إسراء يوسف محاميد - مدينة غيّبها الموت.. قصة

انسابت قطرات المطر كما العادة في كل شتاء, تعانق الثرى, فتروي العطاشى وتعيد الحياة الى من استسلم لسبات عميق..والى جلّ المستضعفين على وجه البسيطة...فتعيد لهم املا, بات يقضّ مضاجعهم اندثاره, فينعمون بلحظات السعادة المشوبة بوجوم قاتل!!!!

الا ان ثرانا ابت الا وان تخبر تلك القطرات بما حل بها, فامطرتها بوابل من الاخبار والاحداث التي زلزلت هذه الارض الطيبة, واحرقت الاخضر واليابس, وحطمت افئدة الامهات والاباء والشيوخ والنساء..بل ان الرضيع بات يستشعر ذلك الحزن الدفين والكابة المطبقة على هذه البلدة, فما كان من قطرات المطر الا ان انهالت بشدة اكثر هذه المرة, فبكت هذه المدينة التي لطالما عشقنا فيها الشموخ والكبرياء, والتي دوما فاجأتنا بطيب الاخلاق والجود والعطاء..فها هي اليوم تحتضر في حضرة الغياب.. وتتنشق عبق الموت في ثناياها, فتشعر بكابة ازقتها..وتتمزق لرؤية ثكالاها, وتنتابك رعشة في الاوصال حين تلمح ايتامها الذين لا زالوا..رغم جراحهم يتجولون في مرح شاحب في رحابها!!

فيا قطرة الامطار التي ابيت الا وان تنهمري رثاء لبلدي..الا دعيني اشكو لك جروحا باتت تمزقنا..ونارا طفقت تلتهم شبابنا وتستبيح دمانا..الا اشتدي يا رعود وزمجري..عل الايادي الاثمة ترتدع..علها تشعر ان هناك من هو اقوى واعظم من سلاح غدرها..الا ليتك ترقبيننا من مكانك هناك.. خلف الغيوم فتسرّين لنا وتخبرينا, ما بال مدينتنا لفها الحزن..كمّمها الغضب.. الجمتها الجراح تلو الجراح..!!

ايها الموت الجاثم فوق صدورنا..عد ادراجك خلف الغمام...واكفف يدك عن تلك المدينة...فهي لم تعد بقادرة على احتمال المزيد من الالم والقتل والدماء...حتى باتت تزدري اللون الوردي..فبعد ان كان مبعثا للحياة, لم يعد سوى انذار اخر بوقوع كارثة اخرى...والجريمة تعقب الجريمة....

يا مطر السماء امطر بوابل من الغضب يشل ايدي الجناة في كل مكان في مدينتي, حتى نعود لنحتفي بالحب بالسماح, بالفرح يدق ابواب بيوتنا من جديد...ويخبرنا بان ما كان ليس سوى غمامة قد انزاحت.....ولم تعد مدينتنا مدينة الموت والكابة...بل عادت كما كانت ام النور والخير والامل!!!!!!!!

* اسراء يوسف محاميد - ام الفحم

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى