د. عيد صالح

لماذا تستيقظين في كهولتي كل شيء لا يجيء في موعده وأنت علي حافة القمر تجلسين في شرفة تطل علي أنفاسي المتقطعة وأنا أستحلب ٌقرص النيتروجلسرين تحت لساني المرتعش لا أخاف الموت لكنني حزين لأنني لم آخذ حصتي بعد من عضة الحب الحقيقي عشت علي الأرصفة أشاهد الفتارين ولا ألمس بيدي شيئا ألوح لراكبي العربات...
لم يتغير شيء حتي الصقيع والمطر كنا نتحداه ونعابثه صغارا ونتصارع علي قطع الثلج ونتراشق بها والآن تصطك عظامنا تحت أكوام الأغطية كما كان يفعل آباؤنا ربما بدت الحياة أكثر ازدحاما وكآبة لا أتحدث عما فعله الزمن بي ولا حتي الأحلام المقصوفة كأعمارنا سقط كثير من رفاقي ربما كنت محظوظا أنني عشت حتي الآن...
أريد أن أكتب شيئا ليس مهما أن يكون كالمعلقات أو كالأساطير التي تشغل بال الأكاديميين أو بنات حواء الرومانسيات أو فتيات الجيشا في الأفلام الكلاسيكية أو الواقعية الإيطالية والفرنسية حيث صوفيا لورين وبريجيت باردو لن أعرّج علي ليز تايلور وشيرلي ماكلين أحبهن كلهن لكنني لست مشغولا بكتابة التاريخ ولست...
يستوي الأمر في أول الليل أو في آخره لا أريد تلك المقدمات الطويلة عن شجاعة فرسان المائدة المستديرة ومدافع نافارون وسبارتاكوس وبيرل هاربر وهيروشيما وناجازاكي والفلاح الذي أرشد عن أرنستو جيفارا وفضائح سجن أبو غريب والخونة الذين باعوا البشرية كفئران تجارب ولقاحات دعك من ثرثرة الساسة وبارونات...
ذلك الوحش الذي يقضم جسدي قطعة قطعة ويزدردها في تنطع واحتقار أيها الرعب المزلزل أيتها العتمة الموغلة في القتل أيها الجحيم يا زغاريد الجنيات وصرخات الثكالي والحوامل لا يضعن حملهن والقابلات يلطمن الخدود ويندبن البطون المنتزعة الأجنة في قدور بلا ماء ولا بخور أوسعوط وحناء هكذا تسفر اللحظة عن رعبها...
تلك الملامح ليست لي ولا من يطل ها هنا أنا ربما حدثت خدعة ما لا أثق في ألعاب التكنولوجيا وأفضل أن أكون أنا بمادتي الأولية ربما لم يكن الأمنيوسي كافيا وكان وجهي متورما وكان صراخي مكتوما كما أنا الآن أكاد أقرؤني ليس لغربتي عن العالم فأنا معجون بالبشر أكره الوحدة كما أكره الزحام أتناغم مع الطفل الذي...
أضرب رأسي بكفي كمن يعاقب نفسه على النسيان لم أصل بعد لشجاعة ضربها بالحائط كل شيء تبخر وأنا أصعد في ضباب هلامي ثمة وجوه مهشمة الملامح كمرايا حطمتها الدانات ودخان الحرائق لا يزال يتصاعد كدليل اتهام العنقاء ورقعة الشطرنج التي تناوبها البهاليل في محفل اجتذاذ الرؤوس ليس كابوس أخر الليل ولا الكلب الذي...
لأنني أقعي علي رصيف خيال محبط لقصيدة ولدت مشوهة وأفكار من سلة ذاكرة مثقوبة وصور ممزقة لفتيات أحلام وقصائد رومانسية ونساء عبرنني كشيء ورفاق طيرونني برذاذ ضحكاتهم الخشنة في هواء مسموم لارتد الي رئتي الممتلئتين تبغا رخيصا كمشروع لسرطان أليف أموت منتحرا بمتعة التدخين وأزهو بين من قضوا...
ثمة مطارق فولاذية تضرب الرأس بلا هوادة وتلقي بها في طاحونة اللاشيء لا شيء تقبض عليه وأنت داخل دائرة جهنمية كمن سقط من طائرة لقاع محيط يضرب الأعماق في محاولة للطفو لا قارب انقاذ لا أسطوانة أوكسجين ربما ضربة هائلة من ذيل سمكة عملاقة تدفع بك للسطح ربما ينفلق البحر أو يغيض الماء ربما تنقلب الأرض أو...
هكذا فجأة يوقظنا الموت كمطرقة علي رأس فقد الذاكرة نستعيد كل ماكان بيننا ونتحسر علي كتم مشاعرنا ماكان أجدر بأحبابنا أن يعرفوا كم كنا نحبهم وكم كنا بخلاء أغبياء ونحن نضن بهذا الحب عليهم ونحن ندخره لنذرفه حزنا وحسرة آه يا أحبابنا الراحلين ويا من تنتظرون رحيلنا لتلطمو خدود محبتكم وتلطخوا وجوهكم...
العينان الضاحكتان كطفل شقي لا تستقران في محجريهما حتي تلك الخصلة من الشعر التي ظهرت بها شعيرات بيضاء بدت كأول لقاء لنا كحارس علي وجه القمر سألته - كل هذا الغياب - سرقنا الزمن - دائما ما نتهم الزمن نحن لصوص أعمارنا - لم تتغير لا زلت تفلسف كل شيء الحياة أبسط وأعقد من كل تفسير لا أقصد عبثيتها...
وحدك دون سيجارة أو كوب شاي لا فكرة تجول بخاطرك لا صديق يهاتفك لا ولد يتأكد أنك لا زلت علي قيد الحياة قبل أن يلقي بنفسه في الزحام الزحام الذي تشتهيه الآن تلك الوكزات التي تأتيك من كل اتجاه استسلامك للتيار حتي لا تسقط تحت الأقدام كصديقك الذي داسه راجمو ابليس في طريق الجمرات والصراخ الذي كان يصم...
لا أجد ما يليق بك كل الكلام معاد والمجاز أصبح مطية التجريب والمغامرة لا شيء حقيقي والأكاذيب تركب المرسيدس والليموزين وأنا لست صعلوكا ولا أميرا لست سيرانو دي برجراك ولا قيس ابن الملوح ولا "صايع بحر" ببالوناته ودباديبه أنا فقط أردت أن ألفت نظرك ولو بحركة مجنونة لن ألقي بنفسي في البحر لأنني...
- ١- أخرج للطرقات مرتديا ثوب الأرصاد أسترجع أوراقي .. خطط اليوم .. لقاءاتي آخر ما بثته الأخبار والأقمار أستجمع أسلحتي ..أقنعني .. قواتي - في الجمع الثرثار الهارب أتمادى في تصريحاتي وألوح بنفوذي وكنوزي وفتوحاتي - لكني حين أعود تترنح خطواتي أسقط مقهورا في ظلماتي وفراغاتي - ٢ - لو أني كنت كغيري...
كان هنا منذ قليل ربما كان شبحا كان يشبه خيال المآتة الذي كنا نطارد به الطيور في الحقول لا ملامح للوجه وقفته لم تترك أثرا لكني لمحت ظله فوق الجدار قبل أن يختفي لم يطرق الباب وهو يخرج هل اخترق الحائط كما في أفلام هيتشكوك لست خائفا ولا أومن بالأشباح والعفاريت لكنه كان هنا اخرج توا من الفراغ وتقدم...

هذا الملف

نصوص
54
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى