إبراهيم محمد إبراهيم - مرايا بني العباد.. شعر

كان ألفونسو الصغير يلهو في غابةٍ مليئةٍ بالأشباح،
ولم يكن يهاب إلا زقزقة العصافير
وهو يربّت على جروه الذي تحسبه فوطةً وقعت للتو من شرفة قصره
ولم يخطر ببال ألفونسو أنه سيلتقي بجنيةٍ
وهو يستند على شجرةٍ على نهر إلسا الذي يعتقد أنه ينبع من بين سيقان فتيات جبلٍ بعيد
وأنه في الصيف يفيض باللون الأحمر والجثث ،
لم ينظر إلى الجنية التي قبّلته ،
ربما لأن مؤدبه حذره من غرباء بني العبّاد
فقام ورقص قليلًا أمام كوخ
وقرر أنه حين يكبر يصير غابةً يأكل كل أشجار قشتالة التي كانت تضربه وهو طفل
وأن يبتلع سحابتين كي يخرج البرق من عينيه ...
ولما رأت الجنية ساعديه القويين وهو يصارع أسدًا شعرت بإثارةٍ شديدةٍ فأسرعت ودخلت جسده وداعبت أعضاءه الداخلية..
صار شعر ألفونسو فخًا يصطاد العصافير حين حطت تأكل من رأسه ،
وعباءته نارًا كلما احتضنته محظيات أبيه..
وحين دخل طائرٌ أذنيه صرخ
واختبأ تحت سرير أمه سانشا دون أن تدري ،
فلما جن عليه الليل أفاق ألفونسو على صراخ عشيق أمه وهو ينزف دمًا فظن أن الرب يمنحها سعادته الأبدية ،
وأن عليه أن يُخرِج السرير من بين ضلوعه ليلقيه في حديقة القصر الخلفية مع دميته التي نسيها ،
صار جروه الآن رخًا يأخذه علي جناحيه
ويضرب الجزر البعيدة التي تنبت فتيات بيضاء نهودهن رجراجة ،
ورؤوس عبيد سود ...
خلع ألفونسو الغابة التي علقها على صدره طيلة أعوامه العشرين
وألقى بها لخيول الجنود التي يطير بها ،
يحصد النجوم التي على جبين الرب ليرتديها أثناء جنازته التي لم يشهدها أحد...
مات ألفونسو ستَّ مراتٍ على حشائش تاشفين
بعد أن وزع جسده في طليطلةَ الجديدة ،
خلف سياج من بني العبّاد يعطون الجزية لجنيته التي تخشى زقزقة العصافير ....


إبراهيم محمد إبراهيم



هامش
( كان ملوك الطوائف يدفعون الجزية لألفونسو السادس ملك قشتالة ، رفض المعتمد بن عباد دفعها واستنجد بيوسف بن تاشفين أمير دولة المرابطين الذي وحد الإمارات الإسلامية المتناحرة فيما بينها وانتصروا على ألفونسو السادس.. )

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى