سيارة تاكسي تقف أمام مطعم حبيب عجة بحي الخضراء. ينزل السائق. رجل ضخم أشيب رث جدا. يجلس إلى طاولة في الركن الأيمن من ساحة المطعم الصغيرة. يبادره شفيق بالتحية ويناوله قائمة المأكولات. ينظر في القائمة ويطلب الكفتاجي. هذا المطعم مختص في صناعة العجة والكفتاجي والتسطيرة ورواده معروفون من طبقة واحدة . والزائر اليوم مألوف جدا فاغلب الزبائن من سواق التاكسي ولكنه مع ذلك بدا غريبا. وصل صحن الكفتاجي فانقض عليه السائق الضخم والتهمه في بضع دقائق كنت أحدث فيها شفيق عما حل ببلدتنا من تحولات. حدثته عمن غادروا وعمن سافروا وعمن أنهكتهم الحياة وصابروا. نهض السائق الرث واتجه إلى صندوق المحاسبة. قيل له هات سبعة دنانير. ثارت ثائرته. لم يصدق ومضى يلعن المطعم وصاحبه ويقول سبعة دنانير يا رسول الله؟ شفيق ابن عمتي رجل هادئ وحكيم . لم يناقشه. اكتفى بأن قال له: يا رجل تلك هي التعريفة وأظنك قرأتها قبل الأكل . إن شئت فانظر فيها من جديد لم ينظر فيها ومضى يناقش ويتذمر. لم يطرأ على شفيق شيء. اكتفى بأن نصحه بالمغادرة دون أن يدفع . ارتبك السائق الرث ونظر إلي وهو يقول: انت المعلم.؟ قلت نعم وعليك أن تدفع سبعة دنانير ونصف . السبعة للكفتاجي والنصف مقابل اللغو الذي لغوته . رايته يبتسم. ثم يضع السبعة دنانير ويغادر. شفيق يغني: صافيناز حبك صافي كالقزاز .