زكريا الشيخ أحمد - ربعُ سيرةٍ ذاتيةٍ.. شعر

لا شكَ أني جئتُ حينَ ولدتُ
و لكني لا أعرفُ كيفَ ولدْتُ
فلقد ولدتُ و انتهى الأمرُ .
امي كانت تقولُ
أنَّها حينَ كانتْ تأخذُني معها لتزور جيرانَنا في القرية
كانتْ تأخذُ معها حبلاً تربطُ بهِ قدمي
و تقيدني بأثقلِ شيءٍ في كلِّ بيتٍ تزورُهُ
كي تكونَ المساحةُ التي أتحركُ فيها ضئيلةً جداً
و كي تكونَ كلُّ الاشياءِ بعيدةً عنْ متناولِ يدي المدمرتين .
تقولُ أمي أني كنتُ مدمراً و مخرباً
لا نظيرَ لي في قريتِنا و القرى المجاورةِ .
و رغمَ أنَّ ذلكَ الحبلُ اهترأَ تماماً و منذُ زمنٍ بعيدٍ
إلا أني مازلتُ أشعرُ بأنَّ قدميَّ ما زالتا مقيدتين
و ما زالَ ذلكَ الحبلُ يمنعُني
منْ تدميرِ أيّ شيءٍ أو أيّ إنسانٍ .
و تقولُ أمي أيضاً أنّي كنتُ أبكي بحرقةٍ
حينَ يذبحونَ امامي دجاجةً أو خاروفاً .
فهل تتخيلينَ ما الذي كانَ يحدثُ لي و كيفَ كنتُ أبكي
يا أمي حينَ كانتْ دماءُ البشرِ
تسيلُ في شوارعِ ما يسمى بالوطنِ ؟
أفكرُ ملياً أنّه ما منْ فائدةٍ منْ سردِ سيرتي الذاتية
لذلكَ افضلُ التحدثَ عنْ شيءٍ آخر ،
كرصاصةِ الرحمةِ مثلاً
أيعقلُ أنْ نطلقَ على رصاصةٍ تُنهي حياةَ إنسانٍ
رصاصةَ الرحمةِ ؟
فلماذا يطلبُها و يراهاَ الإنسانُ الذي تحتَ التعذيبِ رحمةً ؟
و هلْ منْ يدفعُهُ ليتمناها يستحقُ لقبَ إنسانٍ ؟
أو كالهروبِ من أرضِ الآباءِ و الأجدادِ
أو ما يسمى بالوطنِ مثلاً
أيعقلُ أنْ يجدَ الإنسانُ في الهروبِ من الوطنِ حلاً و نجاةً ؟
و من الذي يجعلُ الهروبَ خلاصاً ؟
  • Like
التفاعلات: فائد البكري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى