فاطمة البسريني - آكل الألسنة...

ــ قد أفهم أن العيون تقهرك بنظراتها فتعشقها ويقتلك حبها ، لكن كيف يمكن أن تحب الألسنة ، فهي في أغلب الوقت تختفي داخل الفم ولما تتحرك تنطق كلاما سيئا جارحا ؟.
ــ إذا نطقت بكلام سيء ، آكلها وألتهمها .
ــ اللهم قني نظرات الأعين ، وكلام الألسن .
قلت تأكلها ؟ هل أنت من أكلة الألسنة ؟ هل تستطيع ذلك ؟
ـ طبعا ، فأنا أجد متعة في ذلك وقد أمضغها مضغا .
ــ أنت خطير على الألسنة وعلى العيون .
ـ خاصة لما تكون النظرات وقحة واللسان طويل ، فأنا أدخل إلى العيون أبحث عن تلك النظرات الممتعة ، وإذا أزعجني اللسان بوقاحته فأنا أزدرده بعدما أجتثه من جذوره ، لذلك فلتحافظي على عينيك ولسانك .
لم تشعر بأي خوف أو فزع مما دار بينهما من حديث ،بل نظرت إليه في تحد ، ذلك أنها تعرف أن ماردها الشرس القوي هناك ، يراقبها على الدوام والشرر يتطاير من عينيه ويحرسها ضد كل ما يمكن أن تتعرض له من سوء وهو مستعد للتدخل كلما احتاجت لذلك .
أمام نظراتها العميقة الجريئة ، قال بتفاخر:
ـ يوما ما سأفوز بنظراتك هذه وأدخل إلى أعماقها ، ثم أنزع لسانك من عمق حنجرتك وازدرده دفعة واحدة .
بسخرية لاذعة أجابت :
ـ اللهم ابعد عني آكلي الألسنة والمتسللين إلى النظرات داخل حدقات العيون ...
تمتمت بينها وبين نفسها (لو سمعك ماردي ، سيقطعك إربا إربا ويرمي بكل جزء منك إلى صغاره من الشياطين ).
ما لا تفهمه هو كيف يعشق هذا البشري أكل ألسنة بشر مثله .
ما لا يعرفه أنها أشفقت عليه من غروره وزهوه بنفسه ، وإلا كانت أمرت ماردها أن يفقأ عينيه ويأتيها ببؤبؤتيهما على صحن من ذهب .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى