قَرَّرْتُ أنا و"عَلِيُّ" – الذي كان يتلصَّصُ عَلَى جَسَدِي مِن خَلْفِ خَصَاصِ نافذتِهِ ، بَيْنَمَا كُنْتُ أُرْسِـلُ إليهِ بإشارات مُوافَقَتي عَلَى لِقَائِهِ بعد ظهيرةِ يومٍ قَائِظٍ - وفي ذاتِ اللَّحْظَةِ - أَصْرُخُ فِي أُمِّي بأنَّنِي سأعودُ إليها حَالَمَاأنتَهِي مِن سِقَايَةِ الزَّرْعِ في نافذَتِنَا – قَـرَّرْنَا سَـوِيَاً–الانتحار...!!!
كُنَّا قَـدْ ضِقْـنَـا ذَرْعَـاً بالكادر" الضَّيْـقِ" الَّـذِي تَغَـيَّـرَتْ أَلْـوَانُهُ مِـنَالْأَبْيَضِ ،والْأَسْـوَدِ إلى الألوانِ كُلِّهَــا دون أَنْ يكونَ لذلكَ - تأثيرٌ-علي بهجةِ الألوانِلَــدَيْـنَا....!!!
وكَمَا أَنَّ " الزُّوووم إن" لَـمْ يُـنْجِـنَـا مِـنْ ضِيقِ التَّحَدِّي ، ولَم يَخْـرُجْبنا"الزُّوووم أَوِتْ" لِحَيِّـزِ الْهَـواء الـنَّـقـِيِّ... !!!
فانْــتـَحَـرْنَا ....!
كانَ ذلكَ صبيحةَ يومِ الاثنينِ حيثُ الكُلُّ مشغولونَ بزحمةِ السُّــوْقِ، وَشِــرَاءِ الجُـبْنِ "القريش" من القروياتِ الماكراتِ الجالساتِ على الرَّصِيفِ ، والذُّرَةِ "للدَّجَاجَاتِ والدِّيكِ" الَّتي سَـيَذبَحُونها في العيدِ ،وسيصنعونَ منهم مَرَقَةً يعطونَ منَها للجَارَاتِ "الطيِّبَاتِ" "الفقيراتِ" .
وبَحَثَتْ الشرطةُ فوجدَتْ ثلاثةَ جُثَثٍ... ؟؟
واحدةً لي بعد أنْ اتَّهموا "عَلِىَّ" بأنَّه اعتدى عَلَىَّ، وأنَّنِي كنتُ حامِلَاً مِنْهُ .
وجثةً" لعَلِيّ" بعد أنْ اتَّهموني بأنَّنِي تحولتُ لواحدةٍمن مصاصي الدَّمَاءِ، وأنَّني ظَلِلْتُأَمَصُّ دماءَه ُبشهوةٍ حتَّى- استنزفتُ كلَّ الدِّمَاءِ الَّتي كانتْ لديهِ -وتركتُهُ جُثَّةً لا طائلَ مِنْهَا، بينما تركتُ أحدَ أنيابي – مُنْغَـرِسَاً في لحم كتفِهِ- دليلاً قاطِعَاً على فَعلتي ..!
ــ أمَّا الجثةُ الثالثةُ فكانتْ لطفلٍ- مُتَّسِخٍ ،مُجْهَـدٍ، مُـتَجَـوِلٍ في كلِّ الشَّـوارعِ، وجالسٍ على كلِّ الأرصفةِ - اشترى لِي "عَلِيُّ" منه ذاتَ مرةٍ عُـقـْـدَاً من الفُلِّ –وألبسني إياه - حاول أنْ يسبحَ ليصلَ إلى الناحيةِ الأُخرَى فابتلعتْهُ الدواماتُ، ورماهُ اليَمُّ بعيداً.. !!
وجمعونا "أنا" و"علىَّ" و"الطفلَ" وشرَّحُوا جثَثَنَا، وكتبوا تقاريرَ" الوفاةِ" ثم أمروا بدفنِنِا في مدافنِ الصَّدَقَاتِ .
فلَمْ يأتِ أحدٌ من أقاربِنا ،ولا أصدقائِنا، ولا معارفِنا لاستلامِ جثتَيْنَا أنا و"على !!؟؟
حتى الطفلُ لم يأتِ "مدرسُ الُّلغةِ العربيةِ" – الَّـذي لم ينجحْ في أَنْ يُـبْـقِـيـَــهُ داخلَ أَرْوِقَةِ الأمنياتِ ليعلِّمَهُ أسماءَ الورودِ، ورائحتَها، وشكلَ بذورِها ومعنى غرقِ الورودِ، وتلاشي الرائحةِ وكيف تطفـو الزهورُ متحديةً ، لتسبحَ ضدَّ التيارِ – فتركَهُ الطفلُ يوماً وأطلقَ ساقيه لِعَبَثِ المسافاتِ...
لم يأتِ "المدرسُ" لاستلام الجثةِ الَّـتي بقيَتْ لأيامٍ منتفخةً، وممتلئةً بالرِّمالِ، والحشائشِ .
ولم يكنْ هذا ذنبُ "المدرسِ وحدَهُ " فقد كان مقبوضاً عليه مع كلِّ مَن تَمَّ القبضُ عليهم من "مدرسي اللغةِ العربيةِ" بتهمةِ سرقةِ الهَمَزاتِ، والتحرُّشِ بالفواصلِ ، واختلاسِ علاماتِ الاستفهامِ ، وتكديرِ الصَّمْتِ العَامِ .....
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حالَمَا ( اسم ) :بِمُجَرَّدِ كَذَا بقلم د./وفاء الحكيم
كُنَّا قَـدْ ضِقْـنَـا ذَرْعَـاً بالكادر" الضَّيْـقِ" الَّـذِي تَغَـيَّـرَتْ أَلْـوَانُهُ مِـنَالْأَبْيَضِ ،والْأَسْـوَدِ إلى الألوانِ كُلِّهَــا دون أَنْ يكونَ لذلكَ - تأثيرٌ-علي بهجةِ الألوانِلَــدَيْـنَا....!!!
وكَمَا أَنَّ " الزُّوووم إن" لَـمْ يُـنْجِـنَـا مِـنْ ضِيقِ التَّحَدِّي ، ولَم يَخْـرُجْبنا"الزُّوووم أَوِتْ" لِحَيِّـزِ الْهَـواء الـنَّـقـِيِّ... !!!
فانْــتـَحَـرْنَا ....!
كانَ ذلكَ صبيحةَ يومِ الاثنينِ حيثُ الكُلُّ مشغولونَ بزحمةِ السُّــوْقِ، وَشِــرَاءِ الجُـبْنِ "القريش" من القروياتِ الماكراتِ الجالساتِ على الرَّصِيفِ ، والذُّرَةِ "للدَّجَاجَاتِ والدِّيكِ" الَّتي سَـيَذبَحُونها في العيدِ ،وسيصنعونَ منهم مَرَقَةً يعطونَ منَها للجَارَاتِ "الطيِّبَاتِ" "الفقيراتِ" .
وبَحَثَتْ الشرطةُ فوجدَتْ ثلاثةَ جُثَثٍ... ؟؟
واحدةً لي بعد أنْ اتَّهموا "عَلِىَّ" بأنَّه اعتدى عَلَىَّ، وأنَّنِي كنتُ حامِلَاً مِنْهُ .
وجثةً" لعَلِيّ" بعد أنْ اتَّهموني بأنَّنِي تحولتُ لواحدةٍمن مصاصي الدَّمَاءِ، وأنَّني ظَلِلْتُأَمَصُّ دماءَه ُبشهوةٍ حتَّى- استنزفتُ كلَّ الدِّمَاءِ الَّتي كانتْ لديهِ -وتركتُهُ جُثَّةً لا طائلَ مِنْهَا، بينما تركتُ أحدَ أنيابي – مُنْغَـرِسَاً في لحم كتفِهِ- دليلاً قاطِعَاً على فَعلتي ..!
ــ أمَّا الجثةُ الثالثةُ فكانتْ لطفلٍ- مُتَّسِخٍ ،مُجْهَـدٍ، مُـتَجَـوِلٍ في كلِّ الشَّـوارعِ، وجالسٍ على كلِّ الأرصفةِ - اشترى لِي "عَلِيُّ" منه ذاتَ مرةٍ عُـقـْـدَاً من الفُلِّ –وألبسني إياه - حاول أنْ يسبحَ ليصلَ إلى الناحيةِ الأُخرَى فابتلعتْهُ الدواماتُ، ورماهُ اليَمُّ بعيداً.. !!
وجمعونا "أنا" و"علىَّ" و"الطفلَ" وشرَّحُوا جثَثَنَا، وكتبوا تقاريرَ" الوفاةِ" ثم أمروا بدفنِنِا في مدافنِ الصَّدَقَاتِ .
فلَمْ يأتِ أحدٌ من أقاربِنا ،ولا أصدقائِنا، ولا معارفِنا لاستلامِ جثتَيْنَا أنا و"على !!؟؟
حتى الطفلُ لم يأتِ "مدرسُ الُّلغةِ العربيةِ" – الَّـذي لم ينجحْ في أَنْ يُـبْـقِـيـَــهُ داخلَ أَرْوِقَةِ الأمنياتِ ليعلِّمَهُ أسماءَ الورودِ، ورائحتَها، وشكلَ بذورِها ومعنى غرقِ الورودِ، وتلاشي الرائحةِ وكيف تطفـو الزهورُ متحديةً ، لتسبحَ ضدَّ التيارِ – فتركَهُ الطفلُ يوماً وأطلقَ ساقيه لِعَبَثِ المسافاتِ...
لم يأتِ "المدرسُ" لاستلام الجثةِ الَّـتي بقيَتْ لأيامٍ منتفخةً، وممتلئةً بالرِّمالِ، والحشائشِ .
ولم يكنْ هذا ذنبُ "المدرسِ وحدَهُ " فقد كان مقبوضاً عليه مع كلِّ مَن تَمَّ القبضُ عليهم من "مدرسي اللغةِ العربيةِ" بتهمةِ سرقةِ الهَمَزاتِ، والتحرُّشِ بالفواصلِ ، واختلاسِ علاماتِ الاستفهامِ ، وتكديرِ الصَّمْتِ العَامِ .....
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حالَمَا ( اسم ) :بِمُجَرَّدِ كَذَا بقلم د./وفاء الحكيم