فتحي مهذب

تحت شجرة مصممة على هيئة تمثال بوذا عالية وضحوكة حيث تتساقط زخات من العصافير وتمارس أعراسها اليومية دون مبالاة بقوانين البشر وكوابيس الواقع السريالي، تحتل إمرأة حيزا ضيقا مليئا بالخرق وبقايا أدوات بشرية فارغة من المعنى تحدق في ذؤابة الشجرة كما لو أنها أم العصافير الأولى إستحالت بفعل الزمن...
لا ترم هواجسك من شباك الطائرة. خشية أن يخطفها طائر العقعق. ثمة ضباب مسلح يتربص بك خارج البيت. دادائيون فروا من كلاب المجرة. يصوبون بنادقهم حول ثعلب نثرك اليومي. لا يبصرون في النهار. لا يجيدون الصلاة فوق جسر الوضوح. سيقتلون حمامتك العائلية لتصيرا واحدا منهم. استعن بالشجرة لقراءة أسرار الغد وفهم...
إلاهي انتظرتك ستين سنة في رؤوس الجبال الغريبة فوق شجرة تتكلم مع ظلها دائما في دار الأوبرا مرفوعا على أكف الموسيقى. في الكازينو حيث سماؤك راقصة بساقين من العاج الخالص تستدرج الفهود إلى سريرها لتغتالهم بدم بارد انتظرتك طويلا في المبغى المومسات يذكرنك بخير ينادينك وهن مستلقيات تحت جذوع الحيتان...
حجرة قذرة مخيفة مليئة بصور مخلوقات غريبة. ملائكة تجر عربات حديدية ملآى بشواهد القبور , حيوانات برؤوس بشر , وطيور لها سيقان زرافات, وأجنحة غزيرة غريبة ,وهياكل عظمية متنوعة. فاجأته وهو غاطس في خلوته يتفحص جمجمة من العسير جدا الوقوف على حقيقة إنتسابها لأنثى أم لذكر . لم يتجاوز العقد الثالث طويل...
كان الرب يقيم بجوار بيتنا محاطا بالغلمان والجواري بدنان النبيذ والذهب. كان طويلا جدا مثل زرافة في السافانا عتاهيا وشريرا. يحب السحر والشعوذة والأسطورة يحب النساء وشطائر البيتزا لعبة الشطرنج والتزحلق على جليد اللامعنى جر الفراغ كأسير حرب إلى بيتنا المتداعي. لنحرسه من صقيع اليوطوبيا ونثر النمر...
سأقترض عمودا فقريا من تمثال.. بما أن عمودي الطيني دمره نقار الخشب.. خانه التحديق في جبال الميتافيزيقا.. البواخر المحملة بزئبق اليوطوبيا.. التي تعبر ميناء رأسي باستمرار.. سأهديه إلى سنجاب جائع.. وأريح فراشات أعصابي من البكاء الليلي.. سأقترض عيني زرقاء اليمامة لأرى سفنا معادية تتخبط مثل هواجس...
آخر الليل بعد هروبي من الحانة مثل موريسكي في الهزيع الأخير من الجنون. تطارده قافلة من الهواجس ناس مظلمون على أحصنة عمياء آخر الليل بعد هروبي خلسة من سم الخياط من قاع الحانة كأحد الناجين القلائل من عضة أفعى المامبا. تاركا الغرسونة معلقة على حبل الشهوة. تلعق رائحتي بحوافر أنفها الطويل تاركا...
أمواج صوتك مليئة بأسماك نافقة.. تركلين غيمة السهو بقدمك اليمنى.. ظلي يلاحقك مثل جرو عصابي.. تقاسمه أصابعك المتوحشة نباحه العبثي.. لماذا أسقيت الروح سم الشوكران?.. أخفيت زلزالا متهورا في العبارة.. حفرت أنفاقا ضيقة في ممرات قلبي .. صنعت توابيت في حنجرتي.. ونثرت قمح محبتي في الهواء.. رفقا بجرار...
أخرجي من شقوق أظافره أيتها الجنية الزرقاء.. أو من زعانف صوته الشبيه بسمكة الماهي ماهي.. أو من زجاج عينيه المائلتين الى دكنة خافتة.. أو من مقبرة صدره المليئة بالأشباح.. احملي بيوضك الرملية وافرنقعي.. أسرجي ثورك المجنح.. احملي مراياك الشريرة.. أكياس السحر الأسود.. أياما نافقة تعتاش على بقاياها...
-لا تفكر كثيرا يا بني. -النسيان صحن طائر. -ذر النوافذ مشرعة طوال اليوم -خذ مزمار جدك الضرير -ناده ببحة متقطعة -النسيان يحوم فوق الشجرة -لا تحدق إلى الوراء. -إسحبه بحبل المخيلة -ليطرد الماضي من حديقة رأسك. -يا أبي. -الحاضر يجر ضبابا كثيفا إلى حجرتي. -يمضغ أعصابي بدم بارد. -يتآمر مع الماضي لاختلاس...
ستبكين طويلا أيتها الخادمة.. ستسقط روحك مثل ثمرة متعفنة.. لأنك فتحت النار على ظهر المسيح.. قتلت الحمام الذي جلبه لك من جنة قلبه.. وصنعت له تاجا من شوك أخطائك المميتة .. ستندمين طويلا.. وتشتعلين مثل جمرة الغريب أمام باب القيامة.. لأنك اختلست مفاتيح الأبدية من سترة المسيح.. دمرت الأزهار المضيئة...
لم يأت لا هو ولا ظله.. لا حصانه الذي سقط في شرك البرابرة.. لا صوته المليء بالتجاعيد.. بإيقاع البوذيين فوق شجرات الوقت.. لم تلمع عيناه الصوفيتان وراء زجاج نظاراته .. لم يمطر صوته الناعم منذ زفرتين ونيف.. لم تقفز قطته البائسة من عموده الفقري.. لتلتهم كعادتها صيصان الهواجس.. لم يعبر الجسر ويفاوض...
لم يأت لا هو ولا ظله.. لا حصانه الذي سقط في شرك البرابرة.. لا صوته المليء بالتجاعيد.. بإيقاع البوذيين فوق شجرات الوقت.. لم تلمع عيناه الصوفيتان وراء زجاج نظاراته .. لم يمطر صوته الناعم منذ زفرتين ونيف.. لم تقفز قطته البائسة من عموده الفقري.. لتلتهم كعادتها صيصان الهواجس.. لم يعبر الجسر ويفاوض...
بسبب إنتحار الباص بحبل الجاذبية. وسقوط الملائكة في قاع الهاوية. وغزارة الشياطين في مفترق التأويل. بسبب علاقتي المتوترة بماهية الأشياء. بمسرحية حياتي الساخرة وشخوصها الذين تمردوا في حبكة النص. بمؤلفها الذي طارده المغول في دار الأوبرا. بسبب ضمور حصتي من الضوء. صرت أحتمي بأفعى الكوبرا هروبا من...
- عند خروجي من السجن عثرت على جثة الحرية في جيبي. (ف. م.) آه أيها السجن الذي يبدع في صنع الأقفاص والتوابيت. أيها السجن الذي يأكل الأسرى مثل شطائر بيتزا. أيها الهاوية المملوءة بالغيوم والسحالي. بالنسيان الذي يفترس الممكنات. يا واهب الأكفان للفقراء. أيها القبر الجماعي الذي يلتهم كل شيء العيون...

هذا الملف

نصوص
814
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى