نزار حسين راشد - امرأة خفيفة الظل.. قصة قصيرة

استعرضتُ لائحة الطعام، ليس فيها ما يثير الشهيةشهيتي للطعام مقفلة، ما أحتاجه هو امرأة، نهمي للنساء ليس شهوة، نزوعٌ روحي، توقٌ إلى الإكتمال، العبور إلى الطرف المقابل، في هذه الغربة الموجعة، المرأة هي المظلة التي أهبط بها من عليائي المُهدّدة، إلى أرض القرار، المعبد الذي سأتلو فيه صلواتي بخشوع، الميناء الذي أرسو عليه، الحضن الذي تتلاشى في أمانه تحديّات الحياة!
يا إلهي! ما الذي أفعله من دون امرأة؟ سآكل نفسي أو أتآكل، أو أحترق، كجثمان هندوسي ميت، على كرسي المطعم البارد، ستأكلني الوحدة، الجميع ينظر إلي بشماتة، أو هكذا خُيّل إلي،لأني بلا رفيقة، ولكنّ قلبي خالٍ من الحسد، تجاه أولئك الذين حظوا برفيقات، فأنا أعرف كم هنّ متطلبات ومتبرمات أولئك النسوة الملتصقات بالرجال، وأنا على خلاف ذلك أريد امرأةً خفيفةً كالظل، دافئة كصدر حمامة وظليلة كشجرة، ببساطة أريد أن أقع في الحُب، فالحُب والحُبّ وحده يحوّل المرأة إلى شهرزاد، أو سندريلا.
في ذلك المطعم الفرنسي البارد،كنت أتأمّل الداخلات والخارجات،أبحث عن ملامح ودودة،عن وجهٍ يؤويني!
ليس إلا الفرنسيات جامدات الملامح،والمغربيّات اللعوبات وأنا لا أريد أيّاً من ذلك!
لاحظت امرأة وحدتي،ربما شعرت بالعطف أو ربما لأن المطعم امتلأ،استأذنت أن تشاركني الطاولة،ابتسمت وهي ترفع إلي عينين ودودتين،وتلطفت في الحديث،وخرجت متأبطة ذراعي،وانتهينا في شقتها ذات الحجرة الواحدة،وعلّقت معتذرة،الأجرة عالية هنا،بالكاد تعثر على شُّقة، تكون محظوظاً جدّاً،خلعت ملابسها ببطء،قطعةً قطعة،واندسّت تحت الملاءة،وأشارت إلي،قبّلتني بعنف،قالت لا أجمل من لقاء الشفتين،وظلّت ملصقة شفتيها بشفتي حتى انتهينا!
أشعلت سيجارة ونظرت إلي بتمعن للمرّة الأولى،أنت صغير السن بعد،أليس كذلك؟للمرة ألاولى نظرت إلى وجهها نظرة فاحصة،الجهد الذي بذلته أبرز الخطوط النحيلة في وجهها من تحت المساحيق،لا بدّ أنها تجاوزت الأربعين،إذا أردت أن تحضر فقط أعطني مكالمة،ودّعتني بقبلة حارة قبل أن أُغادر،لفح الهواء وجهي، شعرت بارتياحٍ كبير،عدت إلى المطعم نفسه،وتناولت وجبتي بشهية كبيرة،ابتسم لي الجرسون وكأنه قد خمّن ما حدث!
نزار حسين راشد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى