السّي حسَن الرّحيبي، ابن منطقة الغربية، شخصية استثنائية جمعت بين النضَال من أجل الكرامة والقيم الإنسانية وبين الاجتهاد الأكاديمي والتربوي. نشأ في بيئة بسيطة عانى فيها من صعوبات الحياة وضعف الإمكانيات، لكنه استطاع بعزيمته أن يتجاوز كل العقبات ليحجز لنفسه مكانة مرموقة في المجتمع، حيث أصبح أحد الوجوه البارزة في مجال التعليم والفكر الاجتماعي. منذ صغره، أدرك السي حسن أن مفتاح التغيير يكمن في العلم، فانكبّ على دراسته رغم قسوة الظروف. بفضل اجتهاده، تمكن من إتمام دراسته الجامعية بنجاح، حيث حصَل على شهادة عليا في الفلسفة وعلم الاجتماع، وهو اختيار يعكس اهتمامه العميق بالإنسان والمجتمع، ورغبته في فهم الواقع وتحليله من أجل تغييره نحو الأفضَل. بعد مسيرته الجامعية المتميزة، التحق بسلك التعليم حيث عمل أستاذًا بثانوية محمد الخامس في مراكش، إحدى أعرق المؤسسات التعليمية في المدينة. لم يكن مجرد مدرس ينقل المعرفة، بل كان مربّيًا حقيقيًا حمل رسالة نبيلة، وسعى إلى بناء وعي الأجيال من خلال غرس القيم الأخلاقية والفكر النقدي في نفوس تلاميذه. كان قريبًا منهم، يساعدهم ويوجههم، ويمد لهم يد العون في مواجهة التحديات الدراسية والاجتماعية. رغم استقراره في مراكش، لم ينس السي حسن جذوره، بل ظل مرتبطًا بمنطقته البدوية وسعى إلى المساهمة في تنميتها فكريًا واجتماعيًا. كان من أوائل من وثّقوا تاريخ المنطقة وأجروا دراسات اجتماعية عنها، لإبراز هويتها وتسليط الضّوء على قضَاياها المنسية. كما لم يبخل بجهوده في دعم شباب المنطقة، حيث ساعدهم في مواجهة مشاكل الفقر والهشاشة، وساهم في تمكينهم من فرص تعليمية وحياتية أفضل. لم يكن مجرد أستاذ، بل كان مثقفًا عضويًا منخرطًا في قضَايا مجتمعه، مؤمنًا بأن التعليم ليس مجرد تلقين للمعرفة، بل هو وسيلة لتحرير العقول وبناء مجتمع أكثر وعيًا وإنصافًا. كان دائمًا مناصراً لإصلاح التعليم وتعزيز دور المدرسة في تحقيق العدالة الاجتماعية، ولم يتوقف عن الدفاع عن القضايا التي تمس الفئات المهمّشة. السّي حسَن الرّحيبي هو مثال للإنسان العصامي الذي صَنع ذاته بنفسه، وأثبت أن الإرادة والعلم يمكنهما تجاوز كل الصّعاب. سيظل أثره حاضرًا في ذاكرة الأجيال التي تتلمذت على يديه، وفي المنطقة التي ناضل من أجل تنويرها، كنموذج للمربي والمفكر الملتزم الذي جسد القيم الإنسانية في أبهىٰ صُورها..
الدكتور العربي المعتصم .
الدكتور العربي المعتصم .