تعليق على مقال يوسا: لماذا نقرأ الأدب

  • لم يعجبني مقال ماريو فراغاس يوسا عن (لماذا نقرأ الأدب).. اجتهد لايجاد اجابة لكن اجابته كانت شديدة التقليدية ، لماذا نقرأ الأدب سؤال صعب جدا ، لدي صديق خريج كلية الفلسفة ، سأله شخص آخر لا يكاد يفك الخط: ماذا يشتغل الانسان الدارس للفلسفة؟
    في الواقع ورغم ذكاء صديقي هذا إلا انه اسقط في يده ، اجاب اجابة متلجلجة ، وغير مقنعة لكن الشخص الآخر تجاوزها ، إن التساؤلات الصعبة هي تلك التي تأتي من اشخاص بديهيين جدا ، اولئك الذين يفهمون الحياة كما هي لا كما يجب ان تكون ، اولئك الذين لا يقلقهم وجودهم فيها كثيرا ، ولا تمثل لهم حياتهم ذات الروتين والنمط التكراري أي قضية ، ان اسئلة هؤلاء عميقة جدا ومقلقة جدا لؤلئك الذين يعتقدون انفسهم اذكياء او اؤلئك القلقين دائما ، لأنهم لن يتمكنوا من تبسيط ما لا يمكن تبسيطه . انهم لن يتمكنوا من شرح اشكالية بحثهم غير المجدي عن اليقين المعرفي ، ولا عن لهاثهم وراء قيمة انطولوجية لذواتهم ، ليس بالسهولة ان تجيب عن الاسئلة التي تبدوا بسيطة كما يمكنك أن تجيب عن اسئلة شديدة التعقيد بكل بساطة. لماذا نقرأ الأدب ، سؤال بسيط جدا ، وهنا تكمن صعوبة ايجاد اجابة بسيطة مثله ، في الواقع الأديب بدون قارئ يموت ، لكن القارئ اذا توقف عن القراءة فلن يحدث له شيء ، ولذلك على الأدباء ان يجيبوا هم عن هذا السؤال الصعب وليس القارئ ، القارئ قد يقرأ ليسرق زمن وصوله لمحطته وهو في القطار ، وقد يقرأ لأنه يبحث عن التشويق ، وهناك من يحب التأويل ، وهناك من يبحث عن تحليل شخصية الكاتب ، وهناك من يريد ان يشعر بأنه مثقف او يقنع الآخرين بأنه مثقف ، وغير ذلك من اسباب تتعدد ، ما طرحه يوسا من أجابة كانت في الواقع اجابة لسؤال: لماذا نكتب وليس لماذا نقرأ ، اننا في الواقع لا نعرف لماذا نقرأ كإجابة يمكن تعميمها على الكافة ، كما أننا لا نستطيع ان نقول بنرجسية اننا بدون القراءة سنلقى حتفنا ونهلك أو أن الحياة ستتوقف ، او أن الحضارة ستنهار ، هذا كله لن يحدث ، وما لن يحدث ايضا هو ان يتوقف الجميع عن القراءة ، فهذا ايضا مستحيل ، أيا كانت الاسباب فإن الأديب عليه ان يجتهد ليجوِّد فنه من أجل منح القارئ شعورا بقيمة لقراءته . ليس مطلوبا منا ككتاب أن نجيب عن هذا السؤال بشكل عميق ابدا ، بل على العكس ، علينا ان نجيب عنه بنفس بساطته ، نحن نقرأ لأسباب مختلفة ، ولكن يجمعها ذائقة الفن ، وفي نفس الوقت ليس بالضرورة ان تقرأ الأدب ، فلن يأتي يوم القيامة بسبب امتناعك عن القراءة ... ان الأدب له اهميته وهذا لا جدال فيه ، فلا يمكن ان نتجاهل قيمة المسرح اليوناني الذي كتبت مسرحياته قبل الفين وخمسمائة عام ، لتكون تلك المسرحيات العظيمة شاهدة على حضارة فذة تمثل عبقرية الانسان ، لم يكن بالضرورة ان يذهب جميع الاثينيين لمشاهدة تلك المسرحيات ، فقيمتها استمرت تعطي بسخاء ، ان بردية المزارع الفصيح الفرعونية دليل اركويولوجي على حضارة استمرت زهاء الثلاثة آلاف عام . إن الأدب هو تأريخ وتوثيق لإبداع العقل البشري ولضميره وقيمه الانسانية ، أما لماذا نقرأ فليس هذا بالشيء المهم ... ولكن الاهم لماذا ننجز ابداعا ابديا ... والاجابة ببساطة : لأننا بدون ذلك نموت ونحن أحياء...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى