نصوص بقلم نقوس المهدي

ولد في مدينة بسكرة (شرقي الجزائر) - وتوفي في مدينة قسنطينة، بعد عمر قصير. عاش في الجزائر. تلقى تعليمه الابتدائي والمتوسط والثانوي في بسكرة، ونال شهادة البكالوريا (الثانوية العامة) (1984)، فأهلته للالتحاق بجامعة قسنطينة - قسم الفلسفة، غير أنه لم يكمل دراسته ومات منتحرًا تحت عجلات القطار. عمل...
مساء الأربعاء ، كعادة صديقه الوحيد يزوره في تمام التاسعة ، يدفعه لحجرة المعيشة ، يقف امام صورة تجمعهما في ميدان الثورة ، يبادره قائلا : _ فاكر يا صاحبي الشاب اللي كان بيجيب لنا سندويتشات الفول والطعمية وكان نفسك تعرف اسمه _ آه يا جدع ومرة بقوله عاوز ادفع لك فلوس رد قال ( ايه نجم هو انا لو جيت...
ذات مساء في يناير الماضي دخل صيدلية ليلية واشترى علبة من الحبوب المسهلة، فقد كان يعاني من امساك مزمن في السنوات الأخيرة. ثم ذهب ليأخذ الأتوبيس إلى بيته. وجد صفًا طويلا من المنتظرين في المحطة. ظل ينتظرُ صابرًا، وفي النهاية أمكنه الصعود. في العربة وقف. كان قصيرًا، على قدر البدانة، ذا بطن تندمج...
ألحق سيجارته المخنوقة للتو بأخرى فتيّة، تصاعد الدخّان من بين أصابعه الرثّة وهو يقطع الممر جيئة وذهابًا تتبعه نظرات رفاقه بترقّب. كان أنين الفتى المنبطح في الزاوية قد بدأ بالهدوء. الموعد بعد عشر دقائق، سوف يعلم أبو يزن حينها إن استطاع ذوو المخطوف الحصول على المبلغ المطلوب، وهذا ما يأمل، فقتل...
شعر كأنه نام ساعة إضافية هذا الصباح، استيقظ خلال الليل ثلاث مرات للتبوّل ومرة واحدة بفعل دوي القذائف الذي لم يعتد عليه بعد بالرغم من تتابع السنوات. أبو بسّام رجلٌ أتم الحادية والسبعين من عمره. ليس فلاحًا كما يظنّه كثيرون، بل تاجر سيارات وبيّاع جملة. حسنًا، لماذا تعتبر هذه مفاجأة؟ ليس لأنه في...
في حدةٍ... سألتُه زوجاً سليماً غير مريض، يتمتع بصحةٍ أفضل، وعمر أطول. خيّرنى بين الأنواع السابقة التي امتلكتها قبل حين، وأضاف إليها جديداً. اقترح علي البائع هذه المرة زوجاً من السلاحف، حيث إنها مُعمرة..بعدما شكوت له أن كل السابقين يضيقون ذرعاً ببعضهما. وكالعادة أوصى البائع باقتنائي لذكر وأنثى،...
يـوم ملائم تمـاما* كل الظروف، تهيأت ليكون موته كما يريد، في أبهى صــــورة، خلت السماء من الغيوم الداكنة، التي غطتها لمدة يومين كاملين، وبدت جميلة، بزرقتها الخفيفة، وقليل من النتف البيضاء، عالقة بها، والشمس الطالعة تلامس الأرض، المشبعة بسقعة طوبة . بدأ يومه بالاستحمام، بعد أن حلق شعر رأسه...
حينما رأيتُ روثيكا أول مرة، وهو مغنٍ لم يعرفه أحد غيري لأنه يزورني بحلمي الخاص؛ بعد أن استدعيت الرب في مناجاة فحضر؛ بتُّ مشدوهًا. وحينما استقيظتُ، هرولت أخبر أبي أني رأيتُ المسيح.كان أبي نحاتًا، تجلله العظمة حينما ينفخ الحياة في الصخور، مستخدمًا في ذلك معولًا ومطرقة، رنينهما المتسارع الخافت، هو...
-انت بتستهبل يا ألبرت يا اينشتاين؟؟ *في ايه يا ايزاك مالك داخل بزعابيبك كده ليه عالصبح! -مدام وفاء بتقول انك داير تدور على دمغة من امبارح! *ايوة محتاج بـ 5 جنيه دمغة عشان بحث هقدمه لأستاذ عبدالصبور بكرة إن شاء الله.. مالك ف ايه؟ -أحمس يعني!.. بحث ايه اللي هتقدمه انت هتزيط! *لأ انا اللي أحمس...
أمي هي الشقيقة الكبرى للزوابع. يبرُد قلبها في الصيف، ويضحك في كل وقت. تحبس غضبها الموروث، في زنزانة ضيقة، خلف عينيها الحادتين. لما يهلّ طياب الخريف في سماء النجع، تدخل في زعل شديد. في خشوع مُبهر، تتوجه نحو سقيفة البيت، تخلع رأسها، وتكشف حجابها الأزرق للهواء. تتمتم بتعويذات لا تفهم معناها،...
- يعني خلاص هتسافر؟؟ قالتها وعيناها تلمع بالدموع التي تحاول كتمانها ولكن لا مفر من البكاء ومهما حاولت الصمود ستخونها دموعها في أي لحظة من اللحظات. فهي لا تتصور أن يتركها ليسافر إلى مستقبل مجهول كي يحاول بناء مستقبل لهم هما الإثنين ليعيشا سويًا تحت سقف بيت واحد، فهي ساذجة لا تدرك أن في الحياة...
البقع الصغيرة من الحزن التي قد يكون مبعثها الوحدة والتي يقطعها تتر صغير لشريط الذكريات، يشبه مقطع صغير لبضع دقائق من فيلم، لكنه ليس فيلما، هو حب، هو وله من نوع خاص، ذلك الذي يشبه أربع بيضات يضاف إليها ملعقتان من السمن واثنان أو ثلاثة أكياس صغيرة من الفانيليا، ثم كوب ونص لبن، وكوب ونصف سكر، مع...
جاءني شخص في المنام ومد لي يده بعلبة من العاج قائلا: - تقبل الهدية. ولما صحوت وجدت العلبة على الوسادة. فتحتها ذاهلا ، فوجدت لؤلؤة في حجم البندقة.بين الحين والحين أعرضها على صديق أو خبير وأسأله: - ما رأيك في هذه اللؤلؤة الفريدة ؟ فيهز رأسه ويقول ضاحكا: - أي لؤلؤة... العلبة فارغة... وأتعجب من...
إنها دجاجة مخصَّصة ليوم الأحد، وكانت لا تزال حيّة، لأن الساعة لمّا تتجاوز التاسعة صباحاً بعد. كانت تبدو هادئة، فقد انزوت، منذ يوم السبت، في ركن من المطبخ. لم تكن تنظر إلى أحد، ولم يكن أحدٌ ينظر إليها، وحتى عندما اختاروها متلمِّسين أجزاءها الحميمة، بلا مبالاة، لم يستطيعوا إن يحدّدوا إذا ما كانت...
في الفراندا، كان يجلس وحيدا على كرسي من الخيزارن اللين كيما يلائم حالته الصحية. دخلتُ، متلصصا، حتى لا أشعره بوجودي. سحبت “شلتة” وجلست عن يمينه بمحاذاة مرفق الكرسي. كان جدي هائما بنظره في الحديقة أمامه، بالذات في شجرة التوت، تلك التي تتوسط الحديقة بجذعها العتيق وأوراقها المتربة بفعل الزمن. كان...
أعلى