" يا ابن باديس.. حمتــك يد المولـــــــى"
4 ديسمبر 1889 - 16 أبريل 1940
*******
كلّما عادت ذكرى تاريخ السادس عشر من شهر" نيسان" الذي هو شهو مولدي يعاودني السؤال لماذا كلّ الشعوب تؤرّخ بميلاد عظمائها وعلماءها،ونحن نؤرّخ بميلاد وفاة رائد النهظة "عبدالحميد بن باديس"؟ هو سؤال مهما تفلسف القوم في الإجابة عنه لا يكون الجواب عنه مقنعا إلا من باب واحد ،وهوالقصد الموت للعلم لا الحياة له،وفي هذا المقام تسرح الذاكرة بي بعيدا للوقوف من جديد على حاذثة اغتياله المدبّرة لأنّه كان يزعج خصومه نكما يزعج النور الظلام،وكما يزعج الهدي الضلال تلك الحادثة التي ربّما لا يعرفها الكثير من أبناء الإستقلال في المدارس والمؤسسات التربوية التي كان يراهن عليها الشيخ عبدالحميد، وفي تلك الليلة المشؤومة 14ديسمبر من سنة 1926،وقعت الحادثة بعد صلاة العشاء في ليلة شتوية، عندما كان الشيخ ابن باديس، عائدا من جامع الأخضر بقسنطينة، وفي إحدى الزوايا انهال عليه شاب بضربة بعصا، في الرأس، فسقط الشيخ ابن باديس، أرضا ودسّ خنجرا من نوع الموس البوسعادي في صدره، ولكن ابن باديس ونجا بأعجوبة. وبعد تدخل الأهالي في منطقة الشارع المعروفة في وسط المدينة، تمّ توقيف المجرم "محمد شريف ميمان"، الذي اعترف بأنّه كان مبعوثا من الزاوية العلاوية بمستغانم، وترصّد الشيخ لعدّة أيام حتى عرف في ذاك اليوم المشؤوم أنّه عائد في جنح الظلام لوحده، فطعنه، واهتز العالم الإسلامي للحادثة،وظلّ السؤال يطرح من جديد كيف تخون الزوايا رجالها المخلصين حتى وإن كانوا من زوايا أخرى؟ هو نوع آخر للموت من خلال إلغاء وتهميش العلماء،ولقد أجاب عبدالحمــــــيد بن باديس عن هذا الســـؤال بإجابة مقنعة إنّه الجهل يا سادة الذي يعمّر في نفوس الجاهلين والحاقدين على العلم والعلماء ،فيحوّلهم بيادق وعملاء بين أيدي المستعمرين والأعداء،وتظلّ هامة ابن باديس شامخة عبر التاريخ، ويظلّ العلم منارة كبرى تنيرخلجان النفوس الحالمة بالحضارة والرّقي عبر أزمنة التاريخ،فهل ما تزال النفوس توّاقه الى عالم النور في زمن الظلام الذي يحاك ضدّ الأوطان والشعوب؟ هو هذا عضر الظلام على نص الكرة الأرضية فهل سيسطع على عالمنا العربي البائس الميؤوس من ساسته إلا ما قد ندرمنهم. وقد كتب محمد العيد آل خليفة قصيدة تضامن مع الشيخ، تحت عنوان " حمتك يد المولى"
حمتك يد المولى وكنت بها أولى
فيا لك من شيخ حمته يد المولى
وأخطأك الموت الزؤام يقوده
إليك امرؤ أملى له الغي ما أملى
فيا لوضيع النفس كيف تطاولت
به نفسه حتى أسر لك القتلا
ونالك في جنح الدجى بهراوة
فأدماك بل أدمى الكرامة والفضلا
وأدمى البرور المحض والرفق والهدى
وأدمى الشعور الغض والحذق والنبلا
وأهوى إلى نصل بكف لئيمة
تجرأ أن ينضى بها ذلك النصلا
فأوسعتها وهنا وأوسعها قوى
وأجهدتها عقدا وأجهدها حلا
وكادت يد الجاني المسخّر تعتلي
يد الشيخ لولا الله أدركه لولا
فوافتك بالنصر العزيز طلائع
مباركة تترى من الملا الأعلى
وحفت بروح القدس شخصك فانثنت
مصيبتك الجلى كرامتك المثلى
وغادرك الجاني الشقي موليا
وهل يسلم الجاني الشقي إذا ولى
وإن أنس لا أنس الذين تظافروا
على الفتك بالجاني فقلت لهم مهلا
أليس من الآيات أنك بيننا
تعامل بالعدل الذي أغضب العدلا
وترضى ولو عمن تبرم بالرضا
وتسلى ولو عمن أبي منك أن تسلى
وتحفظ حتى من أراد بك الأذى
وتنصر حتى من أراد لك الخذلا
لك الله من داع إلى الله لم يثق
بغير كتاب الله والسنة الفضلى
سعى لبني الإسلام بالخير ما سعى
فأبلى- رعاه الله- في الخير ما أبلى
ولم يلبث الأشرار حتى تآمروا
عليه فلم يألوه من شرهم خبلا
أرادوا به الفتك الذريع شماتة
وما كان للفتك المراد به أهلا
فهل كان هذا شأن من يدعي التقى؟
وهل كان هذا شأن من يدعي الوصلا؟!
أما كان ازهاق النفوس محرما
على القوم أم ظنوا النفوس لهم حلا
إذا كنتم يا قوم بالحق قادة
فأدلوا ببرهان بليه كما أدلى
تنحلتم يا قوم فعل محمد
وما فيكم من كان يشبهه فعلا
وحملتم يا قوم هدي محمد
من الزيغ أقوالا ينوء بها حملا
فصورتم الإسلام كالليل قاتما
من الزيغ والإسلام كالصبح أو أجلى
فوا عظم صبري أين عهد محمد
تراه يتيح الله رجعته أم لا؟
ووا عظم صبري أين عهد صحابة
أقاموا هدى القرآن بينهم فصلا
تعال (أبا حفص) تر العدل ذاهبا
كما شاعت الدنيا تر الظلم محتلا
تر الغي مرفوع المعالم محكما
تر الرشد مدفوع المعالم مختلا
تغيرت الآثار بعدك وانطوت
رسوم الهدى واخلولق الدين أن يبلى
وجاء على الإسلام بعدك معشر
تعدوا حمى الإسلام وافترقوا سبلا
فلم يحفظوا لله حصنا ولا حمى
ولم يرقبوا في الله عهدا ولا إلا
غرار لهم في الحق دعوى عريضة
وإن سمعوا الحق استخفوا به جهلا
فهل كان دين الحق دين جهالة؟
وهل كان أهلوه زعانفة غفلا؟
فدم يا "ابن باديس " كما كنت راشدا
فإني رأيت الرشد يستأصل الدجلا
وخذ بيمين الحق تعل عليهم
فإني رأيت الحق يعلو ولا يعلى
وإن تك قد مستك منهم بلية
لذلك فالداعي جدير بأن يبلى
حنانيك لا تأخذ بها الشعب إنها
جناية أفراد ذوي همم سفلى
ولا تأس فالتاريخ- يا شيخ- حافظ
لأعمالك الكبرى وآمالك الجلى
سيتلو على الأجيال شكرك مؤمئا
إليك وأنباء الورى سور تتلى!
4 ديسمبر 1889 - 16 أبريل 1940
*******
كلّما عادت ذكرى تاريخ السادس عشر من شهر" نيسان" الذي هو شهو مولدي يعاودني السؤال لماذا كلّ الشعوب تؤرّخ بميلاد عظمائها وعلماءها،ونحن نؤرّخ بميلاد وفاة رائد النهظة "عبدالحميد بن باديس"؟ هو سؤال مهما تفلسف القوم في الإجابة عنه لا يكون الجواب عنه مقنعا إلا من باب واحد ،وهوالقصد الموت للعلم لا الحياة له،وفي هذا المقام تسرح الذاكرة بي بعيدا للوقوف من جديد على حاذثة اغتياله المدبّرة لأنّه كان يزعج خصومه نكما يزعج النور الظلام،وكما يزعج الهدي الضلال تلك الحادثة التي ربّما لا يعرفها الكثير من أبناء الإستقلال في المدارس والمؤسسات التربوية التي كان يراهن عليها الشيخ عبدالحميد، وفي تلك الليلة المشؤومة 14ديسمبر من سنة 1926،وقعت الحادثة بعد صلاة العشاء في ليلة شتوية، عندما كان الشيخ ابن باديس، عائدا من جامع الأخضر بقسنطينة، وفي إحدى الزوايا انهال عليه شاب بضربة بعصا، في الرأس، فسقط الشيخ ابن باديس، أرضا ودسّ خنجرا من نوع الموس البوسعادي في صدره، ولكن ابن باديس ونجا بأعجوبة. وبعد تدخل الأهالي في منطقة الشارع المعروفة في وسط المدينة، تمّ توقيف المجرم "محمد شريف ميمان"، الذي اعترف بأنّه كان مبعوثا من الزاوية العلاوية بمستغانم، وترصّد الشيخ لعدّة أيام حتى عرف في ذاك اليوم المشؤوم أنّه عائد في جنح الظلام لوحده، فطعنه، واهتز العالم الإسلامي للحادثة،وظلّ السؤال يطرح من جديد كيف تخون الزوايا رجالها المخلصين حتى وإن كانوا من زوايا أخرى؟ هو نوع آخر للموت من خلال إلغاء وتهميش العلماء،ولقد أجاب عبدالحمــــــيد بن باديس عن هذا الســـؤال بإجابة مقنعة إنّه الجهل يا سادة الذي يعمّر في نفوس الجاهلين والحاقدين على العلم والعلماء ،فيحوّلهم بيادق وعملاء بين أيدي المستعمرين والأعداء،وتظلّ هامة ابن باديس شامخة عبر التاريخ، ويظلّ العلم منارة كبرى تنيرخلجان النفوس الحالمة بالحضارة والرّقي عبر أزمنة التاريخ،فهل ما تزال النفوس توّاقه الى عالم النور في زمن الظلام الذي يحاك ضدّ الأوطان والشعوب؟ هو هذا عضر الظلام على نص الكرة الأرضية فهل سيسطع على عالمنا العربي البائس الميؤوس من ساسته إلا ما قد ندرمنهم. وقد كتب محمد العيد آل خليفة قصيدة تضامن مع الشيخ، تحت عنوان " حمتك يد المولى"
حمتك يد المولى وكنت بها أولى
فيا لك من شيخ حمته يد المولى
وأخطأك الموت الزؤام يقوده
إليك امرؤ أملى له الغي ما أملى
فيا لوضيع النفس كيف تطاولت
به نفسه حتى أسر لك القتلا
ونالك في جنح الدجى بهراوة
فأدماك بل أدمى الكرامة والفضلا
وأدمى البرور المحض والرفق والهدى
وأدمى الشعور الغض والحذق والنبلا
وأهوى إلى نصل بكف لئيمة
تجرأ أن ينضى بها ذلك النصلا
فأوسعتها وهنا وأوسعها قوى
وأجهدتها عقدا وأجهدها حلا
وكادت يد الجاني المسخّر تعتلي
يد الشيخ لولا الله أدركه لولا
فوافتك بالنصر العزيز طلائع
مباركة تترى من الملا الأعلى
وحفت بروح القدس شخصك فانثنت
مصيبتك الجلى كرامتك المثلى
وغادرك الجاني الشقي موليا
وهل يسلم الجاني الشقي إذا ولى
وإن أنس لا أنس الذين تظافروا
على الفتك بالجاني فقلت لهم مهلا
أليس من الآيات أنك بيننا
تعامل بالعدل الذي أغضب العدلا
وترضى ولو عمن تبرم بالرضا
وتسلى ولو عمن أبي منك أن تسلى
وتحفظ حتى من أراد بك الأذى
وتنصر حتى من أراد لك الخذلا
لك الله من داع إلى الله لم يثق
بغير كتاب الله والسنة الفضلى
سعى لبني الإسلام بالخير ما سعى
فأبلى- رعاه الله- في الخير ما أبلى
ولم يلبث الأشرار حتى تآمروا
عليه فلم يألوه من شرهم خبلا
أرادوا به الفتك الذريع شماتة
وما كان للفتك المراد به أهلا
فهل كان هذا شأن من يدعي التقى؟
وهل كان هذا شأن من يدعي الوصلا؟!
أما كان ازهاق النفوس محرما
على القوم أم ظنوا النفوس لهم حلا
إذا كنتم يا قوم بالحق قادة
فأدلوا ببرهان بليه كما أدلى
تنحلتم يا قوم فعل محمد
وما فيكم من كان يشبهه فعلا
وحملتم يا قوم هدي محمد
من الزيغ أقوالا ينوء بها حملا
فصورتم الإسلام كالليل قاتما
من الزيغ والإسلام كالصبح أو أجلى
فوا عظم صبري أين عهد محمد
تراه يتيح الله رجعته أم لا؟
ووا عظم صبري أين عهد صحابة
أقاموا هدى القرآن بينهم فصلا
تعال (أبا حفص) تر العدل ذاهبا
كما شاعت الدنيا تر الظلم محتلا
تر الغي مرفوع المعالم محكما
تر الرشد مدفوع المعالم مختلا
تغيرت الآثار بعدك وانطوت
رسوم الهدى واخلولق الدين أن يبلى
وجاء على الإسلام بعدك معشر
تعدوا حمى الإسلام وافترقوا سبلا
فلم يحفظوا لله حصنا ولا حمى
ولم يرقبوا في الله عهدا ولا إلا
غرار لهم في الحق دعوى عريضة
وإن سمعوا الحق استخفوا به جهلا
فهل كان دين الحق دين جهالة؟
وهل كان أهلوه زعانفة غفلا؟
فدم يا "ابن باديس " كما كنت راشدا
فإني رأيت الرشد يستأصل الدجلا
وخذ بيمين الحق تعل عليهم
فإني رأيت الحق يعلو ولا يعلى
وإن تك قد مستك منهم بلية
لذلك فالداعي جدير بأن يبلى
حنانيك لا تأخذ بها الشعب إنها
جناية أفراد ذوي همم سفلى
ولا تأس فالتاريخ- يا شيخ- حافظ
لأعمالك الكبرى وآمالك الجلى
سيتلو على الأجيال شكرك مؤمئا
إليك وأنباء الورى سور تتلى!
