عبد الرحمن مقلد - تقرير من الكهف.. شعر

ترجع نحو الكهف
تأمل أن ينجيك الله
ويصفح
- هذي المرة -
أيضًا
لن تنفعك الفطنة
في ترويض هجومٍ شَرسٍ

عد لرسومك في جدران الكهف
ربَّ تلاقي
من معرفة أولى
من أطياف بداءتك
وإهاب الفطرة
ما يمنحك الآن القدرة..

هشًا
مرتاعًا
مدْمى
تقبعُ مثل خيال الظل
جسدٌ ملقى
ورديمٌ
مأسورٌ في واقعك الحي
لا تقويمٌ مفترضٌ
تهرب فيه
لا أرض أخرى تعمرها
أو تعتمر الجهة العالية
فلا يدركك الخطرُ
تأمل أن ينفرج المأزق
جيش الفيروسات يحاصر
الآفات وهول الطقس عليك اتحدا
أنت وحيدٌ
من يستمع نداءك
ملقى في العتمة
أفلت الحبل الواصل
أغلقت مسار العودة
ليت صراخك ينفع
هذا الليل
وتلك الوُحش اتحدت
واتخذتك على التسلية
نذير الضحك
لكنك مُكْفَرُّ الوجه
وحيد
تنزف
من عليائك تهوي
لا قنبلة بين يديك
ولا طائرة تقصف
لامرئيًا
إن يأتيك فلا تلمحه
موج الفيروسات يحاصر
والسد تهاوى
وأصابعك ابتدعت
عن توليف أذرّة مركبة تهرب فيها
هل تسطيع قيادة حيزوم
فلت عقالك منه
وأفلت حرًا
القوة خارت
هل يمكنك الآن مصارعة
صغير الماموث
أو ترسيم الفزع قبيل هجوم الذئب
أنت اليوم فريس فرائس أمس
أنت صغير
صغر الجرذ الميت
لا فائدة منك
سوى التهويل
ونقش الحسرة
فوق الجُدر
وقتل الغربة
بالتدوين على الحيطان
ورسم عدويك الكثر عليها
الحيطة والحذر انفلتا منك
هل يمكنك
حراثة بَذْر التوت
لتَطْعَم
قطف التين
ولا تلتاع يداك بفعل الشوك
لديك الآن قنابلك النووية
طيارات الشبح
الباليستي
صواريخ توجهها الأقمار
لكنك مبتور الشهوة..
أعضاؤك لا فائدة منها
تفقد أنثاك
ولن تسطيع نكاح الصخرة
لا يمكنك الاستنساس بأقرب قرد
أو تلقيح النطفة بين تويجة عبادة شمس
أو تقليم النخل
وفض بكارة بقعة ضوء
تمنح آمالًا للعودة
إنَّ ذرعيك انفتلا
وانفلت الأخضر فيك وحل الغيظ
انثني الحال
وخَذِيَ القاتل والمقتول
أنت الفأر
المحتوم
الملقى فوق صفيح تجارب ما يفرضه الطبع الحر
وما يرضاه الوحشي بلا ترويض فيك سيحصل
الأرض البكر
الماء الصاخب
أفاعي النيران المتقدة
سيال من ذر
ريحٌ خارجة من أفواه ترعد
كتل الحجر إذا يقذفها الجبل
وتنهار بناياتٌ من هول الحاصلِ
ينفذ فيك الوعد القاسي
وتغزوك طيوف الفيرس
تأكل صدرك
تفرغ من رئتيك
تسد مسامك
تقبع فوقك
تغلق كل مسار للتهوية
فتعْتمُ
ويضيء الخارج
تصبح كتلة ليل
لن تتنفس بعد الآن
لن تنزاح الغمة عنك
وقد أفلت طريقك
مدنك تفنى
وحضارات الـ5 قرون تذهب قبض الريح
بمن تتصل الآن
الرعد أتى والبرق أضاء
ما أعطتك التكنولوجيا
يبعد عنك
هباءٌ
وغبارٌ أتلف ما أوصلت
وما رتبتَ من الآلي
انتفض عليك
وأخلى الساحة بينك فردًا
والفيروس جماعاتٍ
تأخذ منك الشمس الطاقة
تسحب منك الضوء
تحجب سيّالات الدفء
يخلو عقلك
من حيلته
يفقد ترتيبات المنطق
ينسى نُظم الحكم
مساراتِ الهرب
وحيلَ الاستئناس
روض المادة
خلقَ الأمصال
تحكيم العاطفة
شحذ الروحانية
تفقد نظرتك الثاقبة
عينك لا تتبصر خطوًا نحو الخلف
لا تلمح ما يتوالى من أشباح
لا مرئيًا تأتيك
فلا تبصرها
يا ذا النظر المحدود
أين مراقبة الكاميرات
وأين منظاير الرؤية
والباقي من تحصيلك
عيناك عليها اشتد الضوء
فذهب الشوف
وراحت أفعال نبوتك
فراستك انهزمت
وثعابين الكهف تراوغ وتزوغ
لا حاسوب لديك ليضبط قيد الحركات
يعرّف ما تخفيه معادلة الزحف إليك
ومقاس الأرضيات اللازمة
لتنجو من لدغات أفاغٍ
تتبعها غزوات الفيروسات
وهجمات الحمر الوحشية
إذا تنتقم فحولتها وتثأر
للإخوان الأهلية
ينشف صوتك
تأكله الحسرات
أناشيدك
ونشجيك
تنهيدك
لهو الحب
الشدو
حداء الرحلة
وصفيرك تحت الشرفة
يبعد
في الكهف الآن
تضاءلت
وحكم الأقزام عليك
بأن تتخفى خلف الصخرة
وليتوقف فعل الحركة
بعد خمول العضو وراء الآخر
هل تسطيع صعود الجميزة
أو إصلاح الرقصة
إن تبتدئ الآن وأنت وحيد
مقطوع النفس
بلا موسيقى
أو تشكيل مدارات تأخذ فيها
طوقًا طوقًا
تذهل
تغمى وتموت نزيفَ الإيقاع
ويخلص هذا الزمن
أم تقترب من التجربة
وتصنع فلكًا حتى الله
بأن ينهار الدرويش من الرقصات
المحمومة
والأرجحة
ولطم الخد
وعَدّ الآثام:
هذا بعض حصادات الألفية:
نحو المليون عراقي ماتوا
من جراء الزحف الأمريكي إلى بغداد
وأطماع النفط لتملأ عاهرة في لاس فيغاس التنك
عد الآثام:
10 آلاف قتيل طفل تحت رماد الحرب السورية
غير ملايين المطردوين وآلاف المأسورين ومائتي ألف قتيل مدني
3000 إيزيدي في مقبرة واحدة في مقربة من سنجار
أكثر من مائتي غريق قبل رشيد
يأتي ما زال نشيجهم في أصوات البحر
الأطفال المأخذون إلى ميليشيا
الملقون قنابل في أرض اليمن
قتلى الفسفور الحارق في غزة
شواء أفارقة لم يتخذوا الحيطة
من إغواء الرجل الأبيض
إن يعجبه قطعان جاموس بري
في هيئة بشر
وعناق الكنغر في حضن امرأة نجدته
لم تلحقه النار إلى محرقة الغابات
الأمازون
مئات آلاف الجوعى وضحايا البرد
نفوق قرابة مليارٍ من سكان الكوكب ..
قتلى الديكتاتور ..
عد للكهفْ


عبد الرحمن مقلد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى