بقميص أزرق و حذاء
أبيض كأكوام من الأقمار،
ببنطلون و ساعة هائجة
تدقُّ بسرعة
كأنك ستكبرين أياماً.
بكل ما تخفينه أو تدعينه واضحاً
إنني أحبكِ كما أكشطُ
عتبة نافذتي بأظافري ،
كما أضع يدي على عينيك
ثم أسأل إن كنت تعرفيني أو لا؟
لا شك أنني أمحو تلويحاتكِ القديمة كلها
بتصرفي هذا :
على الأغلب أننا نعرف...
تجرحني روحي الشفيفةُ
التي نحتُّها من الحجر
عندما تسقط متكومةً على الطريق
و لا تصبح جدراناً.
يجرحني أي ضوء لا أتبينه
الآن وأنا أعبر هذا الليل بمهرة خرساء
وأنا أقول وداعاً
دون أن أطلق صوتاً كمتسكع بائس.
تحت سماء غير سوية مثل الأشجار
التي كنا نرسمها للتسلية
أبكي كمن يلمّع بشرته .
فمي غابةٌ و...
جعلني حبكِ جديراً بلقب الرجل
المرير في العالم ،دنستُ حياتي مراراً و دافعتُ عن نفسي
خشية أن أبدو مهرجاً.
تظاهرتُ الآن بأن صحتي جيدة،
أهلي يحبونني كأساتذة غرباء ،
صحبي أوفياء و بلادي هادئة ككرسي أسود
قرب النافذة.
تظاهرتُ بأنني لا أبكي، لا أشتري ساعات يد
ولا أعيش بدافع الهلع .
أخيراً و ليس آخراً...
أعلنُ اليومَ أنني مع المرأة
حتى لا أزيفُ حياتي من أجلها ، لن أخدعها كما فعلتُ
من قبلْ،
إنها الحريق عندما تعطل المصاعد،
القمر عندما تتجفف البحيرات،
المذياع عندما نفسد أوقات العيش،
المناديل باستثناء حين نكون باكين،
السيجارة في حياة الممنوعين من التدخين ،
الغيمة الشاسعة لألحقها
و المقصوصةُ بالمقصِ...
الوضع الآن كالآتي:
أنا جالس في المقهى، أنتِ جالسة في مكان
يبدو مألوفاً.
خلفكِ نافذة و خلفي مُفرّغة هواء،
اقتربَ النادلُ ليقدم لي الشاي
فلمحتُ يدكِ تقرّبه من فمي.
لم أكن قد أحببتُكِ بعد
لكننا كنا نتبادل النكات و الهدايا و الأوهام.
سألتُك:
هل تعلمت الإنجليزية ؟
فقلتِ:
بالطبع كما لو أنني أمضيتُ مدة...
من بين من أحببتهم كانت ثمة
امرأة خفية،
ظل خفيف على الأريكة ولا شيء آخر.
أقتربُ فيضيع من النافذة
و من الطريقة التي أجلس بها أيضاً.
أغسل الحيطان
و الأواني و الأخشاب.
إنني أركض حياة بطولها
دون أن تكون ثمة طريق للعودة،
و لعلي سأعيش حياة ثانية
بسبب عدم وجودي في البيت الآن!
♤
وجدتكِ صامتةً فقلتُ في...
أنظر إليكِ وأنت واقفة
تتطلعين لأثرٍ على ضباب النافذة،
بعيدة كالخضرة التي تلمع في الوحل،
كنا عندها نشعر بالبرد على رصيف مليء ببقع الدم،
وكانت بيوتنا عالية كذراع ..
هكذا ستطلبين مني أن أحكي لك
عن الأبواب ما يحكى عن الموت ،
هكذا ستنخنقين الكلمة في رأسي!
♤
تحت ثوبكِ مدينة آمنة
بمصابيح هادئة على...
بإمكاني أن أجعلكم تضحكون أو تبكون
لكني أود أن أجعل حياتكم لذيذة كمعلم
يحدث تلاميذه
عن إله يعيش في بلاد حارة و بعيدة
يخبرهم يومياً :
إن الاله قد مات،
وجدتُ عينيه مغمضتين
و جسده ذابلاً كأرجوحة .
فيصدقون ثم يردف
إنني أمزح، لم يحدث ما قلته أبداً.
بإمكاني أن أخبركم الآن يا تلاميذي الصغار
إن...
وأنتِ ذاهبة نحو أي قصة حب
ستجدين كلماتي
بطريقك مثل آثار غريبة
فتبكين كغزالة في المتحف
ثم تنزوين وحدكِ في الحفلة
دون أن تبدو عليك ملامح البهجة
و النور.
جسدك يبكي
كخشب الأبواب
و حياتك تتبرم صامتةً على طريقة
ثوب شفاف .
و أنا أتطلع نحوك في مساحة الممر
لأجدك قبالة عيني فقط
إنك مثل هذا الهواء العابر...
أنا مبتهج لأنني أحبكِ اليوم
أكثر مما كنا البارحة
أرفع يدي كمجداف لأحييك
وأنت نائمة في غيمة.
لقد صار الزمان طيباً مثل شمعة
و علي أن أوحد نفسي بالظلام
لأضيء،
علي أن أركض كالأسبوع الخريفي الغائم،
كالبصلة بين أصابع الاطفال المرحين،
كالشفة الحزينة
عندما تتفتح.
أنا مبتهج لأن حبكِ
ملأ الأرض بالقطط و...
أستطيع أن أحب الشعراء القدامى
لو أحبوني ،
لو وفروا قليلاً من الوقت
ليحفظوا أوراقي في حقائبهم الجلدية .
إنني أكتب لهم لا للشعراء
الذين لم يولدوا بعد .
حيث إن الزمن القادم
بحر لا يمكننا محبته أو التطلع نحوه،
تلك الأزمان السالفة
هي الأمواج
التي نتلمسها
هي تلك الشمس الحارقة
التي أقف تحتها متعلماً...
الأشياء التي ينبغي عليّ أن أعيشها
غداً عشتُها الآن
الحرب و المرارة
و هجرة عائلتي فجأة
لأستيقظ وحيداً
في غرفتي
كقط مجروح القدمين .
الأشياء التي ينبغي علي أن أحبها
غداً أحببتُها الآن
أعرف إنها حماقة
أن أحب المدن قبل مواسمها
لكنه قلبي المتعجل
ينزلق كشارع مبلل لينظف أقدام الناس !
♤
ما أسهل العيش...
ما نكتبه عن النساء يأتي أولاً
ثم يأتي بعده ما نكتبه عن الريح أو عن تطاير
البذور بضياعٍ عظيم .
عن ملابسنا و أبوابنا
و عن شجر اللبلاب حيث
ترقد العصافير في الضوء .
ما نكتبه عن النساء يصير
أشد ما نأسف عليه
عندما نجدهن في زحمة حياتنا
نحبهن و نبكي بجفاف نادر
إلى أن نؤلف كتاباً فارغاً
من الدموع .
عندما...
حين يتحسن مزاجي سأحبكِ
و ألعب بجنونٍ مع الكرسي
و الطاولة
مع غباء السجادة
و اشتعال البارود.
سأجعل نفسي شمساً كبيرة
أطلع فجأةً لأهب الموتى ظلالاً داكنة
و أغيب متعمداً لأخيف الازهار!
♤
أنت فاطمةٌ صغيرةٌ، يسمونك فاطمة الموعودة
لقد ابتهج بك والداك
و قالوا إن الرب سيسلمك
مفتاح الجنة
لكنك عشت وحيدة و...
عندما كنتُ طفلاً لم أرد أن أصير كاتباً
لم أسع لأن أملأ رأسي بالكلمات،
لم أقل لأقراني سأكون أميراً مثل أبي فراس
أو منبوذاً مثل ويتمان .
كنتُ أود أن أنعم بالنور
بمحبة جيراني و صديقاتي اللواتي
ألتقطهن بالإشارة لا بالحكي.
عندئذ أوكل لي جدي لأمي
أن أشعل المصابيح الكبيرة حول السياج
ثمّ
بعد ذلك تم زرع...