حسن الرحيبي - أنثروبولوجيا لغة الحيوان... أو تَايْكُوكْ تَايْكُوكْ تا الخَيْمَة ونَعطَكْ صَايْكوكْ..

هذه الظّاهرَة التي كان هذا وقتها ، حين تخرج يرقات من جلد البَهائم ، ثم تتحوّل لنحلة سَودَاء كبيرة تحاول إعَادَة دورة الحياة بإعادَة لسع البقر لوَضع بيضها داخل جلدها ، ونظراً للألم الذي تسبّبه لها بحرّ اللّسعَة تفرّ في كل اتّجاه لا تلوي على شيء ، بل قد تستنفرها قطعان أخرىٰ فارّة فتصاب بالعدوىٰ ، مثل ظاهرة التتاؤب بين البشر.. وتفرّ بدورها مما يصعب معه التحكم في مسارها ، وقد تمرّ نحلة واحدة أو مجرد خيال.. بجانبها ، لتزعرط وتخبط بأرجلها وتقتحم الخيام المُشرَعة لتكسّر كل ما تجده بطريقها بما فيها العيّل الصّغير ، أو حمّام الغيس ومَتروسة القصب لتقلبها رأسا على عقب ، وتكشف عن المَستور :

رَجل عار تماماً مجرّداً من لباسه أو امرأة ..لتعمّ الفوضَىٰ والضّجيج بدروب الدّوّار المُتربة ، وترتفع الأصوَات :

آدير يدك آلمامون الثور الازرݣ رَاه قبيح !

ينبعث الزّعيق والصّياح.. من وسَط البسَاتين والحقول المترامية :
سَاحة معركة حقيقية شبيهة بحروب العصَابات بالشّوارع ، نساء شاحبات الوجوه منتظرَات انجلاء الغبار ، وعدم إسفاره عن خسائر قد يكون أفدح نتائجه سحق أحد الرّبّوج ، الكل يردّد :

بَارود بارود !

وكأننا في يوم الحشر :

الكل يفرّ من الكل عبر دروب الدوّار المُرمّدَة ..

وعندما تتراخىٰ عن دعوتها للهدوء والهُدنَة بهذه الطريقة ، تجد من ينهرك بقوة :

اتّا ݣول بَارُود بَارُود ! بارُود ! آصَاحبي مَالك مزَنزَن ومطاوحن بحال الى وَاكل الفطرة..

لكن ما تكونش انت أيضاً من العاجزين فتردّ له الصّرف فوْراً :

واتّا مَالك فّرّغين فَك الّلبَن ؟ ..

هههههههه..

وكأن البقر يفهم العربية الفُصحىٰ ويدخل في هُدنة ومعاهدة سَلام مع الحشَرة الشّرسَة الطّائرة ..

قد تجد طفلاً يقوم بالتّحرّش بالقطيع أو الگلفة ، ويحرضها على التّمَرّد والفرار :

تَايْكوكْ تايكوك ..

تال الخيمة ونعطك صَايكوك !

نفس الشّيء يحدث مع حشرة النّعرة الصّفراء التي تلسع الدواب في أرجلها أو قوائمها (حَوافرها) لنفس الغرض ، أي وضع البيض فيها ، وقت الخريف ، وقد اصفرت أشعة الشمس ، وأنت بحرنة ينقطع بها الهواء ، وقت منزلة سهَيْل ، عندما يصاب البقر بمرض بوحريش أو سنفد.. بسبب حرارة الخريف ، وقرب الشمس من الأرض في هذه الفترة.. فتأخذ الدابة المحملة بالعدال المكون من الگنابر المليئة بالماء ، وأنت قادم من بير المخزن ، تأخذ في حكّ أظلافها بأسنانها ، ثم تضطر للجلوس وسط الرمال الساخنة ، غير عابئة بما تحمله على ظهورها ، ثم تدخل في حصة من التمرغ والتشقلب يمنةً ويسرة ..ليضيع كل شيء ، لكن كان من الممكن تدارك الأمر وتلافي الكارثة ، بالنزول لقتل النعرة المناوئة واستئناف السير بسلام.. ورغم توسلنا لنخلة سيدي قاضي حاجة عند المرور بالقرب من ضريحه حذا الگباگبة ، بالقول :

آسيدي قاضي حاجة
تقضي لي الحاجة !

لكن النعرة الكافرة المعدة لشوكتها للوخز ، لا تفهم هذه الدبلوماسية العقائدية ، والإحساس الروحي ، والتضرع الوجداني العاطفي émotionnel/sentimental ..فيكون لها رأي آخر باستمرار التحرش والمضايقة والإزعاج ، حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا ، فتعود بالشواري فارغا بدون گنابر..

طرق أخرى لإثارة وتحريض حيوانات كالكلاب :

آش آش آش.. أو اتا خورج سير .. أو تشد تشد ، أو تشب ليه..

أو تحريض الدواب على بعضها..

شطوررررر..

لذلك نهر عباس ابنه المتخاذل وغير المتحمس للعملية اللأخلاقية :

اتا عا واگف آصاحبي ، عاونا عا بالشطررررر..

ههههههههه..

وتحريض الإبل على الشرب :

تشأ تشأ..

أو على السير حد حد

ما صغير حد..

ههههههههه..

ومناداة القط :

حيشششش.. حيشششششش..

والعجل :

تببُبببببّدددّددح.. تببببددّددح..

ههههههههه

والدجاج وسائر الطيور :

آششّشّشش.. أششّشششّش..
واتّا عاونّا عَا ب..شْ.....رّرّرّ..
وبوعميرة :

آهَا آهَا آهَا..

إيشّ إيشّ..


حسَن الرّحيبي..


FB_IMG_1741735120517.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى