علي حزين - قد مللتكِ صدقيني , كما مللت أدمعي

ناشدتكِ الرحيل فلترحلي
يكفيكِ هذا لكي تخرجي
من حياتي كلها ,
وللجحيم فلتذهبي , انصرفي ,
أخرجي , من طقسي اليومي
ومن الجرائد الحزبية ,
ونشرات الأخبار الليلية
ومن الأسقف المعلقة ,
الأبواب ألان كلها مفتّحة , وعليكِ غير مغلّقة ,
وعليكِ الآن أن تغادري , ِفرّي ,
من كل النوافذ , كما الدخان الأسود ,
كنجمة شاردة , طيري في الفضاء ,
خذي حريتك كاملة , وانطلقي
كما الريح , أو كالإعصار المدمر ,
انطلقي ولا تلوي علي شيء
أو إن شئتِ أخرجي هادئة ,
كنسمة هواء , باردة , مع غبار المروحة
فأنا قد مللتُ الصقيع , وبرودة الطقس
بنهديك , وبسمة شفتيكِ , والنظرة الباردة ,
والقصيدة الباردة ,
أتريدين مني أن أتمسّح فيكِ ,
كما أتمسّح بقطتي الصغيرة
أن أمسح دموع التماسيح من عينيكِ الذابلة
أن أرجوكِ البقاء معي قليلاً , لا أنت واهمة
فأنا حطّمت قيودكِ كلها , وهدّمت حيطانكِ كلها
فلتذهبي مع الريح حتى لا تندمي , واهربي من المقصلة
من سجني , ومن القصيدة المعطّرة
فما عادت حيطاني من ذهب
*****
لا تعتذري اليوم , لا , ولا تتأسفي
فأنا اليوم لا , ولن اقبل أعذاركِ
يكفيكِ ما صنعتهِ بمشاعري المرهفة
اتركيني وحدي , أواجه مصيري ,
أمشي وحدي , لا يهم ,
أعيش وحدي , أتنفس ,
آكل , أقوم , أنام , أحلم ,
وأفكر وحدي , وأواجه الشتاء وحدي ,
فقد مللتُ أفكاركِ الباهتة
والنوم علي الأرصفة
فلم يعد يُغريني جمالكِ
لم يعد يثيرني عطركِ
هذا الذي صنعته بيدي
فساتينكِ الأنيقة الباهظة
كلها ـ دقة قديمة ـ صارت تستفزني
( والموج الأزرق بعينيكِ) , لم يعد له صوت ,
ولم يعد ( يناديني نحو الأعمق ), صار محض هراء
ولا شفتيكِ لم تعد تشتهيني
( شعركِ الغجري) أصبح أسلاكٌ شائكة تطوق رقبتي
ضحكتكِ صارت باردة ,
خصرك لم يعد يحاصرني, أو يحرك غرائزي
حتى كل تفاصيلكِ , لم تعد تهمني , لم تعد تغريني
ولم أعد أهتم كثيراً بظواهر الأشياء ,
فأبشع ما نقع فيه من أخطاء , أن ننخدع بظواهر الأشياء
وأنت امرأة جميلة , لا أنكر , ولكنك أيضاً امرأة تافهة ,
قارورة عطر فيها سم قاتل , وفارغة كالإناء ,
*****
ابتعدي عني قليلاً حتى أستريح ,
غيبي عن أحلامي كي أستريح
وعن وجهي أغربي لكي أستريح
ارحلي بعيدا عني , ولغيري غرّدي
قد مللتكِ صدقيني , كما مللت أدمعي
فلم تعد تطيقكِ شراييني , ولا تستسيغكِ الأوردة
فاخرجي من رأسي , ومن كل السنينِ
أخرجي من حياتي كلها , الماضية منها والقادمة
تلك التي جعلتِها حياة بائسة
فأنا أرفض أن أعيش معك ,
أرفض هذا الروتين اليومي القاتل
أرفض أن أكمل التمثيل معكِ , أو أخوض التجربة
أنا لم أعد أهتم بما تنقله نشرات الأخبار عنك
لم أعد أهتم بالطقس في يديكِ , وأخر صيحات الموضة ,
وموجز الأنباء , ولا بأخر ما قالت عيناكِ الكاذبة ,
لا تفكرين فيّا كثيراً , ولا تهتمي في أمري كثيراً ,
ودعيني فإني قد كرهت الحياة معكِ
وكرهت الكلام معكِ , وكرهت الصمت معكِ
فابتعدي , ولا تضغطي عليّا بما تعرفين
واهربي فهذه فرصتكِ الأخيرة , لتبتعدي عني
فقد فتحت لكِ البابَ , هيا أخرجي , طيري ,
انطلقي , فِرّي , حطّي علي جبلٍ أخر , وابني عشاً أخر ..
هذه فرصتك الخيرة كي ترحلي
كسّري قيودي كلها , قيودي الصدئة البالية
واخرجي من حياتي , ولا ترجعي ,
يكفيكِ العبث بمشاعري , فأنت امرأة مستهترة
أنتِ امرأة سافلة , اخرجي مني يا مجرمة
فما عاد لون عينيكِ يشدّني ,
ولا قيودكِ الواهية
فقد حطمتُ كل قيودي
ولم يبق بهذه الأقداح غير أدمعي
فلترحيلي عني ,
ارحلي ,
ارحلي



*******************
بقلم / على حزين / مصر
الأربعاء 10 / 1 / 2018

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى