أمسك بهما الحب فى سنوات الجامعة ومابعد التخرج، أمامهما الكثير من التحديات، العمل والزواج، إمتطيا زوارق الأحلام، فى بحور عاصفة وأمواج غاضبة، حتى إصطدم زورقهما بصخرة الواقع المؤلم، مرشدهما الوحيد للعبور إلى شواطئ الأمان كان الحب،
لم يكن أمامه إختيارات، لا بد له من مصارعة الأهوال، والأمواج...
ألقى بنفسه فى بحر الحب،بطريقة الذوبان فى أول نهر يصادفه، وهو لم يتعلم بعد العوم، مستخدما عواطفه بطريقة مائة فى المائة، وعقله صفر فى المائة، فكان الغرق، بعدها إلتقى باإحدى العرافات وضاربات الودع، قالت : الحب مكتوب على كل البشر، لاينجو منه سوى القليل،
كاد أن يشطرك نصفين، لكنك نجوت، العمر لديك...
كان لا بد أن يكلل حبهما بالزواج، ويعيشا متعة التوافق والحياة المثلى، حتى برز لهما القدر من مكمنه، مكشرا عن أنيابه، معترضا طريقهما وهو لا يحالف إلا ليغدر، أخبرته وهى فى قمة فرحها عن حملها، يصرخ بوجهها لا بد من إسقاطه، مازلنا فى أول الطريق لم نبلغ بعد النجاح، لتصرخ من بين دموعها : أنه لا قيمة...
سحبت الشمس أثوابها فى رحلة الغياب، وتسلل الليل عبر شباك النافذة الذى كان مواربا، يقطع السكون رنين الهاتف، الذى حمل خبر نجاح كبرى البنات، أخيرا حصلت على بكالريوس الإعلام قسم صحافة، إلتحقت بالعمل فى إحدى الصحف الخاصة، بعد رفض والدها العمل تحت ريادته، فى واحدة من الصحف القومية الكبرى
- تجلس...
لديه القدرة المدهشة لإعادة الشراع الى حالته الأولى، بعد أن عبثت به فوضى الريح
والوصول بمركبه الى شواطىء الأمان، المدهش أنه حين تمطر السماء، تتساقط سنواته الأربعين ويصبح طفلا فى العاشرة، ليس له بهذا الكوكب الدوار عنوان، كل المدن والبحار ملك له، يقف أمام عين حبيبته مخدرا مصلوبا، يستكشف ألقهما...
بعد ليل طويل، مزقت ستائر غرفتها الرمادية، بستائر الوانها مبهجة وردية، مودعة الليل المعتم، مرحبة باإشراقة الصباح بعد غياب، كان لا بد لها التطهر من كل المرارات التى تجرعتها، وغاصت بداخلها وحولها، كيف أصبحت امراة عاطلة من الفرح والشباب، والذكريات وكل شىء، وهى التى ذهبت اليه، بدافع حبها له، وهى أيضا...
رسم لنفسه هدفا لا يحيد عنه، فى إختياره واحدة من كليات القمة، سياسة واقتصاد كوالده الذى يعمل فى الحقل الدبلوماسى، والسفر لكل الدنيا فى آخر المرحلة الثانوية، فى إحدى مدارس اللغات الخاصة المشتركة، ولأنه نتاج الحضارتين الأوربية والمصرية، أب مصرى وام المانية،
فقد ورث الشعر الأصفر والوسامة ورشاقة...
قرر أن يأخذ اليوم أجازة من العمل ومن زوجته،
حيث اللا شئ واللامكان، يتمدد ويتمطى ويهرب من حرارة الشمس ويدخل بساتين الأمسيات الهامسة، يشرب أشعة القمر، ويرتوى بالضوء بعد أن تكاثفت العتمة بين ضلوعه،
- فى المقهى، إختارته طاولة نصف متهالكة فى إحدى الزوايا،
توقفت فى حلقه غصة من مرارة، حين تذكر زوجته...
نبت عشوائى فى حديقة مهملة، هكذا يرى نفسه غير مهتم بمظهره، الورود تنبت فى الأرض الطينية شديدة السواد، هكذا كان يجيب على من يسأله عن فوضى ملابسه وذقنه الغير حليقه، منضبط فى عمله كبندول الساعة، ولأنه الأكثر انضباطا ونشاطا وعملا، فقد تم ترقيته مديرا لشئون الأفراد،
كانت هناك عينين حانيتين تشعان دفئا...
عجز عن إسعاد نفسه، وهو الدودة التى لا تكف عن إلتهام الكتب وحفظ الأشعار، حاول أن ينفض الغبار والفوضى من رأسه فلم يفلح،
تقلص الجمال وساد القبح فى كل شئ حوله، التلوث السمعى والبصرى حتى المرأة التى أحبها، والتى تشبه فى الكثير ثمر الخوخ، أصبحت كالورد الصناعى، لا طعم لا رائحة مصبوغه بالألوان، منفوخة...
هناك عوالم شاسعة من الأحلام والخيالات، روضة مليئة بالأسفار والحكايات، عن أناس وأوطان وعهود غابرات،
كانت الشمس قد بدأت فى حزم أمتعتها والإنسحاب تدريجياً من على طاولات المقهى، الذى بدا متخففاً من رواده، إلا من ذلك الرجل المنطوى على نفسه، والذى كان يبتلع قهوته ويرتشفها دون تلذذ، وكأن أحزانه تضافرت...
عبر نافذة كانت منفرجة، فتحها نسيم الصبح الرطب، تسللت الشمس، إستقبلتها أصص الأزهار، في تفتح أوراقها المشرعة، كأنها فراشات، ألوانها تخلب الألباب وتآسر النواظر.
راحت امرأة ناحلة، ذات عينين نجلاوين مسالمتين، تراقبان الخيوط الذهبية، التى تخلفت عن شمس الصباح، معلنة ميلاد يوم جديد.
لم تستطع أن تمنع...
كثيراً ما يتعارض الإسم مع الصفة، فهذا جميل يفتقد للجمال، وذاك باسم لا يعرف غير العبوس والتجهم،
إلا سعيد فقد تطابق إسمه مع الصفة، منذ زواجه باإمرأة جمعت بين الجمال ورجاحة العقل، وهما نادراً ما يجتمعان، منحته أجنحة قوية ، أعانته على التحليق معها حيث الفردوس، وثمر الليمون والبرتقال ورائحة النعناع،...
جميلة رشيقة الخطى، قوامها بديع خصرها نحيل، شعرها مسافر فى كل الدنيا، كالشموس والأقمار، إختصرت سنوات الجامعة، فى التحصيل والمذاكرة والنجاح،
وكان لها ماأرادت بعد أن أسقطت من حساباتها أجمل مافى الحياة الحب،
شادى كان حبها الوحيد، رفضت السفر معه بعد أن جاءته منحة من إحدى الجامعات العلمية بالخارج،...
-1-
أخذ يقفز درجات سلم المترو، ليلحق بها، يتأجج شوقه لها، مسحور ومجذوب، لصوتها وعطرها، لتلك الصحارى، التي تسحله إليها، وحدها تضمد جراحات الأيام، لها وجنتان رائعتان، يمكن للبيض أن ينضج فوقهما ببساطة، سيحدثها عن وحشة الأمسيات، التي مرت دونها، عن غصة قلبه، وملكوت نرجسها، عن جبالها الوعرة، التي لم...