غالبا ما يجد خفافيش نافقة على مكتبه الصغير بعيون بلورية ناصعة وأنوف صغيرة حمراء وأجنحة مفرودة كما لو أن لها رغبة جامحة في الطيران وشن غارات شرسة.
يفرك أصابعه محدقا إلى أعلى.
النوافذ عادة موصدة في الليل.
والباب مستيظ مثل حارس فرعوني طوال الليل.
إذن ما سر هذه الخفافيش الميتة؟.
سأل( ن ) (ك) وهي...
* عربة الأموات
إوزة حزينة
يلاحقها المعزون
بسيقان متهدلة
مثل شفتين عجوز.
****
أيها القبار
الحفرة عميقة جدا
وأنا في حاجة ملحة
إلى امرأة غريبة الأطوار
لتقاسمني حياتي الأبدية..
أيام الشتاء القارصة
والذهاب معا إلى السيرك
فتح النار على المهرج
الذي ملأ مخيلتي بأفاعي المامبا.
****
منذ ستين سنة
أنجبت...
آزرني ( فان غوغ )على اختلاس مانيكان أنيقة من متجر كلاسيكي بعد هروب زوجتي في منطاد إلى أقاصي الأبدية..
- شكرته..
- حياني واختفى..
ألبستها معطفا جلديا ..
سروالا قطنيا شفافا..
قبعة أهدتنيها راهبة حزينة في مستشفى..
أحيانا تبتسم لي ..
تشير بأصابعها إلى بندول الساعة..
جمرات تشتعل في بلاطة صدري...
الرقص بساق واحدة في قطار السنوات الأخيرة
لو تنحني السماء قليلا
لأرشق طيور الغيبيات بالحجارة.
لو أركل النيزك الذي أخفى براهين المجرة..
لو أرفع نثر الربوة للغزلان الفصيحة.
سأعتني بهواجس الأسد .
أقول لوحوش النهار العدوة.
سأقلم فرو لبدته بزئير أصابعي.
لا يجلسن أحد غيري على أريكته الأثيرة.
****
أيتها...
الحقيقة في مكان ما
من هذا العالم
تصعد معنا الباص مثل شبح حزين
تظل مطرقة طويلا تفكر في الإنتحار
القفز من الشباك على قفاها الزجاجي
لأن رواد الباص لا يفكرون
إلا في استخلاص الديون
وشطائر البيتزا
الحقيقة في بطن الأرض
يحفر الفلاسفة أنفاقا عميقة
كل يحمل مصباحه السحري
سلة مثقوبة ليملأها بمياه التفكير
لا...
مضطر لقتل قائد الأوركسترا.
لإلهاء البومة في قاع المفاصل.
مضطر لأضرم النار في قطن الكلمات.
لأغرز مخالبي في لحم البدهي.
لأعبد الأرض وأدهس السماء بمؤخرتي.
لأخطف البراق من براري ألف ليلة وليلة.
وأبيعه لنخاس في أقصى المدينة.
لأحرر متناقضاتي من قفص الفهد.
لأضحك مثل ثور في جنازة.
أو مثل بغي في مأزق...
عزيزي جرجس لا تحزن
أزح كومة هذه التوابيت
وارقص,
أرقص جيدا فوق عربة الأموات
دع العرق يختلط بفقاقيع الدم
إصنع صليبك بيديك المتورمتين
أرقص جيدا
الأرواح التي تختفي في تضاعيف الهواء
الأرواح التي تخلت عن الصيرورة
وقوانين الفيزياء
ستقاسمك كيمياء الرقص
كذلك السنجاب الأحمر الصغير
الذي يطل من زجاج عينيك...
في يوم ما
أمام كنيسة آيلة للسقوط
أمام كاهن يستدرج عربة من الهدايا في السماء
إتفقنا دون تفكير مسبق
بعيدا عن شرفة الكوجيتو الديكارتي
أن أكون أنا شجرة البلوط
وتكون هي الإنسان
أخذت مكانها
إمتلأ جسدي بالأغصان وعصافير الدوري.
واستوت ساقاي النحيلتان
جذعا خشبيا متينا غاطسا في الرغام
إختفت حواسي في...
** يحملون صخورا عظيمة
على ظهورهم المقوسة
وفي أسفل الجبل
يحولونها إلى ذهب خالص..
السحرة الذين تقفز الفهود من أعينهم.
الذين يملأون سلال المخيلة
بالأحجار الكريمة.
يطلقون الزمن مثل كلب سلوقي وراء أرنب التفكير.
****
طائرك جن
صوتك متجمد مثل بوذي غاطس في سيمياء النور.
طائرك يطارده عرافون
نساء برؤوس...
العصافير التي تحلق
في بحة صوتك...
الكلمات التي تتحول إلى شقائق النعمان
بين شفتيك...
الهواء المستطيل كأفعى البوا...
طائرة القلب النفاثة...
أثار حوافر حصانك الضوئي
يا أنكيدو...
عشبة الخلود
تدهسها ذكريات الموتى...
عازف البيانو الوحيد
خارج الكاتدرائية
تترصده ذئاب المطر...
طائر البلشون
تقصفه غيمتان...
سأعيش ألف مليون سنة..
سأطارد الموت في غواصة..
أقطعه إلى نصفين بسيف أخيل..
أرمي جثته لوحوش البحر..
ولتلعنه كل السمكات التي فرت
من بحيرة صدري..
ثيراني المجنحة..
جيراني النائمون في اليقظة..
ستكون لحيتي مثل ذيل طاووس
أتباهى بها أمام كائنات فضائية
إختارت أن تجاورني
وتقاتل إلى جانبي بأسلحة خارقة..
حين...
** سأجلب بركانا مريضا على ظهر فهد ..
ثمة مصح سري جوار بيتي..
تديره أشباح من العصر الوسيط..
***
في عز جنوني..
أقطع أغصاني المترامية..
أبيعها في مصبات الأنهار
لمتصوفة يعانون من الصرع..
***
مضطر
لإيواء شجرة عمياء..
تبكي أمام البيت دون
دون سند عائلي.
***
مضطر
لغسل حصاني بدموع الأرمل..
تهدئة...
تؤلمني جدا ضحكة النسر المحنط...
تمتمات الباب آخر الليل..
رائحة الغابة في أظافره الطويلة..
صورة الضرير التي تتخبط في الماء..
عيناه المرشوقتان في لحم مخيلتي..
الخفاش الذي يمضغ الظلمة بأسنانه الصدئة..
هذيان الذين لم يظهروا أبدا..
الذين يروضون ظلالنا بتنظيرات
سريالية..
يفركون أصابع الساعة الحائطية...