الشاعر المغربي بالفرنسية محمد حمودان: المشهد العربي تراجيكوميدي.. أجرى الحوار: محمد الخضيري

يكتب محمد حمودان الشعر والرواية ويعبر بالنصوص، مترجِماً، ما بين ضفتي العربية والفرنسية. الكاتب المغربي الفرنسي يقدم في ديوانه/ القصيدة حالة طوارئ، رحلة تمتد منذ العصور الإسلامية السحيقة إلى ضواحي فرنسا. ديوان متعدد الأصوات، ويكشف في ما يشبه هذيان العرافة، مشاهد من صراعات الحكم إلى التطرف الإسلاموي الحالي. لا يتردد الديوان في إطلاق النار على هذا الواقع المتردي، لكنه في الآن ذاته حمّال أوجه. ويؤكد مرة أخرى أصالة وعمق صوت الشاعر، وقدرته الكبيرة على استعارة الواقع لبناء قصيدة تتجاوزه، وتجعل من الأفق الإبداعي غايته القصوى.



*"حالة طوارئ"، هو عنوان ديوانك الشعري الأخير. ألا ترى أن عنواناً شبيهاً، هو بمثابة إعلان حالة طوارئ شعرية، تتماهى فيها بالواقع وبحالة الطوارئ التي تعيشها فرنسا منذ أحداث شارلي إيبدو؟

قد يكون الأمر كذلك، إذ على جميع حواس الشاعر أن تكون في حالة يقظة دائمة حتى تتمكن في أي لحظة من التقاط تفاصيل ما يدور حولها ثم إعادة صياغتها في قالب جمالي. حتى وإن كان الديوان يستلهم مادته من حركية الواقع، فالشعر هنا، لا يتماهى مع هذا الواقع بقدر ما يعطيه أبعاداً أخرى، وذلك من خلال ربط الحاضر، الآن والْهُنا، بوقائع تاريخية تضفي عليها القصيدة صبغة تراجيدية وملحمية بالمعنى الإغريقي للكلمة.

القصيدة تسرد رحلة شاسعة بين تخوم العقل والظلمات والنور على لسان ذاتٍ نجت تواً من هجوم إرهابي؛ ذات مهلوسة مثخنة بالجراح، تسرد وهي ترقص مع الجثث المتناثرة على الرصيف المليء بخراطيش الرصاص والأشلاء الآدمية، كما لو أنها امتثلت لرغبة تلك الشهرزاد المتشردة، التي وجدتها فجأة هذه الذات الشاعرة بين أحضانها وهي تحتضر وتدعوها، من خلال قلب واضح للأدوار، أن تحكي احتجازها واغتصابها وتشردها وجنونها واستحالة الحلم، الذي قُصَّت أجنحته، إلى كابوس مرعب على امتداد هذه الرقعة التي تسمى العالم العربي…

*تماماً، فنصّ الديوان يمر، من الضاحية الفرنسية إلى عصر الفتوحات. يتحدث عن صلصة الكباب المعروفة في محلات الكباب الفرنسية بالساموراي، كما عن مقاتلي التنظيمات المتطرفة. يذهب ويعود في التاريخ. هل هي قراءتك الخاصة لما يشهده العالم الآن؟

من وجهة نظري، لا يمكن فهم ما يحدث في حاضرنا إذا لم نعد إلى الوراء، فالحاضر، هو بالضرورة، نتاج سيرورة معينة، ومسلسل ذو حلقات مترابطة على الرغم من أننا قد نلاحظ استثنائياً حدوث قطيعة وقفزة نوعية في تطور هذا المسلسل. ما تعيشه المجتمعات العربية ـ الإسلامية اليوم، مثلاً، لم يأت من العدم، بل عبر تضافر مجموعة من العوامل التاريخية.

من الناحية الفنية الصرفة، كان التحدي الذي طرحته على نفسي، هو اختزال ما يناهز خمسة عشر قرناً في ثلاث وأربعين صفحة، وجعل القارئ يسافر، أثناء ربع ساعة بالكاد، دون أن يشعر بتعاقب الأزمنة، من الضاحية الباريسية إلى مكة القرن السابع الميلادي ثم العودة إلى نفس الضاحية، مروراً ببغداد، قرطبة، دمشق، سامراء بعد أن يكون قد عاش اكتمال الرسالة النبوية وتأسيس الدولة وما تلا ذلك من صراعات دموية بين "إخوة الإيمان" وثورات كثورة القرامطة والزنج... هذا من جهة، أما من جهة أخرى فقد كان علي أن أبني قصيدة متعددة الأصوات، كما لو أن الأمر يتعلق بعرض كورالي، أن أخلق "أنا" متعدداً، دون أن يلتفت المتلقي إلى ذلك. فهذا "الأنا"، هذه الذات "المهلوسة" تتقمص تارة شخصية النبي وتارة أخرى شخصية متمردة بل إنها تعبر أحياناً عن وجهة النظر "الطوباوية الدموية" التي تدعو أدبياتها وفقهها إلى "نهاية العالم" ويمضي أصحابها في العمل على تطبيقها، لكن دونما إضفاء أي شرعية على همجيتها وتعطشها للدماء، بل على العكس لإظهار مدى تصلب وتخلف خطابها وفظاعة إجرامها...

صلصة الساموراي

*لكن قصيدتك تقدم قراءة خاصة من وجهة نظري كقارئ. ربما أنت تُدِين بشكل من الأشكال كل هذه القراءات الخاطئة للدين. وتَفْصل من خلال نصك الشعري ما بين الدين كعقيدة وشعور روحاني وما بين الظاهرة الدينية، التي استحالت إلى عنف في زمننا الراهن؟

قراءتي للإسلام قراءة مادية تاريخية، بمعنى أنني أعتبر أن الدين الإسلامي، شأنه شأن جميع الديانات، والتي هي حلقة في مسلسل الفكر الإنساني عموماً، ظهر، بعد مخاض طويل، نتيجة شروط اجتماعية وسياسية وثقافية معينة لينقل عرب الجزيرة من حالة إلى حالة مختلفة، بغض النظر طبعاً عن الجانب الروحي. لا أحد يستطيع أن ينكر أن الإسلام أحدث ثورة، أي أنه استطاع أن يبني حضارة، عبر تلاقح العرب مع شعوب وثقافات أخرى، ساهمت إلى حد كبير في تقدم البشرية إلاّ أن ما نراه راهناً من تحجر يدفعنا إلى طرح السؤال التالي: ما الذي يقدمه الإسلام اليوم لنفسه قبل أن يقدمه للآخر، للإنسانية جمعاء؟

أما عن العنف الذي يستمد "شرعيته" من الدين، أو لنقل من تأويله الخاص للنصوص الدينية، فلا يغدو أن يكون وسيلة للبلوغ إلى السلطة، لكنها سلطة ستكون لا محالة خارج التاريخ، وذلك يبدو جلياً في الخطاب والأيديولوجيا التي ترتكز عليها هذه الجماعات وحتى بعض الدول التي تستمد شرعيتها من الله مباشرة.

سلطة "كهنوتية" لن تكون خارج التاريخ فحسب بل إنها أيضاً، سلطة قمعية ضد الفرد والشعوب، وحريتهم وكيانهم بصفة عامة. فإذا كان الإسلام، حين ظهوره، دعا، بشكل أو بآخر، إلى التحرر والانعتاق، فهؤلاء الذين يستغلونه سياسياً اليوم، ويتخذون من العنف الدموي وسيلة لبلوغ مآربهم، لن يفعلوا شيئاً آخر، إذا ما تمكنوا من الوصول إلى السلطة، سوى إعادة إنتاج القهر وخنق الحريات الفردية والجماعية.

دعني أقول لك، إنني أؤمن بقوة أنه على المثقف أن يدعو للتقدم والتحرر. لا أن يتبنى، ولو ضمنياً، الطروحات الماضوية والتحالف مع أعداء الحرية والديمقراطية والأنظمة العشائرية الغارقة في رمال التخلف، تحت ذريعة محاربة الاستبداد والدكتاتورية.

وأنا أكتب "حالة طوارئ"، رافقتني جملة من الأسئلة ألخصها كالتالي: هل للإنسان العربي حالياً قابلية للديمقراطية؟ هل "العقل العربي" جاهز لاستيعاب مفاهيمها وميكانيزماتها؟ هل النخب العربية، السياسية والثقافية، تؤمن حقاً بمبدأ الديمقراطية؟ هل وجب إشعال "الثورات"، بغض النظر عن كونها نابعة من رحم التناقضات الداخلية أو عن مخططات طبخت في مختبرات خارجية، لإسقاط أنظمة فاسدة ومستبدة لإحلال الفوضى أو التيوقراطية كبديل لها؟ ألا يجب على مجتمعاتنا أن تفصل نهائياً بين الدين والدولة، أن تجعل من المعتقد مسألة تهم الفرد في علاقته الحميمية مع الإله الذي اختار هو ذاته الإيمان به وأن تبعده عن إدارة الشأن العام؟ ألم تكن الفيلسوفة، حنا أرندت، على حق عندما كتبت: "التحالف بين مذبح الكنيسة (الدين) والعرش (السلطة) يفقد الإثنين معاً مصداقيتهما"؟

إن الدرس الذي ربما علينا استخلاصه من حمامات الدم المروعة والدمار الهائل الذي نراه هو أن على الشعوب العربية ونخبها المتنورة أن تعمل جاهدة على المدى الطويل، على بناء إنسان عربي جديد، ينظر إلى تاريخه نظرة نقدية لا تحنيطية ولا تمجيدية، أن يحدث قطيعة جذرية مع الماضي حتى يتمكن من تشييد مجتمعات صلبة ومتماسكة، تؤمن بالتنوع والاختلاف.

المشهد العربي يشبه إلى حد بعيد التراجيكوميديا. لذا وجب كتابة قصيدة تعريه، بصلصة الساموراي اللاهبة، بدل الحبر!

*دعنا نتحدث عن الترجمة. أنت تترجم كثيراً في السنوات الأخيرة، ونشرت أكثر من عمل، ووصلت ترجمتك لرواية "أم الربيع" لإدريس الشرايبي إلى القائمة القصيرة لجائزة الأطلس الكبير، وهي من أرقى الجوائز الخاصة بالترجمة في المغرب. لماذا التحول إلى الترجمة في مسارك الأدبي؟

بدأت حكايتي مع الترجمة في سنة 2003 عندما أشرفت على ملف خُصِّص للشعر المغربي المعاصر، صدر في مجلة "بويزي" PO&SIE التي كان يديرها الشاعر الفرنسي المعروف، ميشال دوغي، إذ كان عليّ ترجمة بعض الشعراء المغاربة وتقديمهم لشريحة من القراء الفرنسيين. بعد ذلك، انقطعت عن الترجمة حتى طلب مني ناشر فرنسي يعيش بالمغرب، سيمون هاملان المسؤول عن مكتبة ودار النشر "الأعمدة" بطنجة، ترجمة رواية "المعركة الأخيرة للكابتن نعمت" للروائي الراحل، محمد لفتح، التي لم يتمكن الناشر السالف الذكر من نشرها لأن ناشراً آخر اقتنى قبله حقوق الترجمة لتصدر الرواية عن دار الأمان بالرباط، ثم ترجمت أخيراً، رواية "أم الربيع" للروائي الراحل، إدريس الشرايبي، وكتاب "لن تعبر المضيق" للروائي والناقد المغربي الفرنسي، سليم الجاي، و"مقابلة مع ليلى شهيد" بطلب من سيمون هاملان. أما من العربية إلى الفرنسية فقد ترجمت مجموعة قصصية للكاتب والصحافي المغربي، نبيل دريوش، دائماً بطلب من نفس الناشر، وأخيراً كتاب "خريف فرجينيا" للشاعر عبدالرحيم الخصار، بطلب كذلك من ناشر كتابه بالعربية "كراس المتوحد". وأشتغل حالياً على ترجمة رواية "التيوس" لإدريس الشرايبي نزولاً عند رغبة أرملته شينا الشرايبي وبطلب من هاملان.

كما تلاحظ، فأنا كثيراً ما أقوم بالترجمة بطلب من ناشرين وأحياناً من بعض الكتاب أنفسهم…

شاعر فرنسي وليس فرانكفونيّاً

* أنت تترجم في الاتجاهين، أي من العربية إلى الفرنسية والعكس. هل هناك اختلاف في العمل على اللغتين؟

في الواقع، أتبنى نفس الاستراتيجية في الحالتين: أحاول دائماً أن أظل وفياً للنص الأصلي، لبنائه وروحه وموسيقاه، لذلك فأنا أقرأ هذا النص مراراً قبل الشروع في ترجمته، حتى أتمكن من تفكيكه جيداً لإعادة تركيبه في اللغة الأخرى، بما يتناسب طبعاً مع النسق الخاص لكل لغة.

*وهل تفكر يوماً في الكتابة بالعربية، بحكم أنك تعمل بها الآن؟

حتى إن كانت تجمعني علاقة إشكالية باللغتين، أظنني غير قادر على اللعب باللغة العربية مثلما أفعل بالفرنسية التي بدأت الكتابة بها منذ ما يزيد على الثلاثين سنة، رغم أني أكتب بالعربية بطريقة غير مباشرة عن طريق الترجمة. زد على ذلك فأنا أكتب انطلاقاً من بيئة فرنسية، إن صح التعبير، من داخل نسق ثقافي وفكري أصبح جزءاً من هويتي، بحكم أنني أعيش في فرنسا منذ ما يناهز ثمانية وعشرين عاماً، وبالتالي فأنا لا أعتبر نفسي كاتباً فرانكفونياً، كما قد يصفني بعضهم، بل كاتباً مغربياً وفرنسياً، في نفس الآن، وهذا أمر نابع من واقع مادي ملموس ومن قناعة ذاتية.

*هناك الآن حركية واسعة في نقل الأدب المغربي المكتوب بالفرنسية إلى العربية لربما أكثر اتساعاً من العقود السابقة. هل هي بداية المصالحة بين الكتّاب باللغتين من وجهة نظرك؟ وما هي دوافعها؟

لا أظن أنه كانت هناك عداوة بين الكتاب المغاربة الذين يكتبون بالفرنسية والذين يكتبون بالعربية، إلا في بعض الحالات كما حصل عندما حاز الطاهر بنجلون على جائزة الغونكور وقد أخذ عليه، عن حق، تكريسه صوراً نمطية فلكلورية إكزوتيكية عن الشعب المغربي لإرضاء القراء الغربيين، أو أخيراً عندما "هاجم" بنسالم حميش عبداللطيف اللعبي. قد يتعلق الأمر غالباً بحزازات بين الأشخاص كما قد يحدث ذلك بين كتاب يبدعون بنفس اللغة. خذ مثلاً محمد برادة، وهو كاتب باللغة العربية، تجمعه علاقة صداقة بكثير من الكتاب المغاربة الذين يكتبون بالفرنسية. لا ينفي هذا بالطبع السجالات التي عرفتها ولا تزال الساحة الأدبية المغربية حول الكتابة بالفرنسية، لدواعٍ سياسية أكثر منها أدبية. أو أحياناً بدوافع ذاتية محضة تبدو مرضية، قد يصعب فهمها، فأنا أعرف أناساً يكتبون بالعربية تحدوهم رغبة جارفة، بل يحلمون ليل نهار بالكتابة بالفرنسية ونشر كتاباتهم في دور نشر فرنسية، ومع ذلك لا يتوانون، طالما لم يتمكنوا من تحقيق "طموحهم"، عن كيل انتقادات لاذعة ومجانية، لا ترتكز على أي دليل، "للكتاب المغاربة الفرانكفونيين"، قد تصل إلى حد وصفهم بالاستلاب بل بالعمالة لفرنسا. عموماً، صحيح أنه ينظر إلى الكاتب المغربي بالفرنسية بعين الريبة، بذريعة أنه يكتب بلغة المستعمر السابق. لذلك، فهذا الكاتب مطالب دائماً بتبرير نفسه، بل إنه أحياناً يجنح إلى إظهار نفسه "أكثر عروبية من العروبيين" وأكثر وطنية من أعتى الوطنيين، كما لو أن حال لسانه يقول: "صدقوني يا إخوتي، أنا بريء براءة الذئب من يوسف"، المسكين!

على أية حال، أنا أؤمن أن المهم ليس اللغة التي يكتب بها المرء بل قيمة ما يكتبه.

أما في ما يخص ما تسميه "حركية واسعة في نقل الأدب المغربي المكتوب بالفرنسية إلى العربية"، فأنا لا أتفق معك، فهذا أمر غير صحيح، ليس هناك على حد علمي استراتيجية واضحة المعالم أو سياسة حكومية مؤسساتية تنهض بالترجمة، هناك فقط مبادرات فردية من مترجمين أو من بعض الناشرين.

بحثاً عن "التحفة" الأدبية

* طيب، ألفت روايتين. وهما معاً تتحدثان عن مهاجر مغربي يصل إلى فرنسا في عز الشباب. ليصطدم بجدار الواقع. لكنك، في الآن ذاته، استعدت بقوة مغرب التسعينيات بكل تعقيداته السياسية والاجتماعية، في ظل قمع سياسي شهدته تلك الحقبة. وأنت تؤلف رواية ثالثة. هل ستكون، نوعاً ما، تتمة لهذا المشروع الروائي أم ستستكشف أفقاً آخر؟

بالفعل أنا بصدد تأليف نص روائي ثالث، لكنه يخرج عن سياق الروايتين السابقتين حتى لو أن الأحداث تقع، كما في العملين سالفيْ الذكر، بين فرنسا والمغرب. الراوي في هذا العمل الجديد ناقد أدبي على عتبة السبعين عاماً، اشتغل لمدة أربعين سنة في جريدة فرنسية، "اختار" العودة إلى المغرب ليؤلف "التحفة الأدبية" التي كان يحلم بكتابتها منذ الأزل، إلا أنه سيصطدم بأشياء لم يكن يتوقعها...

*هناك كتابات جديدة صارت حاضرة في المشهد الثقافي المغربي. هل ترى أنها تستطيع أن تعبر بما فيه الكفاية عن هذا الواقع المركب الذي كتبت عنه، وكتب عنه آخرون سابقون ومن أبناء جيلك؟

لست ناقداً أدبياً كي أجيبك بدقة عن هذا السؤال. لكن يجب، قبل إصدار أي حكم، سلبياً كان أم إيجابياً، على هذه الأعمال التي تشير إليها، أن ننتظر تراكماً مهماً، فالزمن وحده قادر على الفصل بينها والقول، إن كانت هذه الأعمال قد نجحت في التقاط ما تسميه "الواقع المركب" والتعبير عنه من خلال روايات تمزج بين الصرامة والقيمة الفنية الراقية. ففي المغرب أو في أي بقعة أخرى، كثيراً ما يهلل لأعمال قد يصفها بعضهم بـ"التحف الأدبية"chefs- d’oeuvre وقد تكللها بعض المؤسسات بجوائز أدبية غير أنها لا تصمد أمام آلة الزمن الطاحنة. ختاماً، دعني أقول لك، إنني ألاحظ أنه في ظل الغياب شبه التام للنقد الأدبي، غالباً ما تنشر بعض الصحف والمجلات مقالات مدحية، من خلال توزيع محكم للأدوار، لرواية فلان يكتبها أصدقاؤه الروائيون قبل أن يلبس هو أيضاً قناع الناقد ويكتب بدوره مقالات نقدية تسمو بروايات أصدقائه إلى مصاف الروايات العالمية، وأحياناً تعهد المهمة لصحافيين تظن عندما تقرأ خربشاتهم، أنك أمام إنشاء لتلميذ في السنة الخامسة ابتدائي أو ما دون ذلك، وكل هذا في العمق يضر بالنص الروائي حتى ولو كان، افتراضاً، نصاً عميقاً وجميلاً، كما لا يسمح بإرساء مشهد أدبي سليم.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى