الطيب صالح

إنك لا تدخل المدن ، و لكنك تغوص في أعماق ذاتك ، بحثًا عن صور المدن في خيالك ، مكة المكرمة ما هي في الواقع المرئي ؟ مجرد مكان ، بطحاء ضيّقة تكاد تخنقها الصخور الجُرد التي تحيط بها ، عمارات و طرق و أسواق ، و جموع من البشر ، بعض قُطان هذا المكان ، يبيعون و يشترون ، و يأكلون و يشربون ، و يروحون و...
هنالك صورة تقفز إلى الخيال عند تناول هذا الموضوع هي صورة هذه الأرملة النبيلة التي جاءوا إليها بعد أن دخل الموت إلى دارها وقالوا لها: أعطنا جثمان زوجك.. أعطنا جسده الميت نأخذه إلى البلاد التي جاء منها . ولا أظنه بدا مفهوماً للأرملة أن يؤخذ رفيق حياتها ويعاد ميتاً إلى البلاد التي تركها حياً وأن...
كان في بلدنا غابة كبيرة من أشجار الطلح نمت وازدهرت. لأن الحكومة كانت تمنع منعا باتا قطع أي شجرة إلا بإذن خاص. في حالة نادرة من تلك الحالات النادرة قطع العريس طلحة.. فقد كان من طقوسهم في الأعراس .. أنهم يمشون إلي الغابة في زفة عظيمة فيقطعون شجرة طلح. ويعودون بها إلي دار العروس. وأذكر وأنا صبي...
كانت ممرضة وكان معلما، تزوجا، كان أسمر داكنا أسود إذا شئت، لم تكن سمرتها داكنة بيضاء إذا شئت، كان انفه أفطس لكنه لم يكن قبيحا، وكان أنفها افريقيا جذابا بأي قياس قسته، وكان شعرها نحاسي اللون ناعما وطويلا، وكانت عيناها رماديتين تذكران الرائي بأمسيات رائعة. وكانت عيناه سوداوين، وكذا شعره الذي لم...
الحديث عن جمال محمد أحمد ليس سهلا ، فأنت لا تعرف من أين تبدأ . أنه بالنسبة للناس الذين عرفوه عن قرب وأحبوه ، لم يكن شخصا بالمعنى المعروف للكلمة ، ولكنه كان عالما متكاملا قائما بذاته . كان مثل زعماء الأحـزاب ، أو قادة المدارس الفكرية ، له حواريون وأتباع وأنصار . وكان بالنسبة لي ، كما لكثيرين ،...
* طغى حب المعرفة لدي على الكره، واستيقظ عندي الحس الروائي فاصبحت أنظر إلى "مستر سين" كأنه شخص في رواية. أراقبه يصول ويجول، ويحر ويبرد – كان حقيقة يرغي ويزبد – وأتعجب، وأقول لنفسي: "ما الذي جعل هذا الرجل هكذا؟ ما الذي حدث له في حياته فجعله بهذه التعاسة ؟" ويا للغرابة، أصبحت أحس تجاهه إحساساً...
مرت في الآونة الأخيرة ذكرى وفاة الطيب صالح . وحداني ذلك إلى استدعاء ذكرياتي معه. فأنا من القلائل الذين حظوا بمعرفته معرفة كثيبة وحميمية . ساعدني على ذلك اشتغالي معه في الـ«بي بي سي»، و ثانيا لسكناه قريبا مني بويمبلدون ، مما جعلنا نتزاور مرارا . وثالثا...
من بيتي في ومبلدون ،ضاحية من ضواحي لندن، وأنا أتابع حجاج بيت الله الحرام هذا العام يأتون من كل فج عميق ويطوفون بالبيت الحرام، وأنا أشاركهم نشوتهم الروحية، مر بخاطري حلم غمرني ذات ليلة من ليالي مهرجان الجنادرية.رأيت فيما يرى النائم أنني في أرض خلاء في المدينة المنورة.لم تكن المدينة المنورة...
كُنّت قبل أعوام قد كتبت تحت سماء الخرطوم المُرّصع بالنجوم: (الطيب صالح كما هو شفقياً وشفيفاً كغمامة) أستعير العبارة من الفيتوري، وأستعيد ساعات قضيتها في حضرة الأديب بلندن.. والآن في هذه اللحظة أرى بعينين تبصران الماوراء .. وأستدعي الفيتوري ثانية (لن تُبصرنا بمآٌقٍ غير مآقينا .. لن تعرفنا ما لم...
خلال إقامتي في لندن بين عامي 1954 و1969، قدر لي أن أعرف الكاتب السوداني الكبير الطيب صالح، وعلى الرغم من أننا قد عملنا في القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية، إلا أن ذلك لم يكن في وقت واحد. وأعتقد أن أول ما قرأته من كتاباته، كان قصة قصيرة بعنوان «دومة ود حامد»، ثم قرأت روايته القصيرة التي تعد...
في رواية مريود للكاتب العربي السوداني الكبير الطيب صالح يقول الطاهرود الرواسي أحد أشخاص الرواية لصديقه محيميد الحياة مافيها غير حاجتين اثنتين: الصداقة والمحبة.. ماتقول لي لها حسب ولانسب ولامال.. ابن آدم إذا كان ترك الدنيا وعنده ثقة إنسان واحد يكون كسبان, وأنا المولي عز وجل أكرمني بالحيل أي بسخاء...
اقرأوا شخص الطيب صالح(1). أظن أن الفرق بين شخصه وأبجديته ليس فرق هوية، بل فرق في درجات الضوء. آبنوس يقود العين الى جهة الليل والسر. وهذا الخفر المغمور بنوع من الكآبة الهادئة دعوة الى الدخول في طبقات محيطه القصوى. في السر، وجد الطيب صالح غذاءه، ووجد اطاراً لكتابته. نحن إذن لا نقرأه لكي نعرف سير...
هل كان الطيب صالح من قبيلة الروائيين الذين لا تحلو لهم الحياة نور والكتابة إلا بالقرب من رصفائهم؟ أم أنه كان من أولئك الذين يحن بعضهم لبعض ويلجأ إليه أقرانه حباً فيسعهم بقلبه الكبير؟ الواقع يؤكد هذا فالطيب صالح أقام بالفعل في القاهرة، وكانت له صداقات مع كبار الروائيين فيها، فقد جمعته بنجيب محفوظ...
يظن أهل السودان أن عربيتهم الدارجة هي من أفصح اللهجات العربية ويمضي أبعد من ذلك العالم الحجة الدكتور عبد الله الطيب صاحب كتاب "المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها" فيقول إن العربية الدارجة في السودان هي أفصح اللهجات العربية إطلاقا. الله أعلم. والحق أن من قلة بخت عرب السودان أولا اسم دولتهم،...
كاتبة هذا المقال جريزلدا الطيب، هي فنانة بريطانية وباحثة في الأدب الأفريقي بلغت اليوم ثمانيناتها. كانت قد تزوجت من عبد الله الطيب، الكاتب السوداني الراحل المعروف، وعايشت الحقبة التي تستوحي منها رواية «موسم الهجرة إلى الشمال أحداثها وأبطالها» في السودان كما في لندن. وهذه الباحثة تكتب اليوم، مفككة...

هذا الملف

نصوص
38
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى