إبراهيم محمود - كم خسرنا من مؤخرات لحساب 2018

احسبوها جيداً أيها الأصدقاء عن قرب وعن بعد
احسبوها جيداً أيها العارفون بأصول الشرف والكرامة والسيادة
احسبوها جيداً أيها العالقون في الحرية بالكلام المنمق
احسبوها جيداً أيها المأخوذن بالكتابة حباً وكراهية
احسبوها جيداً أيها الناس العاديون، إنما المسكونون بالحياة
احسبوها جيداً أيها الساسة، الدبلوماسيون، المسئولون الكبار، رجالات الأمن في الخفاء
احسبوها جيداً أيها الضليعون في تنظير الوطن والقومية والتقدم والخبز النظيف والماء الخالي من الكلور والكهرباء التي لا تعاني من سكتات
كم خسرنا من مؤخرات لنا لحساب عام 2018
نتحدث بلغة المؤخرات حيث لا بد منها، لأن الوقائع هي التي علَّمتنا كما تعلّمنا حتى هذا اليوم الأخير المتبقي من أنفاس 2018 المرذرذة بدماء الغلابة أن كل ما له قيمة مؤخرة
مؤخرة الحرية الهائلة الثقوب جرّاء دخولها والخروج منها
مؤخرة الكرامة المثقَلة بالتقيحات جرّاء الحديث الكاذب عنها بصور شتى
مؤخرة الشرف التي لا تحصى ثقوباً جرّاء القسم اليومي بها من أهل " العز " ومن يجاورونهم
مؤخرة الحب التي لا تُرى جرّاء التكالب على استهلاكها ورميها نفاية يومية
مؤخرة الجمال التي امتلأت ذباباً على وقع الكلمات المعسولة التي تستدعيها ألسنة المتفقهين
مؤخرة البطولة التي فقدت كل معلَم لها جرّاء الهزائم التي سبَّبها سماسرة الشعارات
مؤخرة الشهادة التي نخرت إلى آخرها جرّاء التفخيم المستمر لها ليلاً نهاراً فقط
كم علينا أن نتغنى بسيادة البلد ومهاميز العبودية تنخسنا دون توقف
فكم علينا أن نمضي بعد في الحديث عن الوطن وكرامة المواطن
كم علينا أن نستقبل برعب " الخير لقدَّام " ونحن نتلقى الركلات في مؤخراتنا
كم علينا أن نبتهج قليلاً بحلم عابر ونحاط بـ" الصرامي " جزاء هذا العلم العابر
كم علينا أن نتحسر على شبر من أرضنا يتنفس أماناً وفي كل مكان يضج الخراب من الخراب
كم تلقينا من طعان مباشرة في مؤخراتنا، نحن أهل الكلمة، تعبيراً عن آمال منقصوفة
كم اهتزت مؤخراتنا ثمة كل خطاب عن أن المس بسيادة الأمة خط أحمر، لتُسفَك دماؤنا نحن الذين نتنفس بصعوبة بالغة في القاع
كم تفلطحت مؤخرات على وقْع وطء الناهبين لمشاعرنا البسيطة والنقية داخلاً وخارجاً
كم اُنتهكِت مؤخراتنا وأنتم تقصفون كأساتكم في لياليكم الملاح والأعداء بأصنافهم يقصفون مؤخرتنا رجالاً ونساء عزّل إلا من طيبة إلا اعتبارهم يحبّون الحياة حباً جماً
كم استطالت مؤخراتنا وامتلآت جروحاً وبثوراً على وقع نهش ذئاب الأعداء وتلك الحليفة معها تحت سقف الوطن " الحبيب "
كم كبت بنا مؤخراتنا ونحن نحاول الصمود في وجه رياح الأعداء المحملة بالأوبئة وقد وليتم الأدبار يا رموز الأمة الكبار
كم استهلكت مؤخراتنا باسم " سوف نبني وطن الحرية والتقدم والطعام الشهي "
كم كذبنا على مؤخراتنا باسمكم يا أولي الوطن، أن اصبري، فإن موعدك الفراش الخالي من الكوابيس
كم أهملنا دقائق حياتنا اليومية ونحن نداري مؤخراتنا أمام سهام أعداء الوطن والفاسدين في الوطن واهمين متوهمين أن ساعة الفرج آتية لا ريب فيها
كم عدد المؤخرات التي وقعت أرضاً جرّاء هتكها المستمر، ولم يُشَر إليها بحرف إعلامي
كم بقي من المؤخرات الوطنية والغيورة على حدود أوطانها ليحسَم أمرنا في الحياة
ماذا بقي من مؤخرات لنا لنحسن النظر إلى الأمام قليلاً وسهام الأعداء لا تتوقف عن استهدافها
أي شرف تحسّونه يا سادة الوطن يا أمناء الحريات الحريات يا منظري كرامة الأمة يا الأعين الساهرة على أمن المجتمع يا الحريصين على سعادة المواطن وأنتم بمؤخرات مثقَلة بملذاتكم التي أخرجتكم من معادلة الزمان والمكان ومباغتات التاريخ
كل عام وأنتم بمؤخرة أكبر
كل عام ونحن بمؤخرة أقل طعاناً

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى