فاطمة ناعوت - الرعوي.. شعر

كانت تمشي إلى الجبَّانةِ كلَّ يومٍ
تسرقُ زهرتين
من قبرِ الأمِ والشقيق
تغرسهما على شاهدِ الأبِّ
الذي ليس تنمو عليه زهرة
وتعودُ إليَّ
بأكياسِ الخبزِ والبطاطا
لتحرِّقَ أصابعَها في المطبخِ
من جديد.

تكسِرُني و...

مثل جَوْزةٍ
تحملُ مِجسّاتِها ونبضَها وبللَ أجزائِها
وتتهيأُ للحياة.

ترفعُني
مثل توتةٍ تفتحُ مخملَها
وتهبُ عصارتِها لقرويٍّ خشنْ
يحملُ مِعولاً
وسلّةَ خوصْ.

صلدٌ
خشبُ الجوزةِ
رحيقُ التوتةِ
رخوٌ
وبينهما صبيّةٌ
لا تقدر إلا أن تحبَّكَ
ولم تتعلّمْ إلا لونَ عينيكَ
لحظةَ التهجّدْ.

تقولُ لي:
عقدةٌ
تراكمتْ خيوطُها بفعل قساوسةٍ
لم يقرءوا السِّفرَ
فاختصروا الخِباءَ
وأنتِ التي امرأةٌ
لا تُختصَرْ،
وأنا الرعويُّ الذي
امتحانُكِ الصعبُ.

تحت العنبةِ هذه
-المشغولةِ بأوراقها-
سأفكّكُ تشابكاتٍ
وخيوطًا
وبراعمَ
تكاثفتْ حول شرنقتكِ،
فأقولُ:
شرنقتي
يرقاتُ قزٍّ بخّتْها
سنواتٍ،
وعقودًا،
وطلاسمَ
وثمة أشواكٌ في التويجاتْ
فاحذرْ!
فتقولُ:
إصبعي
كلمةُ السِّرْ.

الملمسُ الناعمُ لنحري
الآن بين كفيّكْ
لا يشبهُ الجبلَ الذي
أحملُه في جرّتي
أينما ارتحلتُ،
لكن الجبلَ
يعرفُ كيف ينشقُّ
ولو مرّةً
من أجل وثنيٍّ
يتدرّبُ كل يوم على الإلحادْ
وامرأةٍ
تحملُ أسرارًا كثيرةً
وعذاباتْ
لكنَّ
محلَّ القلبِ
خرزةً زرقاء.



فاطمة ناعوت
أعلى