وجرى بين ثلاثتهم، وهم على شرفة شقتهم الجديدة تذكر الجيران، الذين كانوا يحيطون بيتهم القديم. وبرزت من تلك الذكريات واقعة البصل التي لم يُسدل الستار على تفاصيلها أو أسبابها. حاول الابن ناصح أن يزيح ذكراها. لم يستطع فاندفعت أمه:
" كنت في غرفتنا بعد العصر عندما ارتفعت الصرخات والشتائم والسباب من جهة دار الحساني، فظهر رب العائلة محمد على سطح منزلهم، يطلق الشتائم لتمر من على سطح منزلنا إلى سطح منزل عائلة الرجومي الذين كانوا منتشرين على سطح بيتهم خلفنا، وجاء الرد سريعًا من رب عائلة الرجومي نفسه، ومن ثم اشترك أفراد العائلتين في الصياح والشتائم"
وتدخل الوالد في الحديث:
" لم أكن أتوقع أن يتطور الأمر بين العائلتين إلى اشتباكات بالأيدي، وعراك في الشارع الذي يفصل بيننا وبين عائلة الحساني"
وتدخلت الأم وقالت إنها أطلت من النافذة، فرأت الحساني يمسك برقبة الرجومي ويلقيه أرضًا، وشاهدت النساء والفتيات من العائلتين تشتبك بعضهن ببعض. فشُدت الشعور ومزقت الثياب. دعتهم بأن يوقفوا هذه المعركة؛ فهم أبناء حي واحد وجيران، ومن حق الجار على الجار ألا يؤذيه. لكنهم لم يهتموا بنصيحتها.
قال ناصح:
- ولا أظنهم سمعوها يا أمي.
وقال الأب:
- المهم أمرتكما بالبقاء في البيت، وإغلاق الأبواب والنوافذ؛ حتى لا تصل إليكم قذائف الحجارة..
اعترض ناصح:
- هل كانت الحجارة أم سلاح آخر؟
- لا أدري، لكنها انطلقت من سطح دار الرجومي مارة بسطح بيتنا إلى بيت الحساني. لم تتوقف المعركة إلا بعد أن جاء الشيخ مجدي. فانفك الطرفان بعضهما عن بعض. وكانت النتيجة تكسير بعض النوافذ والأبواب، وجروح بسيطة لبعض الأفراد من كلتا العائلتين.
علقت الأم:
- انتهت الأعمال العدائية، ولم يتوصل الشيخ مجدي إلى معرفة الأسباب. فكل عائلة تدعي بأن الاعتداء بدأ من سطح منزل العائلة الأخرى، واختلفوا في معرفة القذائف التي أطلقت: هل هي الحجارة، أم علب الصفيح الفارغة، أم قطع الخشب والأغصان؟
أكمل الأب شهادته:
" حك الشيخ رأسه، وفكر بأن القذائف لا يمكن أن تأتي من دار الرجومي، وتمر من فوق سطح دار أبي ناصح. عندها انتفضت واستنكرت هذا التفكير، كما استنكره الحساني والرجومي، فعائلة أبي ناصح فوق الشبهات؛ فهم معروفون بأخلاقهم الحميدة، ومحافظتهم على الجيران، ومساعدتهم على قضاء حوائجهم. وهكذا ظل سبب الخلاف بين العائلتين سرًا من أسرار ذلك الحي.
لم يستطع ناصح إلا أن يبوح بما لديه من معلومات عن تلك الواقعة، التي هزت حارتهم في ذلك اليوم. فاعترض على ما قاله أبوه:
- لا سر يبقى إلى الأبد.
نظرت إليه أمه بدهشة:
- هل تعرف شيئًا لا نعرفه؟
وقال الأب:
- أنت الوحيد الذي لم نسمع منه عن الواقعة.
اعتدل في جلسته ووجه كلامه إلى أمه:
- هل تذكرين؟ كنت تضعين البصل على السطح حتى تذهب منه الرطوبة.
– ما علاقة البصل بما نتحدث عنه؟
- هو السبب بما جرى. كانت امرأة الحساني تنشر الغسيل على السطح، وكان الرجومي وأولاده حوله على سطح بيتهم أيضًا. بدأت برمي البصل على العائلتين. أرمي رأس البصل وأختفي خلف السور، وبقيت على هذه الحالة حتى ولعت بين الطرفين، والتقيا وجهًا لوجه في الشارع.
صاحت الأم:
- معقول أنت من أشعل العداوة بين الجيران! ماذا لو عرفوا بأن ابننا وراء هذه الحادثة؟
قال الأب:
- شككت فيك، لكني لم أجزم؛ فأنت عند الجميع من الأولياء الصالحين. كان استنتاج الشيخ مجدي صحيحًا؛ فليس من المعقول أن تمر رؤوس البصل أو غيرها من فوق سطح منزلنا إلى منزل الحساني.
شعر ناصح كأنه تخلص من صخرة على ظهره، أو كابوس على صدره:
- الحمد لله! لم تقع خسائر بالأرواح؛ كنت مت بتعذيب الضمير.
قال الأب:
- لو أخبرتني لما حدث ما حدث بين العائلتين.
- ماذا كنت تفعل؟
- ببساطة نعترف بخطئنا، ونجلس للحق كما يقولون. فلا تكبر المشكلة، ولا تتطور إلى عراك بين العائلتين. أي خلاف بين البشر يحل حين تتكشف الحقيقة، وحين يعترف بها الجميع.
" كنت في غرفتنا بعد العصر عندما ارتفعت الصرخات والشتائم والسباب من جهة دار الحساني، فظهر رب العائلة محمد على سطح منزلهم، يطلق الشتائم لتمر من على سطح منزلنا إلى سطح منزل عائلة الرجومي الذين كانوا منتشرين على سطح بيتهم خلفنا، وجاء الرد سريعًا من رب عائلة الرجومي نفسه، ومن ثم اشترك أفراد العائلتين في الصياح والشتائم"
وتدخل الوالد في الحديث:
" لم أكن أتوقع أن يتطور الأمر بين العائلتين إلى اشتباكات بالأيدي، وعراك في الشارع الذي يفصل بيننا وبين عائلة الحساني"
وتدخلت الأم وقالت إنها أطلت من النافذة، فرأت الحساني يمسك برقبة الرجومي ويلقيه أرضًا، وشاهدت النساء والفتيات من العائلتين تشتبك بعضهن ببعض. فشُدت الشعور ومزقت الثياب. دعتهم بأن يوقفوا هذه المعركة؛ فهم أبناء حي واحد وجيران، ومن حق الجار على الجار ألا يؤذيه. لكنهم لم يهتموا بنصيحتها.
قال ناصح:
- ولا أظنهم سمعوها يا أمي.
وقال الأب:
- المهم أمرتكما بالبقاء في البيت، وإغلاق الأبواب والنوافذ؛ حتى لا تصل إليكم قذائف الحجارة..
اعترض ناصح:
- هل كانت الحجارة أم سلاح آخر؟
- لا أدري، لكنها انطلقت من سطح دار الرجومي مارة بسطح بيتنا إلى بيت الحساني. لم تتوقف المعركة إلا بعد أن جاء الشيخ مجدي. فانفك الطرفان بعضهما عن بعض. وكانت النتيجة تكسير بعض النوافذ والأبواب، وجروح بسيطة لبعض الأفراد من كلتا العائلتين.
علقت الأم:
- انتهت الأعمال العدائية، ولم يتوصل الشيخ مجدي إلى معرفة الأسباب. فكل عائلة تدعي بأن الاعتداء بدأ من سطح منزل العائلة الأخرى، واختلفوا في معرفة القذائف التي أطلقت: هل هي الحجارة، أم علب الصفيح الفارغة، أم قطع الخشب والأغصان؟
أكمل الأب شهادته:
" حك الشيخ رأسه، وفكر بأن القذائف لا يمكن أن تأتي من دار الرجومي، وتمر من فوق سطح دار أبي ناصح. عندها انتفضت واستنكرت هذا التفكير، كما استنكره الحساني والرجومي، فعائلة أبي ناصح فوق الشبهات؛ فهم معروفون بأخلاقهم الحميدة، ومحافظتهم على الجيران، ومساعدتهم على قضاء حوائجهم. وهكذا ظل سبب الخلاف بين العائلتين سرًا من أسرار ذلك الحي.
لم يستطع ناصح إلا أن يبوح بما لديه من معلومات عن تلك الواقعة، التي هزت حارتهم في ذلك اليوم. فاعترض على ما قاله أبوه:
- لا سر يبقى إلى الأبد.
نظرت إليه أمه بدهشة:
- هل تعرف شيئًا لا نعرفه؟
وقال الأب:
- أنت الوحيد الذي لم نسمع منه عن الواقعة.
اعتدل في جلسته ووجه كلامه إلى أمه:
- هل تذكرين؟ كنت تضعين البصل على السطح حتى تذهب منه الرطوبة.
– ما علاقة البصل بما نتحدث عنه؟
- هو السبب بما جرى. كانت امرأة الحساني تنشر الغسيل على السطح، وكان الرجومي وأولاده حوله على سطح بيتهم أيضًا. بدأت برمي البصل على العائلتين. أرمي رأس البصل وأختفي خلف السور، وبقيت على هذه الحالة حتى ولعت بين الطرفين، والتقيا وجهًا لوجه في الشارع.
صاحت الأم:
- معقول أنت من أشعل العداوة بين الجيران! ماذا لو عرفوا بأن ابننا وراء هذه الحادثة؟
قال الأب:
- شككت فيك، لكني لم أجزم؛ فأنت عند الجميع من الأولياء الصالحين. كان استنتاج الشيخ مجدي صحيحًا؛ فليس من المعقول أن تمر رؤوس البصل أو غيرها من فوق سطح منزلنا إلى منزل الحساني.
شعر ناصح كأنه تخلص من صخرة على ظهره، أو كابوس على صدره:
- الحمد لله! لم تقع خسائر بالأرواح؛ كنت مت بتعذيب الضمير.
قال الأب:
- لو أخبرتني لما حدث ما حدث بين العائلتين.
- ماذا كنت تفعل؟
- ببساطة نعترف بخطئنا، ونجلس للحق كما يقولون. فلا تكبر المشكلة، ولا تتطور إلى عراك بين العائلتين. أي خلاف بين البشر يحل حين تتكشف الحقيقة، وحين يعترف بها الجميع.