محمد الدفراوي - حين تخلى عن رابطة عنقه

بدا حزينا يحدق في سقف المطعم الخشبي المتأكل ، مشدوها يفكر في مآزقه ، على شكل حلم يقظة ، على العشاء ألتقاه ، تجبره طاولاته على مشاركة من لا يعرفه ؛ أومأ إليه بالتحية ، رأى نفسه في عينيه الغريبتين ، تخلى عن رابطة عنقه و كثير من محظوراته ، تجاذب معه الحديث في أشياء كثيرة ، لم يكن الحديث عظيما و لا الطعام فاخرا ، ولا يبدو على المطعم أي مظهر أرستقراطي ، نسي في بساطته ما أهمه و أزعجه ، شعر بارتياح عجيب يفتقده ، ارتياح سببه حب الوجود بعدما دفعه التفكير في سر الوجود إلي حافة الانتحار ! كان على سجيته في كل شيء بسيطا مسترسلا لا يتوقف عن بسط ما يعكر صفوه !!
كيف للقاء غير مرتب أن يترك فيه أثرا لا يوصف ، و يمحو كل ما علق بروحه من تأفف و ضجر ؟!
لم يسمع منه توصية مباشرة و لا نصيحة على شاكلة المعلمين ، ورغم ذلك بقي أثره ، و أسهم في تحسين حالته ، أخيرا وجد من يستمع له جيدا ، يجدد بلقائه فكره ، لم يودعه قبل أن ينصح نفسه بأن عليه _ إن رغب في السلامة _ أن يعود إلى المطعم ، مرتديا غير ما اعتاده من غير تأنق ..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى