صابر العبسي

ما دامت تربتنا تسقى بدم القتلى ستظل الغابة كل الغابة تحجبها شجره لن تثمر فاكهة لن تثمر موسيقى تلك الشجره لن تثمر إلا زقوما إلا جرافات دبابات لن تثمر إلا زنزانات جنرالات ما دامت تربتنا لا يحرثها إلا القتله ستظل الغابة كل الغابة تحجبها حشرة
عسْعسَ اللّيلُ جَاؤوا وفي غفلة عَقدُوا حلفهم بعْد أنْ أقسموا بالحياة مضى كلّ منهم إلَى دوره ...... ...... ...... في رحى الغد منْ خدرِ الشهواتِ اسْتفاق نؤومُ الضّحى ثملا بدماء الغزالِ على مهلٍ سائلا يتثاءبُ ما السّاعة الآن؟ ها إنّها سيدي الخامسة بعيد الزوال تأففّ أوّاه لمّا يزلْ يومُنا...
في مفْترقِ الطرقاتِ مساءَ السبْت هنالكَ عنْدَ البطومةِ تحْديدًا جاءتْ بائعةُ الخبْز القرويّةُ وافترشتْ قاعَ الإسْفلْت وقد شرعت تبْكي غلمان الإعلام الدولي المأجور، سعاة بريد البنك الدولي الحرسُ الشخصي لأبرهة العثمانيين محامو الشيطان، نقابيو الصفقات، حرافيش السيجومي، قضاة الصرْف الصحي،...
على غيْر عادته نَهض الجنرالُ الموقّرُ في زيّه المدنيّ بدا زاهيا نافشا ريشه يتحفّز مستنفرا للقتال بيمناه مصحفه القدسي بيسراه سيف كأفعى يفحّ ويسطع كالبرق قطعا لكل الرقاب من العابرين الظلال وفي فمه بين أنيابه علكة من دم الله قال لكل المسوخ عفاريته نخبة الجند للخصي والوأد عند الزوال بعيد الصلاة قبيل...
وفي الركنِ من شدّة البرد خشْخاشة يتنفّض أشْعلَ أرْشيفه العاطفيّ وما طاله الدفءُ أشْعل ألبومه العائليّ ومَا طاله الدفءُ أشْعلَ سجّادَهُ الفارسيّ ومَا طالهُ الدفْءُ أشْعلَ غرْبال حنْطة جدّته النّخلة الكاهنه ومَا طالهُ الدفء أشْعلَ ألواح أسْتاذه الجامعيّ عن النظم والوزْن والقَافيه وما طاله الدفْءُ...
تفحّص ألبومَه العائليّ بكى موجة ًموْجتيْن بكلّ حنوّ إلى درج في الخزانة أرْجعَه كان قدْ خافَ من غرقٍ خاف من زرْقة البحْر مادام أعزلَ مستوْحشًا ليسَ يمْلك من أفق ليس يمْلكُ في العتماتِ من التّيه إلاّ قواربَ من ورقٍ ليس يمْلك إلاّ يماماتِه البيض ملء سكاكين إخوته المعْدمين فأطْفأ سيجارَه ثمّ أشعل...
الماءُ يغسلُ وجْهَهُ، أثوابهُ، أطرافه بمسامّكِ، النّخلُ يُحني هامهُ لعبورك الورّْدُ يفقدُ في البراري لوْنَهُ، أنفاسَهُ ما إن يشمّ من البعيد عَبيركِ البحْرُ منتحبًا على قدميك ينسجُ موْجَهُ سجّادةً لصلاتك، من أين أبدأُ وصْفَكِ وأنا جنوب يلتقي بشماله كلّ المنازل تستحيلُ مضاءةً بظلالكِ فقّاعة...
هُوَ وحْدَه الجِنرالُ يبْدُو مقْمرا متبرّجا أعْلَى كما لوْ أنّه التمثالُ وسْط الشارع المنْذورِ للغثيان يضْحكُ، تضْحكُ العنْقاءُ والطلاّبُ والسيّاحُ والحجّاجُ والخنْساءُ يضْحك، تضْحكُ الأشْجارُ والشرْطيُّ والدّوريُّ والشحّاذُ والصرْصُورُ يضْحكُ، يضْحكُ الشّهداءُ والنقّادُ والكتّابُ، كلُّ...
هنا قد ولدت ولكنّني لم أجد ما يدلّ على أنني قد وجدت على هذه الأرْض حقًّا كما الحلزون على ظهره بيته الصدفيُّ أسير، أسير الهوينى إلى آخري المتعدّد كي أتحرّرَ من صورة الآدميّ وإنْ تتنابحَ خلفي الظلالُ وإن يتساقَط من ناظريّ ومن جانبيّ الكثير من الأصدقاء النّدامى فلن أتراجع، لن أتلفّت، لن أتوقّف حتّى...

هذا الملف

نصوص
24
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى