(غيْبة) عجوز ناحلة لا ترتدي لوناً زاهياً، ولا تشتري ثوباً تطير حوله الفراشات، أو تحط عليه الورود، فتلك علامات مزعجة تجعل نظرات الناس ترتطم بها، وتنتزع سطوراً من روحها لا تريد لأحد أن يراها.. أخذت الاحتياطات اللازمة لمنع حدوث طارئ في حديقتها، أو دخول لص إلى بيتها، فمدت الأسلاك الشائكة فوق جدرانه،...
خالتي مفيدة تأخرت أمنيتها بأن ترى عبد الحليم حافظ في حياته.. وبعد سنوات طويلة استطاعت أن تزور قبره في مصر.. فقالت إن موته جعلها تلخص حكايتها من الألف إلى الياء.. إنها لا تنال شيئاً بدون حساب أو ثمن..
لولا الطلاق لما سافرت إلى مصر.. ولولا الموت لما استطاعت أن تجلس قريبة من عبد الحليم حافظ على...
مشكلة الرأس أنه يتعجب ويسأل ويدمدم ويمطر في الفصول الأربعة. إذا عادت به السيارة الى الوراء يدوخ، وإذا نظر إلى لوحة بالمقلوب ينزعج، وإذا نظر من أعالي البنيان يرتج… هذه هي مشكلة الرأس. يقلق ويكره ويحب ويحزن ويفرح ويدوخ، أما إذا تاه عن الطريق فإنه يسأل ألف سؤال، وإذا دخل إلى بيت فإنه يفتح ألف باب...
هذا الكاتب والمترجم العراقي الرفيع قد لا تعرفه الأجيال الجديدة، ولن تجد له صورة واحدة على غوغل، لكنه هو الذي نحت مصطلح (اللا منتمي)، الشائع حالياً، لأنه وجده أنسب وأفضل ترجمة عربية ممكنة لعنوان كتاب كولن ولسن الشهير "outsider"، وفعلاً بعد أن صدر هذا الكتاب بترجمة دقيقة لأنيس زكي حسن، أشاد بهذا...
قبل مئة ألف عام، عندما كان الإنسان الأولاّني لا يعرف ما جرى لأسلافه البشر سوى أنهم ماتوا ودفنوا وخلّفوا بشراً آخرين.. عندما كان لا يعرف من الكلام إلا ذاك الذي يخترعه الصيادون بضجيجهم، والأطفال بنداءاتهم المتكونة من التقاء الشفتين… في ذلك الزمان الذي كان البشر يتحركون فيه بالفطرة، كما تتجذر...
الكثير من الهوام موجودة حولنا ولا نراها.. ولا يمكننا رسمها أيضاً على ورقة لأننا لا نستطيع تخيلها.. الخالق الأعظم وحده هو الذي يخلق ما لا نعلم، وهو الذي يستطيع تخيل الشيء قبل خلقه… ويمكنه التغيير في رسمه أيضاً قبل أن يراه… وعند إيداعه أفضل أشكال الحياة.. يقول له كن فيكون.. ومع أن ذلك التخيل غير...
تعيش أصابع الكوافيرة في رأسها منذ ساعة ونصف الساعة، وبعد أن صبغت شعرها بألوان فاتحة تتدرج من الأشقر الغامق إلى الأشقر الفاتح، وضعت الماكيرة على جفونها ظلالاً خضراء وخطوطاً سوداء، ثم سحبت عيونها إلى النجوم البعيدة.
تحولت في ساعة ونصف الساعة من شكل إلى آخر.. وجهها المعتوه أصبح في منتهى النباهة...
المذيع في حالة الحرب والسلم.. يشتري ولا يبيع.. يولد ولا يموت.. لا فرق عنده إذا ناقش مسرحية الفصل الواحد، أو حقوق المعتقلين في السجون السرية….. المهم أن لا يحب أو يكره المخرج في الحالة الأولى.. وأن لا يحب أو يكره النائب العام في الحالة الثانية… وفي حالة التنويه بظهور الأطباق الطائرة في سماء...
جيرانه الجدد كانوا يعتقدونه صابئياً من أهل العمارة يمتلك معرضاً لبيع الفضة والمسبحات والأحجار الكريمة، أو مسيحياً من أهل الموصل يمتلك مكتبا للصيرفة في شارع (كرادة داخل). حيث كان يخرج بسيارته كل يوم صباحاً ولا يعود إلا وقت الظهيرة. أما جيرانه القدامى فقد كانوا يعرفون حق المعرفة أنه مدرس لغة عربية...
إنتصار وصلتْ الساحل الغربي من كندا بجواز مزور… ولم ترفع رأسها إلى السماء لترى سرب البط البري الذي سبقها إلى الغابات المحيطة بمدينة فكتوريا ذات الطقس المعتدل والجمال الأخاذ، ولكنها أحنت رأسها إلى الأرض لتحمل حقيبتها من أرض المطار إلى كتفيها… كان اليوم هو الجمعة، ويوم السبت يجب أن يأتي وهي خارج...
ما خلا مقتنايته الكثيرة، ماذا يترك الإنسان خلفه بعد أن يفنى، وكيف وبأية طريقة يجب أن يتطابق كدحه مع الأثر الذي يتركه أو يستحقه؟ هذا السؤال ستلاحقه رواية (ذئب الله)*، وتثيره بين سطورها بطريقة خفية أو صريحة لكي تصل إلى ناتج القسمة الطويلة في نهاية المطاف.
تضيق الدنيا في عيون عواد الباز بعد...
– يسرني أن أقول إن درامستيك، وعلى عكس الملايين من الديوك الرومية الأخرى لهذا الوقت من العام، أمامه مستقبل مشرق جداً.
بهذه الكلمات طار الهدهد محلقاً إلى عرش قارة أوكسجين لكي ينقل لرئيسها خبر العفو الرئاسي عن ديك رومي حالفه الحظ في النجاة مرفوع الهام من موائد عيد الشكر الأمريكي كما هي العادة كل...
همس لها الفتى الأشقر في أذنها وهو يضع المظلة فوق رأسها في يوم مطير.. تحمر خجلاً وتنظر إلى كشاكش فستانها البيج ثم إلى الأرض المنخفضة، فترى رؤوس الأعشاب الصفراء مدهوسة تحت قدميه..هكذا هي اللوحة التي تتدلى منها خيوط العناكب.. فيها فتى يهمس باذن فتاة وتحت قدميهما ورد مدهوس.. وهذا لا يجوز أن يحدث مع...
المنصة الخشبية المديدة بنية اللون تتوسطها سلة كبيرة من الورد الأصفر والأبيض والأحمر، ويجلس خلفها أربعة باحثين وباحثة سادسهم رئيس الجلسة الذي كتبت خلفه لافتة تقول (ندوة العلاقة مع الغرب من منظور الانسانيات)، وأصوات الطلاب خارج القاعة تتسلل خافتة إلى داخلها وتبدد صمت انتظار الميكروفون الذي تأخر في...
بعد أن هبط الجميع من سيارة الجي أم سي وبقيت رائحة البخور تعط فيها، تأكد السائق أن جميلة هي السبب.. ظلت تنزل للحمّام كلما انفتحت باب السيارة طوال الطريق بين بغداد وعمان.. ومهما كان سبب النزول، فإنها تعود بعد ذلك برائحة غريبة تشبه دخان البخور… رائحة مفعمة بكافور خانق يجعل الرجال يفتحون زجاج...