أنس مصطفى - مطرٌ على فاطمة.. شعر

وَلِفاطمَةَ كُلُّ الدَّفَاتِر
وَالفوَانيسِ القَديمةِ كي تَقَرَّ بها،
ولِي سفرُ الحَنينِ المُرِّ
والتَّعبِ الجَلِيل..

يَا فَاطمَة..
تبَّاً لسُوءِ القَلبِ،
تبَّاً للنَّوَايَا،
لِلمَشَاوِيرِ الغريبةِ وَالبُكَاء..
إنَّ الزَّغَارِيدَ اندِمَالٌ للمَنَافِي،
واقترابٌ للمَدَى..

وَلفَاطِمَة ما لَم أَقُلهُ مِن المدَى
وَلهَا النِّدَاء..
..
..
أُغمِضُ الدُّنيَا عَلى مَطَرٍ بَعِيد، يَفتَحُ البَعِيدُ شَبَابيكَهُ على فاَطِمَة، وكَأنهَّا البَعيد، وَكأنهَّا المطَر، وفَاطِمة نُورُ الأوقَاتِ الآتيَة، وَرَحمَةُ الآن..
فَاطِمَةُ الآن،

وفَاطِمَةُ سَفرٌ لا يَنتَهِي، وَنَوَاحٍ بَعيدَة،
تَمشِي رحيمةً عَلى الدُّنيَا، تَعبُرُ الأيَّامَ كلمحَةٍ مِن الضَّوءِ الجمِيل، وَلا تُخلِّفُ بعدها سِوى الضَّوءِ نفسِه، لا تَنتَهِي يَومَاً، فَاطِمَةُ طَعمُ الأيَّامِ الغَالِيَة ورَنَّةُ الفجر..

يا فَاطِمَة:
مِن أَينَ ينُبتُ اللَّيلُ هَكذَا يا فَاطِمَة..؟
وَمتى القَلبُ يَسجُد..؟

تَسْرَحِينَ فَأُشهِرُ التَّعَبَ على مَوَاعِيدِك، وَلا يَنزلُ المَطَرُ دُونَك، وَكَأنَّكِ البَعِيدُ، وَكَأنَّكِ المطَرُ، وَلا شَيءَ بعدَكِ يا فَاطِمَة، وَلا أَنتِ ولا أنَا..
وَلا أَحَد..
وَلا أَحَدٌ حَتَّى..

فَأوْدِعِينِي الَّذِي يَنتظِر، الَّذِي غَاب، أَوْدِعِيني الشَّبَابِيكَ الَّتي تُحبَّينَهَا، وَرَائِحَةَ المطَرَة، أَودِعيني مَشَاوِيرَ المغرِبيَّة، وَشَجَرَ اللَّيمُون، أوْدِعِينِى البُيُوتَ الصَّغيرَة، أودِعِينِي السِّكَّة، وَكُلَّ مَا هُنَاك، كُلَّ مَا هُنَاكَ يا فَاطِمَة، وكُونِي كمَا أَرَدْتِ أن تكُونِي لَعَلَّكِ تَرْضَيْن، ولعلِّي أَطمَئنُّ مَرَّة..

ومَن يَدرِي يَا فَاطِمَة، ربَّمَا لا شَيءَ بعدَك، رُبمَّا زَمَانٌ بَطَعمٍ آخَر، ربَّمَا أيامٌ بَسِيطَة وَفَجرٌ رَقِيق، رُبمَّا يَا فَاطِمَة، رُبَّما، فَقَد أنفََقتُ سَمَاءً وَمَشيت، وَكُنتُ عَلى نُور، وكُنتُ عَلى غُربَة، وَهَا نحنُ يا فَاطِمَة، هَا نَحن، وَهَا هُو اللَّيل،

هَا هُو اللَّيلُ فَانْظُرِي..
..
..
يَا فَاطِمَة
سَتَفُوحُ رَائِحَةُ الشِّتَاءُ
عَلَى شُقُوقِ البَابِ
يَنكَسِرُ الطريقُ على السِّيَاج..
سَيُطِلُّ ليلٌ إثرَ لَيل..
ويكونُ عُمرٌ دَاكِنٌ وَصَدَىً وحيد..

سَتَضِيعُ أُغنِيَةٌ تُسَمَّى فَاطِمَة،

...وَتَجيءُ أُغنِيَةٌ تُسَمَّى فَاطِمَة
..
..
يَا فَاطِمَة..
..
..
..يَا فَاطِمَة
..
..



أنس مصطفى/الخرطوم

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى