبحث عنك
في فؤاد
قتل فيه
اللسان ..!
***
( ألذ قبلة )
الذ قبلة
هي القبلة التي لا تبلغ
الشفاه
و أجمل قصيدة
تلك التي لا تكتب
باليراع
و أعمق يم .. يم في فؤادي
مرات اسمه الحبور
و مرات أخرى
اسمه الكربة
***
( الحلم و أشياء أخرى )
الحلم قريب الشبه
بالنجمة
يولد مرات
و يأفل مرات أخرى ..
القلب قريب الشبه
بالنافذة
يشرع مرات

و يغلق مرات اخرة
و مرات يتحطم
ليغدو قطعا
جد صغيرة .. ؟
***
( الفيضان و أشياء أخرى )
أرسل خطواتي
خطوة تلو خطوة
قلبي :
نهر حب
رأسي :
ضح
يدي :
قدوم
و رجلي :
فيضان .. !
***
( لذات العينين الزرقاوين )
قطرة ماء صافية
لو أذيبت فيها
حلاوة الأرض
هل ستكون حلوة
مثل قبلة .. ؟
بركة ماء صغيرة
لو تجمعت فيها

زرقة السماء
هل ستكون زرقاء
مثل عينيك ؟؟
***
( الحرب الكونية الثالثة )
علمت الغابة
الغيناء الشعر
انهم سيأتونها في الصباح
ليقطعوا أشجارها
كي يصيروها أعقاب بنادق
للحرب الثالثة
فاجتثت جذورها
أثناء الليل
في هدوء
و سكينة
و صيرت أهدابها جدولا
لنار الصدأ .. !
***
( حب )
كتبت لك قصيدة جديدة
الطائر قال :
أنا سأنقلها اليها
النهر قال :
أنا سأنقلها اليها
النجمة اللامعة قالت :

أنا سأنقلها اليها
القمر الوادع
الشجن قال :
أنا سأنقلها اليها ..
و في الصباح الباكر
نقرت الشمس
زجاج نافذتي ببنانها
و أيقظتني : أنا من تنقل قصيدتك
الجديدة
إلى حلوة العينين ..
فتحت قلبي
و إذا بي الفيك
تنبجسين فيه
كالنقاخ
آنئذ امتقع وجه
النجمة
و القمر
و الشمس
من الخجل
فأفلت واحدة
تلو الأخرى .. !!
***
( الخارطة )
عندما أبت
أوصدوا بوجهي

الأبواب
دسوا في قبضتي
خطابا
و قالوا :
ما لك وطن ..
عندئذ قررت أن أحرق
خارطة
هذا العالم
***
( الريح )
عندما تذوب الريح
الثلوج
تصيرها فيضانا ..
و عندما يذوب العشق
فؤادي
يصيره
شمسا .. !!
***
( الحلم الاغين )
و أنت تحلمين
لو أتاك شاعرا
و طلب منك
أن ترتمي
في حضنه
أو أراد أن يقبلك

عنوة
فأعلمي أنه أنا
لأنني الرجل
الوحيد
الذي يأتيك
و أنت
تحلمين .. !!
**
( الحارس )
احرس قلبي
من المساء
و حتى الصباح
كي لا تلتهمه سنورة
سغبى
على حين غرة
أو تسرقه فتاة ما
و تمضي به .. !
***
( أعظم الجروح )
عندما ماتت أمي
لم تتساقط النجوم
و لم تهاجر
الأسماك ..
عندما ماتت امي
لم تسجم قطرة دمع

من عيون
السماء ..
الاطيار هي الأخرى
لم يكربها الغم
و لم يشجن ذلك الورود
المنتشرة
في حضن الجبل ..
عندما ماتت امي
لم يخسف القمر
و لم تكسف الشمس
و لم يشعل الملاك سراجا
فوق رأسها ..
عندما ماتت أمي
ظلت الأرض كما كانت
و فتحت داخل قلبي
أقدم بوابة
لأبلغ جرح ...
آه .. لكم هو صعب بعادك
يا أماه ..
شتان بين بعادك
و العطش
و السخط
و بعاد الحبيب ..
إنه أشبه بجبل ( هلكورد ) في ثقله ..
و أنت في ليلة من الليالي

لو لمحت بريقا
يحول العتمة عن قبرك
و يصيرها كما الشعل
النيرة
فأعلمي انه ليس بالشعلة
بل أنا
و قد اشتعلت في حضورك ...
أمي العزيزة
ما أسهل أن أسمي
السكرة سكرة
و الجرح جرحا
و الوردة وردة
و لكن لمن أقول :
أماه .. ؟؟ !!
***
( انتباه )
سر .. سر
و ارسل خطاك
في الغاب
كما تشاء
لكن إياك و أن تصير
أيكة .. !
***
حلق بين الكواكب
و الانجم

كما تشاء
لكن أياك و أن تصير
نجمة .. !
***
سر .. سر
و ارسل خطاك
بين الكلمات
كما تشاء
لكن أياك و أن تصير
كلمة .. !!


-----------------------------

1721037223464.jpeg


- الطبعة الأولى - مطبعة كريستال – أربيل , العراق 2001
- الطبعة الثانية - مطبعة بيشوا – أربيل , العراق 2023
. أجيز نشر هذه الترجمة من قبل الشاعر خطيا في 18 / 7 / 1983 *
. تم نشر معظم هذه الترجمات في الصحف و المجلات العراقية *
* أجيز نشر هذا الكتاب في حينه من قبل دائرة الرقابة العامة في وزارة الثقافة و
الاعلام العراقية بالإجازة المرقمة ( 713 ) في 25 / 9 / 1984 .
* أجيز نشر هذا الكتاب من قبل وزارة الثقافة في أقليم كردستان العراق / المديرية
العامة للثقافة و الفنون بالإجازة المرقمة ( 22 / 1048 ) في 3 / 7 / 2001 .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى