محمد الدفراوي - يتلألأ كالقمر..

لم يكن في البهو أحد سوانا ، فالشقتان متقابلتان ، تطلان على الشارع و الحديقة العامة ، اليوم تهطل الأمطار بغزارة تغسل كل شيء ، النوافذ و الحوائط و الأشجار و السيارات المرصوصة ، تملأ الحفر بمائه الندي .
تختال : هل عاد قلبك إلى مكانه ؟!
تبدو كمن فقد شيئا ؟
فمنذ رأيتني مع حبيبي القديم على الطاولة القصوى بالكافيه ، بدا على وجهك الوجل !
يرمقها بنظرات تخترق العظم ، يتأفف ، يخلل أصابعه المتعصبة في شعره القصير ، يشعر بالمرارة و الإحباط : رشاد المتأنق _ كما يسميه اصدقاؤه_ أبو الرشد الأنيق ، يا الله ؟!
كن مباشرا ، و قل ما تود قوله ؟!
هل عدت إلي هذا التافه ثانية ، أم عاد إليك نادما بعد خسارة حبه الطفيلي ، و حلم ارتباطه بفتاة ثرية ؟!
لا يحب أحدا ، أتفهمين ذلك ، رشاد لا يحب أحدا ؟
لم أعد أطيق مجرد ذكر اسمه أو النظر إليه ، فضلا عن أن أراك معه !
تنصت له ، تضم يديه إلى يديها البضتين .
لقد فضحك كلامك هذا أيها العاشق الولهان !
أتدري ؟
لقد عاد اليوم ؛ لكي يعرض علي أن يساعدني لتحقيق حلمي القديم !! أن أسافر إلي أي دولة اسكندنافية ، متقدمة و نظم التعليم فيها هي الأرقى في العالم و الناس هناك لطفاء ، و غاباتها تمنحني الهواء الطلق ! قرأت عنها كثيرا و شاهدت أفلاما وثائقية .
وهي تنظر إليه ، لم أتخل عن حلمي هذا ، لم أفقد أملي في مستقبل أفضل لي ، أنني على يقين من ذلك !
عرف نقطة ضعفي جيدا !
يغيظه كلامها ، فيعاملها بنقص المودة و اللامبالاة .
أقول لك سرا لم تسمعه من قبل :
منذ عرفتك أنت تخليت عن حلمي القديم ،و لن يؤثر على قراري لا هذا و لا غيره ، رأسي كالجدار العازل .. حين كذب على أكثر من مرة ؛ قررت شيئا آخر ..صحيح أن الطموح لا حد له ، لكن على المرء أن يعيش قبل أن يحلم و يتمنى !
ها .. هل عاد قلبك الآن إلى مكانه أم لم يعد بعد ؟!
يتصرف كطفل مدلل ، شعر أنه فهمها كما لم يفهمها من قبل ، يمنحها بنظراته كل ما تحتاج إليه .
لاينبغي للكريم أن يساء له مرتين من الشخص ذاته ، فمنذ عرفتك ، و قد تغيرت ، صار حلمي أن اراك _ أيها العاشق _ كل يوم و كل لحظة !
ماذا تسمي ذلك قل لي بربك ؟!
يتلألا وجهه كالقمر و تشرق جبهته .
يسألها : و لماذا أنا؟
لا أدري !
ربما قدر ، كقدر أول مرة قابلتك فيها منذ سكنت .
يجب أن تبقي معي هكذا !

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى