نهلة كرم - انتقام.. قصة قصيرة

حين خرج لى المارد ذلك اليوم، لم يأتِ على ذهنى أن أطلب منه أموالا أو قصورًا، طلبت منه على الفور أن يحول قلبى لحبل غسيل، ألملم من فوقه كل أحبائى ليلا، وأتركك بمفردك معلقًا بمشبك وحيد مكسور، يُمكنه أن يتركك فى أى لحظة لتسقط، كلما حاولت النوم يُطيّر الفزع من الوقوع النوم من عينك، لتظل طوال الليل تتمنى أن أُدخلك ثانية إلى خزانة قلبى، أليس هذا انتقامًا مناسبًا لإدخالى وإخراجى من قلبك فى الوقت الذى تحب؟ تمسك بريموت، وتفتح لى الباب فجأة فأجلب حقيبة مشاعرى كاملة دون شعور ناقص، أجرجرها بكل ما بها من شغف وشوق ورغبة فى الشعور بالأمان معك وحدك، وبعد أن أستقر تمامًا فى الداخل، تشير بالريموت فجأة فأجد الباب مفتوحًا وبرودك يدفعنى للخارج.
عليك أن تُجرب البرودة والخوف أيضًا بالتعلق طوال الليل بنصف مشبك ينكسر فى النهاية حين يأتى الصباح، فيُمكنك الضوء من رؤية بُعد الأرض من الطابق السابع وتموت مفزوعًا قبل أن تسقط، لا، ليست هذه ميتة تُرضينى، أتمنى أن تسقط عند جارتنا، التى ستجدك مناسبًا لطفلها الصغير، الذى يتسرب بوله دائمًا خارج الحفاظة ليُبللك،
ستشعر بالدفء للحظات قليلة، مثلما كنت أشعر بالدفء حين تسمح لى بالدخول إلى قلبك، وبمجرد أن تستأنس الشعور تحس فجأة بالبرودة حين تضعك جارتنا أسفل المياه لتغسلك وتعيدك مرة أخرى إلى حبل الغسيل والبرد فى الخارج، سأستمتع كثيرًا كلما خرجت إلى الشرفة ووجدتك مُبللا ومنشورًا، وهكذا تقضى حياتك فى رحلة يومية بين البرودة التى تستمر وقتًا طويلاً والأمل فى الدفء الذى لا يأتى سوى لحظات قليلة، مثل تلك التى تمنحها لى حين ترغب فى التأكد من أننى مازلت موجودة لأجلك، وبمجرد أن أمنح لك حقيبة مشاعرى كاملة، أجدها وأجد نفسى فى الخارج.
سألنى المارد إن كنت واثقة من رغبتى فى تحويل قلبى لحبل غسيل، فتذكرت أنك مازلت هنا بداخله كاملا بشحمك ولحمك، وليس كقطعة ثياب يُهلكها كثرة التبول والغسيل، أثارنى هذا النوع من الانتقام وكنت على وشك أن أشير له ليفعلها، لكنى تراجعت عن الفكرة، فالأطفال فى هذا العمر يكبرون بسرعة، والشهر القادم لن يعود يُناسبه قطعة الملابس هذه، وقد تمنحها جارتنا لأخرى حامل ربما تطل شرفتها على النيل، وبدلا من أن أعاقبك أجد نفسى أنزهك فى أماكن لن تكون تحت عينى بها، ويضيع مصيرك بين طفل ربما لن يُسرب كثيرًا مثل ابنة جارتنا، وطفل آخر يحب أن تُجلسه أمه ليشاهد التليفزيون، سأمتعك أيضًا بالأفلام والمسلسلات! ويبدأ خيالى يرسم لك كل صور الاستمتاع بعيدًا عنى، هذا انتقام لى أنا.
تراجعت أخيرًا، وفكرت فى حل لا يجعل لك فرصة للاستمتاع، سأنتهى منك للأبد، سأطلب من المارد أن يحول قلبى لحوض أسماك، لأصطادك من بين من أحببتهم، ثم ألقى بك لتشويك الشمس على مهل، لتستقر فى بطن رجل نحيف، ليس فى معدته متسع كافٍ للقيام بأية رحلة، وما يتبقى من شوكك، تلتقطه قطة وحيدة بائسة، حتى القطط لن تتعارك من أجلك.
أعلى