العربي مفضال….تكسير جدار الصمت.. (17) وافق شن طبقة!

ازداد شعوري بالضيق في تلك الرئاسة الغريبة لهيأة تحرير أنوال، خاصة بعد ظهور مسلكيات لم يكن لنا بها عهد. ومن أمثلة ذلك أن بعض الرفاق الذين كانت لهم مصالح عادية مع إحدى الدوائر الحكومية.. نابوا عن المسؤول الحكومي المعني، واشتكوا إلى الأمين العام ما نشرته أنوال من انتقادات لهذا المسؤول. وكان الأمر يتعلق بإطلاق هذا الأخير العنان لسكرتيرته.. لتتدخل في شؤون تلك الدائرة الحكومية، وفي شؤون أي دائرة كان يتولاها هذا المسؤول. ولم تكن الأفعال التي انتقدناها مثار شك، وقد أكدها أحد مراسلينا الجادين، وأكدها رفيق مهندس يشتغل في الدائرة نفسها ومشهود له بنزاهته، وأكدتها مصادر عائلية. وبالإضافة إلى ذلك، فقد كانت العلاقة بين المسؤول وسكرتيرته حديث العام والخاص بمن في ذلك جيران هذه الأخيرة.
وبعد افتتاح الدورة الأولى لمجلس النواب المنبثق من انتخابات 1993 التي شهدت فضائح يندى لها الجبين، ومنها فضيحة إنجاح الراحل التهامي الخياري، رغم أن أرقام مكاتب التصويت المعلنة كانت في صالح المرشح الاتحادي زريكم.. بعد افتتاح تلك الدورة واعتماد جلال السعيد رئيسا للمجلس، كتبت “وافق شن طبقة”، رابطا بين ما عرفته تلك الانتخابات التشريعية، وبين وضع شخصية مطواعة على رأس ذلك المجلس.
وبعد صدور المقالة، جاءني بعض الرفاق يبلغونني شكوى جلال السعيد ولسان حالهم يكاد لا يخفي تعاطفهم معه.
والطريف في الأمر أن الخندقين اللذين كانا يتصارعان داخل المنظمة، كانا معا مصدر الانتقادات الموجهة إلى أنوال، ورئيس تحريرها بـ”المناصفة”.
في الندوة التي احتضنها مقر وكالة المغرب العربي للأنباء، واستضفنا فيها مراسلي الجريدة المنتشرين في مختلف جهات البلاد، قدمت تقريرا عن أداء أنوال، أبرزت فيه عددا من الإنجازات واستعرضت عددا من النقائص، منها الحضور الضعيف للافتتاحيات، وأرجعت ذلك إلى الوضعية التي كنا نعيشها في المنظمة منذ تجميد قرار اللجنة المركزية حول المشاركة في الانتخابات، والاستعداد لعقد المؤتمر الوطني.
واكتفى المنتقدون بالوقوف عند ما وقف عليه التقرير حول الحضور السياسي والافتتاحيات. لذلك فقد اضطررت، في ختام الندوة، إلى التعقيب مؤكدا أن الرفاق لم يقدموا إلينا في الهيأة ما كنا نتطلع إليه، من مقترحات وبدائل. ومعنى ذلك أن “بضاعتنا ردت إلينا”!
كان الرفاق المتمسكون بصيغة “المناصفة” في رئاسة التحرير يعملون على إقناعي بالاستمرار في هذه المسؤولية “العرجاء” بوضعية المنظمة التي كان يتجاذبها تياران. وبعد انعقاد المؤتمر الوطني الثالث وانفراطه قبل إتمام كافة أشغاله.. كانت حجة الوضعية الخاصة للمنظمة هي الدافع الأساسي لإبقائي في المسؤولية.
ولكن الأمر تغير جملة وتفصيلا بعد انعقاد الشوط الثاني من المؤتمر، وبعد صعود قيادة تنفيذية جديدة (الكتابة الوطنية) كنت عضوا فيها. لم تعد حجة الوضع الخاص للمنظمة مقبولة لاستمرار صيغة “المناصفة” في رئاسة تحرير الجريدة.
لقد استكملت المنظمة مؤتمرها، وأقرت توجيهها، وكرست قيادتها. وآن لها أن تعين رئيس تحرير واضح المسؤوليات، كامل الصلاحيات. ولذلك أكدت لرفاق القيادة أني أنتظر بفارغ الصبر إعفائي من المسؤولية. وأن هذا الإعفاء لن يقلل من مساهمتي في الجريدة، كما برهنت على ذلك في العديد من المحطات.
وتمادت الكتابة الوطنية في التهرب من حسم الموضوع، وواصلت التسويف، المرة تلو الأخرى، وبدأت الانعكاسات السلبية لذلك تؤثر على العلاقات الشخصية. وبعد انتظار طال كثيرا عرضت على الرفاق مهلة شهرين لأرحل عن المسؤولية بعد تمامها، في جميع الأحوال. وذلك ما كان في بداية صيف 1996. وبعد المغادرة مباشرة، أخذت عطلتي السنوية.

إعداد : مصطفى لطفي



أعلى