نصوص بقلم نقوس المهدي

في طرف الحي ثمة عويل ، الليل ألقى بنفسه على المدينة بتثاقل ، الطرقات خالية إلا من رائحة الماء الآسن ، وبقايا الأحجار المتكسرة التي يتغير مكانها عندما تركلها دواليب السيارات ، كنت مكوماً أمام المدفأة أحدق باتجاه البخار الذي ينفثه "كتلي" الشاي من الثقب الذي يتوسط غطاءه الذي خلعت عتلته البلاستيكية...
الفضاء المحيط يمتد بالافق الملون بالهموم حول المنزل الطيني الذي يتوسط القرية، لأمرأة فقدت زوجها مبكرا وخلف لها خمسة افواه ، تجلس صامته وكلامها تفصحه الدموع المتناثرة بين الفينة والاخرى.اعتادت"أم حسن"ان تخرج من بيتها الى التل القريب الذي تحتضنهُ خضرةٌ كثيفة من الحشائش والبقل وغير ذلك ،هناك تشكو...
إشتغلت على مساحة ضيقة أمام تلفاز وطاولة خالية وكلينر سايرس ومنشفة رُميّت على أحد درجات سلم ،وأشتغلتُ على أن ليس هناك معجزة من أن يأتي الغراب وأُسطحَ العمقَ وأصنع نظاما بلابُنية أساسية وكان بعد ذلك أن أستعد لفكرة النفي قبل أن يطلب مني إيضاحا عن الشئ هل هو من نفسه أم خليقه ، شعرت بأن الأشياء...
لها وجه قمر... ولي شعرها المنسدل... وجمال قامتها... لها ابتسامة قمر... ولي دمعة... أمسكتُ اللوحة المصفرة بحذر, ووضعتها داخل ملف بلاستيكي شفاف جلبته خصيصاً لها, كانت تلك اللوحة...كل ما تبقى لي منها، من رائحة أنفاسها...من دفء عينيها, من حزن باذخ أخفته خلف شال. عندما أصررت على أن تكون هذه...
كانت الشمس في مقتبل الشروق .. والمكان يعج بالهدوء إلا من نشاطي . كان الطقس مثالياً.. و ورود صباح الخير زاهية بلونها الوردي الغاني . كل شيء نظيف ورائحة البخور الجميلة تنداح من كل الأمكنة . كان الجو رائعاً كي أبدأ غسيل الأسبوع،بدأت بالملابس البيضاء .. كانت الملابس مطيعة وسلسة وعندما نُظِفت …...
المساء يسدل تفاصيله الأليفة علي مدينتي الصغيرة. حيينا بدأ يسبح في ملكوت هدوئه البسيط...وبيتنا يعج بصديقات أختي (حنين) عاشقة فدوي طوقان.. اترك اللعب وأتجه لأزاحم المكان في صخبه.... اجلس قرب اختي وان أرجوها أن تقص عليّ حكاية الحق والباطل التي سمعتها من حبيبتها فدوي، هي من شدة عشقها لهذه القصة لا...
جلست أمامه في مكتب التحقيق الضيق على كرسي خشبي يطوق نصف جسدها، حاسرة الرأس محتشمة الثياب، تنظر بعينين حادتين إلى الكرسي الفارغ الذي أمامها وكأنها تنظر إلى شخص جالس فيه واضعة يديها على فخذيها.. بشعر قصير وبوجه متعب تخفي وراءه وجوهاً كثيرة، أخذ نفساً عميقاً من سيجارته ونفثه في وجهها، لم تكترث...
البيوت تتشابه ، الشوارع ، الدكاكين ،حتى وجوه الناس وحركاتهم تتشابه الى حد كبير .. من يود البحث عن شخص أو عنوان في هذا الحي ، ماعليه سوى التعرف على إحدى هذه العلامات الثابتة منذ زمن طويل ، منها : قرب جامع فلان ، على يمين دكان فلان ، قبل بيت السيد ، بعد بيت الحاج ، خلف الطاحونة ، بعد ال...
إنتبه فجأة لأنه مشنوق بحبلٍ يتدلي من أحد فروع شجرة النيم التي طالما تفيأ ظلالها أيام عمره منذ الطفولة ، اليفاعة و أيام فتوة الشباب و حتي بعد أن تزوج و صار أباً، مشنوقاً كان، عيناه جاحظتان، شفتاه متورمتان و محتقنتان بدم يابس و لقد جفّ زبدٌ عليهما فلمعتا، في أنفه إختناق لحَظته طيور آخر الليل، حزّز...
أعتقد أن الأناركية هي ابنة التمرد الإنساني، الجماعي و الفردي.. قد يصح أن الأناركية هي بشكل من الأشكال ابنة الثورات.. تشكل الثورات فرصة نادرة حقا لتجلي الأناركية و تجسدها في العقول و الأفعال، ليس فقط كتيار فكري سياسي من بين تيارات متنافسة، بل كتعبير عن توق البشر إلى الحرية و رغبتهم بأن يصبحوا...
أحصيتُها؛ ثلاثة آلاف وأربعون كرَّاسة بأوراقٍ سميكة عاجيَّة الَّلون، مُثبَتة بأسلاكٍ معدنيَّة مَتينة، وحوالي سبعة آلاف قلم حبر BIC برؤوسٍ ذهبيَّة مُدبَّبة. قبل سنوات، عثرتُ عليها في مَحَلِّ قرطاسيَّة وسط البلد. أخذتُ كرّاستين مع ثلاثة أقلام، وعدتُ إلى شقَّتي الأرضيَّة على جناح غَيْمَة مُثْقَلة...
لا تسألوني الضبطَ مُتْقَناً كالرَّبطِ مُتْقَناً بعد الآنَ. الأعالي مُخَبَّلَةٌ مزَّقْت صُدْرَتها، والأسافلُ مُخبَّلةٌ كالأنحاءِ الخَبَلِ لا تُرتجى بعد الآن. ركبتايَ خارتا، والسماءُ خارتِ. الْسماءُ يُصلحِها الغزاةُ. الْسماءُ العطْلُ. الْسماءُ الوَزْرَةُ بالدمِ عليها من شَلْشَلهِ. اْلسماءُ شدوُ...
لو أردنا أن نلخص العلاقة بين الشعر والسرد في تراثنا العربي لقلنا إنها علاقة مرتبكة. وتعود مسؤولية هذه العلاقة المرتبكة في تكوينها إلى ثلاثة أبعاد: دينية وسياسية وثقافية. وهي أبعاد متداخلية التأثير، متشعبة الحضور في سياق الثقافة العربية، بدءاً بمرجعية التصور، ومروراً بمكونات الإنتاج، وانتهاء...
(1) بورتريه مصوَّر للحفيدة صورة فوتوغرافيَّة عَتيقة بإطارٍ خشبيّ لفتاةٍ ساذجة على أبواب عامها العشرين؛ هي التذكار الوحيد الذي حملتهُ بين يدي وأنا أغادرُ منزل جدّتي بعد وفاتها بأسبوع. نسيتُ أن أقول، إنَّ فتاة الصورة صاحبة الوجه الممتلئ، والقرط الضخم، والشعر الكثيف المموّج، ونظرة العينين...
* إلى اخوتي وأصدقائي في جرادة المغربية وهم يتحركون لأجل الحياة بعد غلق منجم الفحم الحجري منذ سنوات . عرَقُ أسودُ فوق أرض يكحّل تربتها الفحمُ والفحمُ كالثلج في بردها لم يعدْ يتحمّله الموْقد يا شتاءً يطولْ هل جرادةُ يُحزنها الليلُ أمْ أنها حين تفتح للشمس أعينها تختفي الشمس في لحظة وتزولْ ؟ هي...
أعلى